انتخابات تشريعية غير واضحة النتائج في ألمانيا تنهي حقبة ميركل

  • 9/24/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يفتح رحيل المستشارة أنجيلا ميركل التي تحكم منذ العام 2005، حقبة سياسية جديدة في ألمانيا، فهذه المرة الأولى منذ عام 1949 التي لا يترشح فيها المستشار إلى الانتخابات، وأيا تكن نتيجة الانتخابات، يتوقع متابعون أن تكون عملية تشكيل الحكومة المقبلة في منتهى التعقيد وقد تمتد لأشهر طويلة بسبب عدم وجود حزب واحد بارز بشكل واضح. برلين - تطوي ألمانيا الأحد صفحة أنجيلا ميركل بعد 16 عاما في الحكم، في انتخابات تشريعية تبقى نتائجها مشرعة أكثر من أي وقت مضى على كل الاحتمالات، ما يُنذر بأشهر طويلة من المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة. وقامت المستشارة الألمانية الخميس بزيارة مفاجئة لدائرتها الانتخابية في مدينة جرايفسفالد شمال شرق البلاد. وخلال جولتها في سوق أسبوعي بالمدينة، قالت ميركل لبائعة ورد ”أردت أن أقول الوداع مرة أخرى”. وسبق ذلك قيام ميركل بالتجول في منطقة المشاة وزيارة محلات بصحبة جيورج جونتر الذي سيخلفها كمرشح مباشر للبرلمان الاتحادي عن الحزب المسيحي الديمقراطي في هذه الدائرة الانتخابية، وبصحبة ميشائل زاك المرشح الرئيسي للحزب المسيحي لانتخابات برلمان ولاية مكلنبورج – فوربومرن. وخلال الجولة أحاط المارة الذين فوجئوا بالزيارة بالمستشارة الألمانية التي توقفت مرارا لالتقاط الصور الذاتية. وانتهزت ميركل الفرصة لتلفت نظر المواطنين إلى جونتر الذي سيخلفها في انتخابات الدائرة للبرلمان الاتحادي حيث أنها لن تخوض سباق الانتخابات مرة أخرى. وكانت ميركل تفوز بشكل دائم بمقعد الدائرة في البرلمان الاتحادي منذ عام 1990، لكن أكبر اقتصاد في أوروبا يواجه حالة من اليقين بسبب عدم الخيارات المفتوحة للحكومة المرتقبة وعدم وجود بارز بشكل واضح. أي أكثرية ستخلف الائتلاف الوسطي بين المحافظين المسيحيين الديمقراطيين في الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي من جهة والحزب الاشتراكي الديمقراطي من جهة أخرى؟ لم يكن يوما الغموض مسيطرا إلى هذه الدرجة في هذا البلد الذي كان معتادا حتى مؤخرا على الثنائية الحزبية. هذه الانتخابات قد توجه ضربة قاسية للمحافظين الذين لطالما كانوا يحصلون على أكثر من 30 في المئة من الأصوات وأدى الاهتمام المتزايد بقضايا المناخ إضافة إلى تبني قسم من السكان موقفا متطرفا بشأن سياسة الهجرة، إلى صعود حزبين آخرين هما حزب الخضر وحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف. وكانت النتيجة تراجع شعبية الحزبين الكبيرين ولاسيما الاتحاد الديمقراطي المسيحي. والخميس احتدم السباق الخاص بالانتخابات مع تقلص تقدم الحزب الديمقراطي الاشتراكي المنتمي ليسار الوسط على المحافظين الذين تنتمي لهم المستشارة إلى أربع نقاط فقط قبل ثلاثة أيام من موعد إجراء الانتخابات الاتحادية. وتصدّر الحزب الاشتراكي الديمقراطي نوايا التصويت في استطلاع للرأي نُشر الثلاثاء، بحصوله على 25 في المئة من الأصوات مقابل 22 في المئة للاتحاد الديمقراطي المسيحي و15 في المئة لحزب الخضر و11 في المئة