هل يوجد توافق تركي سعودي مع روسي على سوريا؟

  • 10/27/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يشير بعض الكتاب إلى أن الموقف السعودي والتركي من التدخل الروسي في سوريا وقصفها لمواقع المعارضة السورية، التي تولت تدريبها السعودية وتركيا وقطر، ضعيف وأقل من المستوى المطلوب، سواء في الاستنكار أو التنديد بهذا التدخل، أو في مواجهة الحملة العسكرية الروسية الصليبية للشرق الأوسط، التي وصفتها الكنيسة الروسية الأرثوذكسية بأنها حرب مقدسةٌ صليبيةٌ، ودون استنكار إسلامي رسمي من المراجع الدينية في السعودية أو تركيا، ويرى البعض أن هذا الموقف الضعيف قد يشير إلى تفاهمات روسية مع السعودية وتركيا حول التدخل قبل وقوعه، إما بالتوافق معهما معاً أو منفردين، فقد كانت زيارات واتصالات وزير الخارجية الروسي سرجي لابروف، مكثفة للمنطقة ومعها، ومنها لقاء الدوحة في بداية شهر أيلول/ سبتمبر 2015، وقد التقى مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وبحضور وزير الخراجية الأمريكي جون كيري، وأعلن عقب تلك الاجتماعات البيان الخليجي الأول الذي أعلن عدم إيمانه بالحل السياسي ورفضه للحل العسكري في سوريا، وأن الحل المجمع عليه خليجيًا ودوليًا هو الحل السياسي فقط، الذي لا مكانة لبشار الأسد فيه، مع وجود اختلافات روسية حول هذه المسألة. ومع ذلك فإن وجود هذا التوافق السعودي التركي السعودي حول الحل السياسي وطريقة تنفيذه لا يمكن بناؤه على تحليل موقف السعودية وتركيا من التدخل الروسي، أو درجة معارضته، لأن البيان الدولي الأول الذي صدر حول التدخل الروسي بتاريخ 1-10-2015 قد وقعت عليه سبع دول عربية وغربية، منها السعودية وتركيا وقطر، وكذلك أكد أكثر من مصدر خليجي أنه لم يحصل أي تقارب خليجي روسي حول سوريا، منها ما أكده مستشار حاكم أبوظبي: أنه لم يحدث أي اقتراب بين الموقف الخليجي والروسي تجاه سوريا، وفي الزيارة الرياضية التي قام بها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية إلى روسيا لمتابعة سباقات رياضية فيها، فقد تم فيها لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولا بد أنهما بحثا سبل حل الأزمة السورية، ولكن لم يصدر أي بيان عن تفاهم خليجي مع روسيا على طبيعة الدور العسكري التي تقوم به روسيا في سوريا من خلال قصفها الجوي، فقد ذكرت المصادر السعودية أن الأمير محمد بن سلمان عبر عن: حرص السعودية على تحقيق تطلعات الشعب السوري وموقفها الداعم لحل الأزمة السورية على أساس سلمي وفقا لمقررات مؤتمر جنيف (1)، وبما يكفل إنهاء ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق من مآسي على يد النظام السوري، وتلافي استمرار تداعيات هذه الأزمة على الأمن والاستقرار في المنطقة، وكذلك قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في أكثر من مناسبة بأن السعودية: تفسر هذه العمليات بأنها تحالف مع إيران وحزب الله وبشار، فهي ضمن تحالف مع التحالف الإيراني الارهابي في المنطقة، وليس بتفاهمات سعودية، واكد الجبير: الموقف السعودي هو الإصرار على عدم وجود أي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا والاستمرار في تقديم الدعم للمعارضة السورية المعتدلة، ويأتي في هذا السياق رفض الشيخ تميم أمير قطر القيام بزيارة مقررة مسبقًا إلى موسكو وتأجيلها بتاريخ 18-10-2015. والموقف التركي أكثر رفضاً للتدخل العسكري الروسي، بل ندد أردوغان أكثر من مرة بالموقف الدولي المتخاذل في نصرة الشعب السوري، ووصف التدخل الروسي بأنه تعاون بين روسيا وإيران على تثبت حكم الأسد، بل وصف العمل العسكري بأنه: تمهيد لإقامة كيان علوي ساحلي، ومواقف الحكومة التركية الرفضة للتدخل العسكري الروسي