عاد الحزب الاشتراكي إلى زمن الانتصارات بعد غياب لعب خلاله دور الشريك الثاني مع التحالف المسيحي خلال دورتين انتخابيتين. أولاف شولتس يعلن انتصاره، لكن طريقه إلى مكتب المستشارية ليس معبدا بالورود. من هم صناع الملوك؟ مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني أولاف شولتس أكد أحقية حزبه في تشكيل الحكومة الألمانية المقبلة تحت قيادته. لم تذهب النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية بعيدة عن الاستطلاعات التي أظهرت تقدم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بل أظهرت أن الاشتراكيين حصدوا نتائج أفضل قليلا مما كان متوقعا. مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني أولاف شولتس أكد أحقية حزبه في تشكيل الحكومة الألمانية المقبلة تحت قيادته. وفي أعقاب توقعات نتائج شبه النهائية لانتخابات البرلمان الاتحادي التي جرت اليوم الأحد (26 أيلول/ سبتمبر 2021) أظهرت تقدما طفيفا لصالح الاشتراكيين على حساب تحالف ميركل المسيحي الديمقراطي، قال شولتس: "أنا مسرور وممتن أيضا للغاية على تصويت الناخبين لأن المواطنين قرروا حصول الحزب الاشتراكي على تكليف بتشكيل الحكومة". وأضاف شولتس أن المواطنين أظهروا بانتخابهم أنهم يريدون "مني أن أحاول تشكيل الحكومة" مشيرا إلى أنه يشعر بأنه ملتزم بهذا وأردف: "لدينا نسب قبول جيدة ورأينا ودعم الحزب الاشتراكي آخذ في الارتفاع بينما ينخفض الدعم للتحالف المسيحي وهذه إشارة واضحة بعث بها الناخبون". ونوه شولتس إلى أن المواطنين يتمنون الآن قيادة جديدة ورأى أنه يجب التمهل مبدئيا فيما يتعلق بخيارات الائتلافات حتى يتم فرز كل الأصوات. شولتس طالب بأن يتم البدء على الفور في محاولة تشكيل الحكومة بعد فرز الأصوات، وقال إن كل الأطراف عليهم أن يتقابلوا معا "على قدم المساواة". وفي إشارة إلى انسحاب الحزب الديمقراطي الحر من مفاوضات تشكيل ائتلاف ثلاثي مع تحالف ميركل وحزب الخضر بعد انتخابات عام 2017، قال شولتس إنه لا ينبغي أن تتم مفاوضات الائتلاف كما حدث قبل أربعة أعوام عندما فشل تشكيل الحكومة "إذ أنه يجب أن تتعامل الأطراف مع بعضها البعض بشكل نزيه". أنالينا بيربوك، مرشحة الخضر، كانت متقدمة في استطلاعات الرأي لكن الاخطاء المتكررة كبدتها الكثير . "أقوى" كتلة برلمانية كما أظهر استقراء جديد أجرته القناة الأولى بالتلفزيون الألماني مساء اليوم الأحد أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيمتلك أقوى كتلة في البرلمان الألماني المقبل. وحسب الاستقراء، فإن الحزب الاشتراكي سيحصل على 200 مقعد في البرلمان متفوقا لأول مرة على تحالف المستشارة انغيلا ميركل المسيحي الذي سيحصل على 198 مقعدا. وسيتملك الخضر ثالث أقوى كتلة في البرلمان بعد الاشتراكيين والمسيحيين بـ113 مقعدا. واستند الاستقراء إلى توقع بأن إجمالي عدد مقاعد البرلمان المقبل سيصل إلى 730 مقعدا. رغم النتائج التي تظهر تقدم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فإن هذا لا يعني مباشرة قدرته على تشكيل حكومة، لا وحده ولا في حال الدخول مع تحالف مع حزب الخضر، الشريك في فترة المستشار غيرهارد شرويدر، الذي كان قد دخل في ائتلاف مع حزب الخضر نهاية التسعينات. إذ أن على الحزب الاشتراكي الدخول في ائتلاف حكومي ثلاثي مكون من حزبه، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، أو