< من الأرقام العصية والإحصاءات المحفوظة في الأدراج أعداد العمالة الهاربة أو «المتغيبة» سنوياً، إحدى الصحف أوردت رقماً للعاملات الهاربات نقلاً عن مصدر في «الشؤون الاجتماعية» لم تحدده. 88 ألف عاملة في العام الماضي فقط، استقبلتهم مراكز رعاية العاملات، بالتأكيد أن هذا الرقم الذي يسرب للمرة الأولى لا يعني كل العاملات الهاربات، بل يشير إلى رأس جبل الهرب، الرقم الذي لا نعلمه والمرشح لأن يكون أضعاف هذا الرقم صاحباته يعملن في السوق على قدم وساق، إما بالأجر اليومي أو السنوي. وزرت مركز رعاية الخادمات بالرياض أكثر من مرة وسألت واستمعت للأسباب من وجهة نظر عاملات ووجدت أن فيها تطابقاً إلى حد «التلقين»، والمعنى أن هناك «حالة» عامة تدفع بالعاملات للهرب، من أبرزها السعي لدخل أكبر في وقت أقصر، خصوصاً ولا تجريم يطاول العاملة من هذه الممارسة، وزارة العمل تعتبرها «تغيباً عن العمل»، وتحيل المتضرر إلى المكتب والجميع يعرف النتيجة مع تجار الاستقدام، ومن الواضح أن العزم على الهرب في غالب الحالات مبيت النية منذ ما قبل القدوم إلى المملكة، ولا أشك في أن وراء هذا مافيات وعصابات مسكوت عنها حتى هذه اللحظة. والخبر الذي نشرته الصحيفة أشار إلى دور للشرطة، والواقع أن كثيراً من الهاربات يسلمن أنفسهن لمخافر الشرطة طواعية ولا يجري معهن تحقيق له قيمة وفائدة معلوماتية، أين كن ومع من ومن هربهن؟ بل إجراء ورقي يطلق عليه محضر بهدف إرسالهن إلى دور الشؤون الاجتماعية. ولا تصل العاملة إلى هذه المرحلة إلا بعد أن تكون اكتفت وترغب في السفر على حساب غيرها. وزارة الشؤون الاجتماعية تتحمل عبء تراخي جهات أخرى، منها وزارة العمل والأجهزة الأمنية، هذا التسلل والتهريب الداخلي لا يعامل جنائياً كما يجب وأخطاره لا تحتاج إلى شرح. ومن الحلول أن يعاد النظر في تصنيف هرب العامل والعاملة، وأن تحمي وزارة العمل حقوق الطرفين العامل ورب العمل طوال مدة العقد سنتين لا مدة تجربة لثلاثة أشهر فقط، فهذه الأشهر ليست سوى دورة تدريبية للاستعداد للهرب. إن هذه الظاهرة القديمة خطرة وهي بحاجة إلى التعامل معها أمنياً، وفي قضية العاملة الإرهابية الفيليبينية التي قبض عليها تخيط الأحزمة الناسفة خير دليل، على ما يمكن أن يؤدي له التراخي في مواجهة المهرب والهارب والمشغل، وكل الضرر يقع على المواطن مالياً ونفسياً، وعلى أمن الوطن واقتصاده في ما يتربح الوسطاء في الخارج والداخل. asuwayed@
مشاركة :