شهدت العاصمة التونسية الأحد تظاهرة مساندة لإجراءات الرئيس قيس سعيّد الاستثنائية ووقفة احتجاجية رافضة لما يصفونه بـ"الانقلاب"، شارك فيها العشرات من أنصار حركة النهضة وقوى سياسية أخرى. وذكرت وكالة رويترز أن حوالي ثلاثة آلاف متظاهر شاركوا في تظاهرة الأحد، وذلك في ظل وجود مكثف للشرطة، فيما خرج المئات من المتظاهرين في وقفة احتجاجية أخرى مؤيدة لقرارات سعيّد وكانوا يدعونه إلى حل البرلمان بشكل نهائي. وقال محمد عمار، النائب عن التيار الديمقراطي في البرلمان المعلقة أشغاله، خلال حضوره في الوقفة الاحتجاجية المساندة للإجراءات الرئاسية ليومي الخامس والعشرين من يوليو والثاني والعشرين من سبتمبر، "عن أي دكتاتورية تتحدثون والشوارع مفتوحة للمختلفين". واعتبر عمار أن فسح المجال وفتح الشوارع للمختلفين إنما من مظاهر الديمقراطية، لافتا النظر إلى أن هذه المظاهر غابت في عهد الائتلاف الحاكم، حيث تمت عسكرة الشوارع وساحة باردو من الجهات الأربع، وفق تعبيره. وأشار في تصريح لإذاعة "شمس أف.أم" الخاصة إلى أن "أغلب الديمقراطيين كانوا يقرون بوجود هنات في دستور 2014، وأن وجود 3 رئاسات لا يخدم البلاد". ولا يزال سعيّد يحظى بدعم واسع من التونسيين الذين يقولون إنهم سئموا الفساد وضعف الخدمات العامة، وإن رئيس البلاد يداه نظيفتان من السرقات واستغلال السلطة. ولم يحدد سعيّد بعد أي إطار زمني لتخليه عن السلطات التي سيطر عليها، لكنه قال إنه سيشكل لجنة للمساعدة في صياغة تعديلات لدستور 2014، وإقامة ديمقراطية حقيقية يتمتع فيها الشعب بسيادة حقيقية. وفي الجانب الآخر من شارع الحبيب بورقيبة، الذي شكل نقطة محورية في المظاهرات التي أنهت حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في الرابع عشر من يناير 2011، ردد المتظاهرون المناوئون لسعيّد هتافات من قبيل "الشعب يريد سقوط الانقلاب". وقال القيادي في حزب حركة النهضة الإسلامية والنائب في البرلمان المجمد الصحبي عتيق، وسط المحتجين في الشارع، "نعتبر الدستور لا يزال قائما وقد صادق عليه 200 صوت (من بين 217) في المجلس التأسيسي، ونال إشادة دولية وهو يعبر عن إرادة الشعب وحصل حوله توافق وطني، ليس من المنطق إلغاؤه بجرة قلم". وتابع عتيق "نحن الآن في حكم ملكي فردي غير دستوري يقوده قيس سعيّد، نحن نواجه الانقلاب بما استطعنا وندعم أي حوار وطني لإعادة الدستور والشرعية، ومن ثم ندعم أي إصلاحات أو تغييرات لكن في ظل الشرعية الدستورية". وبحسب المعارضين لإجراءات سعيّد، فقد هددت الأزمة المكاسب الديمقراطية التي حققها التونسيون في ثورة 2011، التي أطلقت شرارة احتجاجات "الربيع العربي" وأبطأت أيضا الجهود المبذولة لمعالجة تهديد عاجل للمالية العامة، مما أثار قلق المستثمرين. وقال سعيّد، وهو أستاذ قانون دستوري متقاعد، بعد استخدامه المادة 80 من الدستور لإعلان التدابير الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، إنه اتخذ هذه الخطوات لإنقاذ الدولة من خطر داهم والتصدي للفساد ولتلبية إرادة الشعب. وتعهد سعيّد بأن يحافظ على الحريات والحقوق التي ضمنها الدستور، مؤكدا أنه يريد الدفاع عن حقوق الشعب ولا يسعى ليكون دكتاتورا. وكان سعيّد قد فرض إجراءات استثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي بموجب الفصل 80 من الدستور التونسي، والتي جمد بموجبها عمل البرلمان وعلق العمل بالدستور وأقال رئيس الحكومة وعددا من الوزراء ورفع الحصانة عن النواب، مما أدى إلى اعتقال ومحاكمة بعضهم. وأصدر الأربعاء تدابير "استثنائية" أصبحت بمقتضاها الحكومة مسؤولة أمامه، فيما يتولى بنفسه إصدار التشريعات عوضا عن البرلمان، ما اعتبره خبراء تمهيدا لتغيير النظام السياسي في البلاد بدلا من البرلماني الذي نص عليه دستور 2014. وعمقت الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيّد حالة الانقسام داخل حركة النهضة الإسلامية، إذ استقال أكثر من مئة من مسؤوليها البارزين، من بينهم نواب ووزراء سابقون، السبت احتجاجا على أداء القيادة. وأعلن محمد القوماني، القيادي بحركة النهضة، السبت استقالته من رئاسة لجنة الحركة لإدارة الأزمة السياسية في البلاد، مبررا ذلك بأن "السياقين الوطني والحزبي، ينهيان فعليا مهمة اللجنة". والجمعة حذر الاتحاد العام التونسي للشغل من مخاطر حصر السلطات في يد الرئيس سعيّد، وقال إن احتكاره لتعديل الدستور والقانون الانتخابي "خطر على الديمقراطية".
مشاركة :