لحزب البديل من أجل ألمانيا. ويوضح المحلل السياسي كارل رودولف كورتي لوسائل إعلامية أن “استطلاعات الرأي لا تُظهر فائزا واضحا… إذا أخذنا في الاعتبار هامش الخطأ، فهناك في النهاية ثلاثة أحزاب نتائجها متقاربة جدا”. وقد توجّه هذه الانتخابات ضربة قاسية للمحافظين (حزب ميركل) الذين لطالما كانوا يحصلون على أكثر من 30 في المئة من الأصوات أثناء الانتخابات التشريعية. ويواجه زعيم المحافظين أرمين لاشيت الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، صعوبات في السير على خطى المستشارة. وعلى صعيد آخر، يجد لاشيت الذي يترأس منذ عام 2017 حكومة ولاية شمال الراين فستفاليا، المنطقة الأكثر تعدادا للسكان في ألمانيا، صعوبة في إقناع الناخبين حتى في معسكره. اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يخشى الفراغ بعد ميركل في مواجهة التحديات وتراجعت شعبيته إثر الفيضانات الكاسحة التي ضربت غرب البلاد في منتصف يوليو، بعدما ظهر في مقطع فيديو يضحك أثناء خطاب مهمّ للرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير. وقد يتسبب لمعسكره بهزيمة تاريخية ستحرمه من تولي منصب المستشار، وفي السيناريو الأسوأ ستجعله خارج الحكومة المقبلة. في المقابل، يحالف الحظّ الحزب الاشتراكي الديمقراطي. فبعد أن تكبّد انتكاسات انتخابية عدة في السنوات الأخيرة، نجح الحزب في عكس الاتجاه منذ مطلع العام وتنصيب أولاف شولتز مرشحه البالغ 63 عاما، نائبا للمستشارة ووزير مالية. وقاد لاشيت المؤيد للجناح الوسطي للاشتراكيين الديمقراطيين والذي لا يتمتع بكاريزما، حملة انتخابية دون أخطاء، وذهب إلى حدّ تقديم نفسه على أنه الخلف الحقيقي لميركل. ويُتوقع أن يلعب حزب الخضر بقيادة أنالينا بيربوك (40 عاما) دورا رئيسيا في الحكومة المقبلة، رغم أن حلوله في المرتبة الثالثة في نوايا التصويت يشكل خبية أمل بالنسبة إلى أنصاره. ولم تخفِ بيربوك أنها تفضّل ائتلافا مع الاشتراكيين الديمقراطيين لكن حزبها لا يستبعد العمل مع المحافظين، كما سبق أن فعل في بعض المناطق الألمانية. وسبق أن أعلنت كافة الأحزاب رفضها التحالف مع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، لكن حزبا آخر هو الحزب الديمقراطي الحرّ الليبرالي الذي حصل على 12 في المئة من نوايا التصويت، سيتمتع على ما يبدو بتأثير كبير في السلطة المقبلة. ومن الممكن أن يكون أحد أركان ائتلاف ثلاثي مع حزب الخضر والمحافظين أو الاشتراكيين الديمقراطيين. وقد تكون خيارات التحالفات كثيرة جدا وقد تستمرّ المفاوضات لأشهر ستتولى خلالها ميركل ووزراؤها مهام تصريف الأعمال. وقادت المستشارة ألمانيا بمهارة خلال الأزمات التي شهدتها ولاياتها الأربع، من أزمة اليورو إلى وباء كوفيد – 19، مرورا بتدفق اللاجئين السوريين والعراقيين عام 2015. لكن عدد الملفات المطروحة على جدول أعمال الحكومة المقبلة كثيرة، ومنها التأخر الرقمي الذي تعاني منه الإدارة والشركات، الانتقال البيئي، شيخوخة السكان، التفاوتات وتحديد السياسة المتبعة حيال الصين وروسيا. وعام 2017 استغرق الأمر خمسة أشهر لتشكل ألمانيا ائتلافا وتبدأ الحكومة الجديدة العمل.

مشاركة :