كثيرة جدًا من رئيس الوزراء داود اغلو ووزير الخارجية، وبالأخص بعد انتهاك الطائرات الروسية للحدود التركية. أما ترحيب الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا بشن غارات جوية في سوريا واصفة القتال هناك بأنه معركة مقدسة، فهو في الغالب بتوجيه المخابرات الروسية وبوتين لإسكات المعارضة الروسية داخليًا، بالرغم مما يحمله من مخاطر غير مدروسة من الساسة الروس وفي مقدمتهم بوتين ولابروف، فهذا الموقف الكنسي سينعكس بالضرر على الرئيس الروسي بوتين، كما انعكس تصريح الرئيس الأمريكي جورج بوش بأنه يخوض حربًا صليبية في غزوه للعراق عام 2003، على أمريكا في العراق والعالم، بل جاء انتخاب أوباما لتصحيح هذه الأخطاء الجنونية. إن الخطورة التي يتضمنها تصريح الكنيسة الروسية أشد خطرًا من تصريح جورج بوش السابق، لأن التصريح الأمريكي عارضته كنيسة روما والكنائس الأمريكية والفرنسية، بينما تصريح الكنيسة الروسية لم تستنكره الكنائس الغربية الرسمية، وسكت عنه السياسيون الروس في البداية، بما فيهم بوتين ولابروف، مما سيعود بالضرر عليهم داخل روسيا وخارجها، وكذلك سيعود بالضرر على حلفاء روسيا في الحرب على سوريا، وفي مقدمتهم القيادة الإيرانية الطائفية المتشيعة وعلى رأسهم المرشد خامنئي، الذي جعلته تصريحات الكنيسة الأرثوذكسية الروسية جزءًا من الحرب الصليبية التي تخوضها روسيا ضد المسلمين، وكذلك حامل راية التشيع في الوطن العربي حسن نصرالله، الذي يشارك بمقاتليه في الحرب الصليبية ضد المسلمين في سوريا، فهو يقاتل على الأرض وتحميه طائرات السوخي الروسية، مما جعل مقاتلي حزب الله اللبناني جنودًا صليبيين تباركهم الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وهذه ستكون ذريعة واضحة لدى المعارضة السورية بأنهم جنود مرتزقة أو مرتدين أو خونة مع الحملات الصليبية على بلاد المسلمين. لقد أخطأت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بتبني ومباركة الحرب التي يخوضها الجيش الروسي في سوريا، لأن القتلى من السوريين المسلمين، ولا يفسرها المسلمون في العالم على غير ذلك، ومناصرة المرجعة الدينية المتشيعة في قم وطهران والضاحية الجنوبية أو في بغداد لهذه الحرب الصليبية المقدسة، لا يغير من حالها على أنها حرباً ضد الإسلام والمسلمين، فالقيادة الإيرانية المتشيعة متهمة بذلك منذ 2006 في العراق، عندما بدأ القتل للعراقيين السنة على الهوية، وبعدها نشأت فكرة الدولة الإسلامية التي تقاتل المحتلين الأمريكيين والايرانيين المتشيعين، فهذه الحرب الطائفية التي اختلقتها ايران في العراق أوجدت ردة الفعل في العراق أولاً بإعلان دولة داعش فيها، ولم تتعلم إيران من العراق وكررتها في سوريا ثم في اليمن. إن الجهات التي ترى أن التدخل الروسي جاء بهدف تسريع الحل السياسي في سوريا، هي التي تذهب إلى القول بأن ضعف المعارضة السعودية والتركية للتدخل الروسي، هو بسبب نوع من التوافق والمعرفة المسبقة بأن التدخل الروسي سوف يؤول إلى تغيير سياسي في سوريا يطيح بالرئيس السوري بشار الأسد في نهاية المطاف، لأن روسيا لا تستطيع التخلص من الأسد في المرحلة الأولى، وحتى تصبح قوات الأسد وقوات حزب الله اللبناني وقوات الحرس الثوري الإيراني تحت الهيمنة الروسية بالكامل، وتصبح تتلقى أوامرها من القيادة الروسية مباشرة، وعندها لن يكون لها قرار قيادة المعارك في سوريا، ولا قيادة العملية السياسية، بغض النظر عن موقف إيران أو بشار أو حسن نصرالله حينها، لأنهم سيكونون أدوات وجنودًا للقيادة الروسية، وبالتالي فإن الوجود الروسي سيكون بديلاً للقيادة الإيرانية في سوريا، التي أخذت تتلاشى أو تقتل بعد التدخل الروسي، مع الإشارة إلى أن القيادات العسكرية