كشفت دراسة حديثة صادرة عن جامعة ييل الأمريكية، ونشرت في دورية نيتشر الطبية، أن هناك أجسام مضادة ذاتية تضرّ الجهاز المناعي وأنسجة في المخ، وأوعية وصفائح دموية، والكبد، والجهاز الهضمي، مؤكدة أن الأجسام المضادة الذاتية تهاجم الجهاز المناعي عند مقاومتها لفيروس كورونا. واكتشف الباحثون “زيادة ملحوظة” في نشاط الأجسام المضادة الذاتية مقارنة بالأشخاص غير المصابين. وكلما زاد عدد الأجسام المضادة الذاتية المكتشفة، زادت شدة مرض المصاب. يقول الدكتور رينغ أحد القائمين على الدراسة “إنها سيف ذو حدين؛ فالأجسام المضادة سلاح ضروري للتصدي للعدوى، لكن بعض مرضى كوفيد-19 يفرزون أجساما مضادة تضرّ خلاياهم وأنسجتهم الشخصية”. بنى الدكتور رينغ دراسته على دراسة سابقة أشرف عليها جان لوران كازانوفا من جامعة روكفيلر في نيويورك. وعكف الدكتور كازانوفا على دراسة الاختلافات الوراثية التي تؤثر على قدرة الشخص على التصدّي للأمراض المعدية لأكثر من 20 عاما. وتسلط هذه الدراسة الضوء على دور الأجسام المضادة الذاتية التي تهاجم بعضًا من البروتينات التي تتولى مهمة التصدي للعدوى الفيروسية وتحول دون تكاثر الفيروس داخل الجسم (وتسمى النوع الأول من الإنترفيرونات). وفي أكتوبر 2020، نقلت دورية ساينس العلمية عن فريق الدكتور كازانوفا اكتشاف أجسام مضادة ذاتية في نحو 10 في المئة من حوالي ألف من مرضى كوفيد ذوي الإصابات الشديدة. ولاحظ الفريق أن حوالي 95 في المئة ممن اكتشفوا أجساما مضادة ذاتية لديهم في تلك العينة كانوا رجالا، وهو ما يفسر أن أغلبية حالات المرض الشديدة بكوفيد تقع لرجال الدكتور كازانوفا اكتشف أدلة قد تساعد في فهم السبب وراء ظهور الإصابات الشديدة بكوفيد لدى كبار السن من الذكور أكثر من غيرهم. وفي الشهر الماضي، كشف الفريق لدورية ساينس إميونولوجي النقاب عن دراسة أجريت على عينة من 3,600 مريض أُدخلوا إلى المستشفى يعانون إصابات شديدة بكوفيد ووجد فريق الباحثين أجساما مضادة ذاتية عوضا عن النوع الأول من الإنترفريونات في دم 18 في المئة من الأشخاص الذين قضوا جراء الإصابة بالمرض. واكتشف الفريق هذه الأجسام المضادة الذاتية لدى أكثر من 20 في المئة من المرضى ذوي الإصابات الشديدة بكوفيد ممن هم فوق سن الثمانين، مقارنة بـ 9.6 في المئة ممن هم دون سن الأربعين. وخلص الدكتور كازانوفا إلى أن البحث أثبت بأدلة دامغة أن “الإعاقة” التي تسببت بها الأجسام المضادة الذاتية هي “عادة ما تكون السبب وراء تهديد كوفيد-19 لحياة المريض” وكشفت دراسات بحثية أخرى عن علاقة بين الأجسام المضادة الذاتية ومرض كوفيد طويل الأمد الذي يستمر حتى بعد طرد الجسم للفيروس. وفي دراسة نُشرت خلال الشهر الجاري بدورية نيتشر كوميونيكيشنز، اكتشف باحثون من جامعة ستانفورد أن واحدا على الأقل بين كل خمسة أشخاص أُدخلوا إلى المستشفى إثر إصابتهم بكوفيد أفرزوا أجساما مضادة في الأسبوع الأول من دخول المستشفى. وأُخذت عينات دم من نحو 50 مريضا، في أيام مختلفة بينها اليوم الأول الذي أُدخلوا فيه إلى المستشفى. وقال بول جاي أوتز، الذي يقود الفريق البحثي بجامعة ستانفورد: “في غضون أسبوع من دخول المرضى للمستشفى، أفرز نحو 20 في المئة منهم أجساما مضادة هاجمت أنسجتهم الذاتية كما لم يحدث لهم من قبل”.
مشاركة :