لا تخفي الولايات المتحدة والأوروبيون غضبهم إزاء إيران التي لم تقدم أي إشارة واضحة هذا الأسبوع في الأمم المتحدة حول نواياها استئناف المفاوضات لإنقاذ الاتفاق حول ملفها النووي، فيما حذرت واشنطن من تداعيات وصول البرنامج النووي لطهران إلى مرحلة اللاعودة. واشنطن - أكدت إيران الجمعة على لسان وزير خارجيتها، أنها لا تعتزم “الابتعاد” عن المباحثات بشأن إحياء الاتفاق حول برنامجها النووي، في ظل امتعاض غربي من طهران جراء عدم تلقي “إشارة واضحة” حول نيتها استئناف التفاوض المعّلق منذ أشهر. وقال الوزير حسين أمير عبداللهيان "لا نريد الابتعاد عن طاولة المفاوضات (…) سنقوم بالتأكيد باستئناف المفاوضات التي تخدم حقوق أمتنا ومصالحها”، وذلك في لقاء مع وكالة الأنباء الرسمية “إرنا”. وأشار إلى أن حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي تدرس “مقاربات حول مسألة العودة إلى المفاوضات، وسنعود إلى طاولة المفاوضات في أقرب فرصة”. وأتت تصريحات عبداللهيان من نيويورك حيث يترأس وفد بلاده إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انطلقت هذا الأسبوع. وعلى هامش هذه الاجتماعات، لم يخف مسؤولون أميركيون وأوروبيون امتعاضهم لعدم تقديم الجمهورية الإسلامية إشارة واضحة بعد، حول نيتها استئناف المفاوضات لإنقاذ اتفاق العام 2015 الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة “لم نحصل بعد على موافقة إيران على العودة إلى فيينا لمواصلة المحادثات، والسؤال هو معرفة ما إذا كانت إيران مستعدة لذلك ومتى”، مضيفا “ننتظر ردا”. وكان يفترض أن يشكل هذا اللقاء السنوي مناسبة للغربيين لجس نوايا الحكومة الإيرانية الجديدة مع خطاب الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي عبر الفيديو واللقاءات المتعددة في الكواليس مع وزير خارجيته. وأبدى الرئيس الحالي جو بايدن استعداده للعودة إلى الاتفاق ورفع قسم على الأقل من العقوبات التي أعاد الملياردير الجمهوري فرضها على إيران، لكن بشرط أن تعود إيران للالتزام بتعهداتها الواردة في الاتفاق النووي والتي أوقفت العمل بها احتجاجا على الضغط الأميركي. لكن هذه المفاوضات معلقة منذ الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي جرت في يونيو. في المقابل، فإن وزراء الخارجية الفرنسي والألماني والبريطاني وكذلك وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يطرحون على نظيرهم الإيراني شرطا واحدا وهو الاستئناف السريع للمفاوضات. جوزيب بوريل: إيران مستعدة لاستئناف عملية فيينا قريبا، هذا كل شيء وكتب المفاوض الأوروبي إنريكي مورا الخميس في تغريدة “بعد أسبوع الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن العودة إلى الاحترام الكامل” للاتفاق النووي “تبقى أولوية”. بحسب الجميع فإن كل القوى الكبرى التي وقعت على نص 2015 مع طهران وبينها موسكو وبكين “متفقة على ضرورة استئناف المفاوضات في أسرع وقت ممكن من النقطة التي وصلت إليها” في يونيو. وكتب الروسي ميخائيل أوليانوف على تويتر أيضا أن “المفاوضات يجب ألا تبدأ مجددا من الصفر”. لكن هذه الجبهة الموحّدة يرتقب أن تغادر نيويورك خالية الوفاض. وقال مسؤول أميركي كبير رفض الكشف عن اسمه الخميس لوسائل إعلامية “حتى الآن، من الواضح أن ليس هناك أي مؤشر، مؤشر واضح، إلى استعداد إيران للعودة ومحاولة معالجة المسائل العالقة”. وأضاف “لم يحصل شيء يجعلنا أكثر تفاؤلا”. وأكد جوزيب بوريل أن الوزير الإيراني أبدى استعداده لاستئناف عملية فيينا “في موعد قريب”. لكن هذا كان كل شيء. وأوضح مصدر دبلوماسي فرنسي “لا نشعر أن لديهم الرغبة في تسريع الأمور”. وهناك مؤشر مثير للقلق بالنسبة للأوروبيين كما بالنسبة للأميركيين: لقد رفض الإيرانيون عقد الاجتماع الوزاري التقليدي للدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق، والذي ينظم سنويا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي كان الوزير الفرنسي جان إيف لودريان اعتبر أنه شبه أكيد في مطلع الأسبوع. وقال المسؤول الأميركي “نحن مستعدون للتحلي بالصبر لكن مرت ثلاثة أشهر، ومنذ ذلك الحين واصلت إيران تصعيد قوة برنامجها النووي”. من جهة أخرى كرر بلينكن تحذيره قائلا إنه سيكون الوقت قد فات قريبا لإنقاذ الاتفاق، رغم أنه في الوقت الراهن إنذار دون موعد نهائي. وسيتعين على حكومة بايدن بعد ذلك تنفيذ خطة بديلة تحرص على عدم الكشف عنها في هذه المرحلة. وتلفت باربرا سلافين المتخصصة في شؤون إيران في مركز الأبحاث الأميركي “أتلانتيك كاونسل” إن الإيرانيين “يطيلون أمد الاستمتاع” لاسيما لأنهم لم يختاروا مفاوضيهم بعد وهم “يحاولون فهم ما إذا كان بإمكانهم الحصول على أكثر بقليل” مما حصلت عليه الحكومة السابقة. مع ذلك تعتقد سلافين في حديثها لوسائل إعلامية أنه “سيتعين عليهم العودة إلى طاولة المفاوضات” في إشارة إلى الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد. وخلصت بالقول إنهم “بحاجة فعليا لرفع العقوبات”. وخلصت بالقول إنهم “بحاجة فعليا لرفع العقوبات”.
مشاركة :