ما يطلق ائتلاف "أمبل" أي إشارة المرور، أحمر، أصفر وأخضر. السيناريو الثاني الذي يتمكن من خلاله الحزب الاشتراكي في تشكيل الحكومة لم يعد واردا، بسبب ضعف نتائج حزب اليسار الذي في حال دخوله مع الاشتراكيين والخضر فإنه الائتلاف لن يشكل غالبية تمكنه من تشكيل حكومة. بقي رئيس الحزب الديمقراطي الحر، كريستيان ليندنر محافظا على إرسال رسائل مختلفة إلى الحزب الاشتراكي وكذلك للشريك التاريخي، التحالف المسيحي صانع الملوك حتى بعد ظهور النتائج الأولية، بقي رئيس الحزب الديمقراطي الحر ، كريستيان ليندنر، محافظا على إرسال رسائل مختلفة إلى الحزب الاشتراكي وكذلك للشريك التاريخي، التحالف المسيحي، إذ ألمح في حوار جمعه مع المرشحين وزعماء الأحزاب أجرته القناة الثانية الألمانية ZDF أن حزبه قريب في برنامجه الانتخابي من التحالف المسيحي، لكنه لن يستبعد التحالف مع الآخرين، وحتى الحوار مع حزب الخضر، رغم الخلافات في الرؤيا السياسية تجاه قضايا كثيرة. أما الاحتمال الثالث فيعني العودة إلى الائتلاف الحكومي الكبير المكون من الاشتراكيين والمحافظين، مع تغيير المقاعد ليصبح شولتس المستشار، ولاشيت الرقم الثاني الائتلاف. لكن هذا سيعتمد على النتائج النهائية وعلى رغبة الحزبيين الكبيرين في العودة من جديد إلى ائتلاف كبير ، رغم أن النتائج أظهرت أن الناخب الألماني اختار التغيير بعد فترتين حكم فيها ألمانيا ائتلاف مكون من الحزبين. المرشحون وقادة الاحزاب بعد إعلاق صناديق الاقتراع، غالبا ما يبدأ الغزل بين الأحزاب في مثل هذه الحوارات بعد ظهور النتائج الأولية لتشكيل الحكومة القادمة. المرتاح والقلق شولتس بدا مرتاحا خلال طاولة حوار استضافته مع المتنافسين الآخرين مساء الأحد، فهو المنتصر الذي أعاد إلى حزبه الاشتراكي نشوة الانتصارات، بعكس ذلك بدا مرشح التحالف المسيحي أرمين لاشيت الذي حصد حزبه هزيمة تاريخية، قلقا، لكنه بدأ بمغازلة حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر. إذ أن احتمال تشكيل ائتلاف حكومي من التحالف المسيحي والخضر والحزب الديمقراطي الحر وارد جدا في حال فشل أولاف شولتس في إرضاء الخضر والأحرار. حتى ماركوس زودر، زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، الشقيق الأصغر في التحالف المسيحي أعلن عن تأييده لتشكيل ائتلاف اتحادي بقيادة المحافظين مع الخضر والحزب الديمقراطي الحر المؤيد لقطاع الأعمال. وقال زودر: "نحن نؤمن إيمانا راسخا بفكرة تحالف جامايكا"، في إشارة إلى العلم الوطني الذي ستشكله ألوان الأحزاب التي تشكل ألوان علم دولة جامايكا . وأوضح أن الاتحاد المسيحي الاجتماعي منفتح على مثل هذه المحادثات، إلى جانب حزبه الشقيق، الحزب المسيحي الديمقراطي، مضيفا أنه لن يكون من السهل تحقيقه. دعوة زعيم الحزب الديمقراطي الحر، ليندنر حزب الخضر للحوار أولا، الذي يختلف معه في كثير من الملفات يرسل إشارة إلى الحزبين الكبيرين، أن الحزبين الأصغر في أحزاب الوسط من يقرران من سيدخل مكتب المستشارية. الاشتراكيون الديموقراطيون والمحافظون في الاتحاد المسيحي الديموقراطي يأملون بالتمكن "قبل عيد الميلاد" من تشكيل ائتلاف حكومي جديد. أرمين لاشيت قال إن "ألمانيا تتولى رئاسة مجموعة السبع في 2022"، فيما اعتبر خصمه أولاف شولتس أن "علينا القيام بما في وسعنا ليكون ذلك ممكنا قبل عيد الميلاد". عباس الخشالي/خ.س (د ب ا، أ ف ب)
مشاركة :