في مزرعة سمكية ضخمة في حقل مفتوح شاسع به عشرات الأحواض ذات المساحات المختلفة، كان الصيادون ينشرون شباكهم لجمع أسماك البلطي النيلي وفرزها على أساس الحجم ثم إعادة الصغار منها إلى الأحواض لاستكمال دورة نموها. وتنتمي الأحواض البحثية إلى المعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية الذي يقع في محافظة الشرقية شمال شرق مصر ويتبع مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة. ولا يساعد المعمل فقط في دفع مجال الاستزراع السمكي من خلال الأبحاث والدراسات التي يجريها في أحواضه البحثية، بل إنه يعزز أيضا إنتاج مصر من الأسماك من خلال الأحواض الإنتاجية التابعة له، والتي تبلغ حوالي 160 حوضا كبيرا تمتد على مساحة تقارب 1200 فدان، أي أكثر من 5 كيلو مترات مربعة. وقالت الدكتورة أميرة الحنفي مديرة المعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية "إن المعمل يساهم في زيادة إنتاج مصر من الثروة السمكية من خلال البحوث التطبيقية التي لها مردود اقتصادي". وأضافت مديرة المعمل لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن من ضمن البحوث التي يجريها باحثو المعمل لزيادة الإنتاج هي إيجاد أنواع أرخص وأكثر فعالية من أعلاف الأسماك، لأنه "طبعا من المعروف أن العلف والتغذية في المزارع السمكية هي التي تزيد التكلفة". وتابعت أن باحثي المعمل يساعدون أيضا في إيجاد سلالات جديدة من الأسماك ذات النمو السريع ومعدلات التكاثر العالية والتي تخدم أيضا زيادة الإنتاج الكلي للثروة السمكية في مصر. وأوضحت أن "إجمالي إنتاج مصر من الثروة السمكية عموما يبلغ 2.2 مليون طن سنويا، 80 بالمائة منه يتم إنتاجه من خلال الاستزراع السمكي". وتوجد حوالي 40 حوضا صغيرا تقل مساحة كل منها عن الفدان الواحد (4200 متر مربع) مخصصة بشكل أساسي للأغراض البحثية ويمكن استخدامها في التحضين والإنتاج أيضا بجانب الأحواض الإنتاجية الرئيسية الكبيرة التي يبلغ عددها 160 حوضا وتبلغ مساحة كل منها حوالي 7 أفدنة، بحسب الدكتور حامد محمد حامد مدير المزرعة الإنتاجية ورئيس قسم بحوث الإرشاد والتدريب بالمعمل. وقال مدير المزرعة الإنتاجية "نحن الآن نقوم بصيد الزرّيعة (صغار السمك) التي يتراوح وزن كل منها بين 25 و 30 جراما، ثم نقوم بنقلها إلى الأحواض الإنتاجية لاستكمال فترة الإنتاج الخاصة بها". من جهته، أشار الدكتور أسامة عبد الرحمن صالح رئيس قسم بحوث صحة الأسماك ورعايتها إلى أن المعمل يقوم بتأجير جميع الأحواض الإنتاجية الكبيرة البالغ عددها 160 للمستثمرين لاستخدام العائد في البحث والتطوير بينما ما تزال الأحواض تابعة للمعمل في النهاية. وقال صالح لـ((شينخوا)) داخل المزرعة، "نحن نقدم للمستثمرين الدعم الفني ونساعدهم إذا احتاجوا إلى أي استشارة سواء كانت تتعلق بتجهيز الأحواض أو الري أو الصرف أو الاستزراع أو غير ذلك". ولفت إلى أن الأحواض الإنتاجية تنتج ما بين 4 إلى 5 أطنان في الموسم الواحد الذي يمتد في الفترة ما بين شهري أبريل ونوفمبر من كل عام. وأوضح أن أغلب الإنتاج يكون من سمك البلطي النيلي ،"لأنه ينمو بسرعة ويتحمل الظروف البيئية وهو أكثر الأسماك شعبية في مصر". وفي أحد أركان المزرعة بجوار الأحواض البحثية توجد صوبة متعددة الأغراض بها 28 حوض تحضين خرساني صغيرا وتستخدم الصوبة حاليا كمفرخ لتزويد المعمل بزريعة وإصبعيات البلطي النيلي ليتم نقلها لاحقا إلى أحواض الإنتاج للاستزراع. وفي الجهة المقابلة للمزرعة يقع المبنى الإداري والمختبرات الخاصة بأقسام البحوث المختلفة داخل المعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية. ومن بين المختبرات الموجودة بالمبنى هناك وحدة للتحليل والدراسات، ومعملان للتكنولوجيا الحيوية والفحص المجهري والأنسجة، وآخر لتحليل جودة المياه والأعلاف وغيرها، بالإضافة إلى قاعة مؤتمرات ومسكن مؤقت. وكان الدكتور عماد السيد أبو ساطي، وهو خبير استزراع وتفريخ الأسماك ومتابعة جودة المياه، يعمل على بعض العينات في معمل تحليل جودة المياه والأعلاف الذي صمم لاختبار جودة المياه سواء من خلال العينات المأخوذة إلى المعمل أو التي يتم تحليلها في المزرعة. وقال الباحث الشاب لـ((شينخوا)) داخل المعمل، "عندما يشتكي المزارع من مشكلة ما، نأخذ عينة من المياه وأخرى من التربة من الأحواض الإنتاجية الخاصة به لاختبارها وإيجاد المشكلة ومساعدته في الحل". وتحصل مصر على 80 في المائة من إنتاجها السمكي من خلال المزارع، حيث افتتحت في السنوات الأخيرة سلسلة مزارع ضخمة مثل المدينة السمكية الصناعية "غليون" بكفر الشيخ شمال القاهرة والتي تعد أكبر مزرعة للاستزراع السمكي في أفريقيا والشرق الأوسط. ومن بين هذه المزارع أيضا مشروع الفيروز للاستزراع السمكي في بورسعيد شمال شرق القاهرة فضلا عن المزارع السمكية بقناة السويس.
مشاركة :