الإيرانية ومن حزب الله اللبناني التي قتلت بعد التدخل الروسي، كانت أكثر من العدد الذي قتل قبلها، فإما أن روسيا قد وضعتهم في مقدمة المعركة والحملة العسكرية الصليبية، أو أن التخلص منهم كان مقصودًا بعد نفاد الحاجة إليهم. ما يؤيد هذه النظرة أن تصريح وزير الخارجية السعودي الجبير، حيث قال في الأيام الأخيرة: إن سوريا تحت الاحتلال الإيراني، وطالب: برحيل القوات الإيرانية وميليشياتها الطائفية من سوريا، ولم يذكر الاحتلال الروسي، مما يعني أنه قد يكون خطوة تمهيدية مرحلية مؤقتة لقبول الوجود الروسي على حساب الوجود الإيراني الطائفي، لأن الوجود الإيراني يحمل تهديدًا للدول العربية ودول الخليج العربي وتركيا أيضاً، لأسباب طائفية وقومية، فالعرب والأتراك لا يريدون الإيرانيين في سوريا بأي صفة ومهما كانت مهمتها وزمنها، وربما لديهم تقبل للوجود الروسي المؤقت، ولكن دون القضاء على الوجود السني، ولا إضعاف المعارضة السورية المعتدلة والجيش السوري الحر، وهذه الرؤية العربية والتركية لا بد أن روسيا مضطرة إلى قبولها، سواء دخلت إلى سوريا وهي متفاهمة عليها، أو اضطرت إليها بعد ثلاثة أسابيع من تدخلها دون تحقيق نتائج ملموسة كانت متوقعة أن تجنيها روسيا بعد الغزو مباشرة، ويؤيد ذلك الموافقة الروسية بمطالبتها الحوار مع الجيش السوري الحر، بل والدعوة إليه. وأما إحضار بشار الأسد إلى موسكو بتاريخ 21-10-2015، فهو لتسليم مفاتيح دمشق سياسيًا إلى بوتين، وقد جاء هذا الجلب لبشار إلى موسكو مثل السجين بعد أن استلم الجيش الروسي القواعد العسكرية السورية على الساحل السوري، أي بعد احتلال روسيا للساحل السوري الذي كان يسيطر عليه جيش الأسد والحرس الثوري وميليشيات حسن نصرالله، وبالتالي فإن الاحتلال الروسي هو احتلال بديل عن الاحتلال الإيراني، الذي فشل في إنهاء الصراع في سوريا لصالحه خلال ثلاث سنوات، من بداية عام 2012 وحتى تموز 2015، حيث سافر قاسم سليمان في تموز لإبلاغ رسالة من القيادة الإيرانية الخامنئية إلى فلاديمير بوتين والقيادة العسكرية الروسية، بأنها عاجزة عن إتمام مهمتها في سوريا. وإذا صح ذلك لا يمكن تقرير أن ذلك تم بالتوافق مع تركيا والسعودية بقدر ما أنه محاولة روسيا لمعالجة الفشل الإيراني أولاً، واضطرار روسيا للتدخل حتى لا تخسر المعركة في سوريا مع إيران وحلفها الطائفي، وهذا يتطلب أن لا تواصل روسيا قتالها على أساس العقلية الإيرانية الطائفية، وإنما بإيجاد قواعد قتال جديدة ليس للحسم العسكري، وإنما لتكون ممهدة للحل السياسي الذي يرضي الأطراف الدولية روسيا وأمريكا وإسرائيل، والإقليمية العربية والتركية والايرانية، والوطنية السورية بما فيها المعارضة السورية المعتدلة والجيش السوري الحر، وإلا فإن روسيا سوف تدخل حرب تحرير لا هوادة فيها، أي أن الموقف التركي والسعودي والخليجي سوف يدخل مع روسيا في صراع ميداني لا تقوى عليه روسيا عسكريًا، لأنه لن يكون حرباً دولية وإنما حرب تحرير بلاد تحت الاحتلال الروسي، وروسيا وبوتين لديهم تجربة في افغانستان، ولا يتحملها بوتين أصلاً، فروسيا بدأت بالتراجع عن مواقفها من المعارضة السورية من الأيام الأولى للغزو، فكيف إذا واصلت حربها العدوانية الصليبية لأشهر طويلة أو سنوات، فكما لدى روسيا بعض الأوراق التي تتلاعب بها ببشار الأسد، وتحضره مثل الدمية إلى موسكو وتستنطقه بما تريد نشره على وسائل الإعلام الروسية والعالمية، فكذلك هي أمام ضغوط عسكرية ميدانية في سوريا، وضغوط سياسية في روسيا لا تقوى فيها على مواصلة الحرب، كذلك فإن روسيا أمام ضغوط إقليمية للعرب والأتراك والعالم الإسلامي لا تقوى على مواجتها على المدى البعيد، ولا بد أن تستمع إليها وهي راضية أو مكرهة. منقول

مشاركة :