قوبلت دعوة أطلقتها شخصيات عراقية خلال مؤتمر عقد في مدينة أربيل شمالي البلاد، للتطبيع مع إسرائيل، بموجة رفض وإدانة واسعة في العراق. وعقد المؤتمر مساء الجمعة ودعا خلاله أكثر من 300 شخصية عراقية من السنة والشيعة من محافظات بغداد والموصل والأنبار وبابل وصلاح الدين وديالى، إلى تطبيع العلاقات بين العراق وإسرائيل. وقال الشيخ وسام الحردان أحد شيوخ العشائر بمحافظة الانبار في بيان قرأه بالمؤتمر، "نطالب بالنظام الفيدرالي على الصعيد المحلي في العراق، وبانضمامنا إلى اتفاقيات ابراهيم على الصعيد العالمي وكما نصت هذه الاتفاقيات على إقامة علاقات كاملة بين الأطراف الموقعة ودولة إسرائيل". وأضاف "نطالب بالتطبيع وبسياسات جديدة تقوم على العلاقات المدنية ونتطلع شوقا للترحيب بأطياف جديدة وأصدقاء وإلى بناء علاقات متينة تقوم على المحبة والألفة والتكامل في مجتمعنا". وردت الرئاسات الثلاث في العراق (رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان) على ذلك مشددة على رفضها للتطبيع مع إسرائيل. ولا يقيم العراق علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ووفقا للقانون ممنوع على العراقيين السفر إليها. وأكدت الرئاسة العراقية في بيان "موقف العراق الثابت والداعم للقضية الفلسطينية وتنفيذ الحقوق المشروعة الكاملة للشعب الفلسطيني"، وجددت "رفض العراق القاطع لمسألة التطبيع مع إسرائيل"، داعية إلى "احترام إرادة العراقيين وقرارهم الوطني المستقل". وقالت الرئاسة في بيانها إن "الاجتماع الأخير الذي عقد للترويج لهذا المفهوم لا يمثل أهالي وسكان المدن العراقية، بل يمثل مواقف من شارك به فقط". واعتبرت أن المؤتمر "محاولة لتأجيج الوضع العام واستهداف السلم الأهلي"، داعية إلى الابتعاد عن "الترويج لمفاهيم مرفوضة وطنيا وقانونيا، وتمس مشاعر العراقيين". كما أصدرت الحكومة العراقية بيانا عبرت فيه عن رفضها "القاطع" للاجتماعات "غير القانونية" التي عقدتها بعض الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة أربيل من خلال "رفع شعار التطبيع مع إسرائيل". وقالت الحكومة في بيانها، "إن طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستوريا وقانونيا وسياسيا في الدولة العراقية". وشددت على أن "هذه الاجتماعات لا تمثل أهالي وسكان المدن العراقية العزيزة التي تحاول هذه الشخصيات بيأس الحديث باسم سكانها، وأنها تمثل مواقف من شارك بها فقط". ووصفت هذه الاجتماعات بأنها "محاولة للتشويش على الوضع العام وإحياء النبرة الطائفية المقيتة في ظل استعداد كل مدن العراق لخوض انتخابات نزيهة عادلة ومبكرة" في أكتوبر المقبل. بدوره، أعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي رفضه القاطع للتطبيع، داعيا إلى محاسبة المطالبين به. وقال الحلبوسي في تغريدة على تويتر إن "موقفنا الرافض لما يسمى التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يتغير باجتماع ثلة من الأفاقين والمأجورين الذين حاولوا عبثا تشويه موقف العراق الحازم والحاسم والمشرف من القضية الفلسطينية". وتابع "لذلك يتطلب الأمر اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة لإخراس هذه الأصوات النشاز ومحاسبة كل من تسول له نفسه المساس بثوابتنا الوطنية وقضايا الأمة العادلة". فيما طالب رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر أربيل بمنع هذه الاجتماعات التي وصفها بـ "الإرهابية الصهيونية". وقال الصدر في تغريدة على تويتر "على أربيل منع مثل هذه الاجتماعات الإرهابية الصهيونية، وإلا فعلى الحكومة تجريم واعتقال كل المجتمعين". وأكد الصدر أن "العراق عصي على التطبيع"، داعيا أنصاره إلى انتظار الأمر منه للتعامل مع المشاركين في المؤتمر. وأعرب رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي في تغريدة على تويتر، عن رفضه وإدانته للدعوات المطالبة بالتطبيع مع إسرائيل فيما رفض ديوان الوقف السني في بيان ما أسماها بـ "الدعوات المشؤومة التي تريد انخراط المجتمع العراقي ضمن مخطط الكيان الصهيوني". وقال تحالف الفتح الذي يتزعمه القيادي بالحشد الشعبي هادي العامري في بيان، إن "عقد اجتماع في أربيل للتطبيع مع الكيان الصهيوني يعد عملا إجراميا وفقا للقانون العراقي النافذ ويعد كل الذين أعدوا وشاركوا في هذا الاجتماع خونة، يجب محاكمتهم وإنزال أقصى العقوبات بحقهم". من جانبها، رفضت عشيرة الحردان (احدى عشائر محافظة الانبار السنية) التي ينتمي اليها وسام الحردان الذي قرأ بيان المؤتمر، التطبيع مع إسرائيل، مؤكدة أن رأي وسام يمثله هو فقط. وقال الشيخ احسان الحردان، أحد شيوخ العشيرة في بيان، إن "عائلة الحردان ليس لديها علم بما تضمنه المؤتمر الذي عقد أمس في أربيل تحت عنوان (السلام والاسترداد)، ولا علاقة لها بالتصريحات المؤيدة للتطبيع مع الكيان الصهيوني". وأضاف أن "ما صدر عن الشيخ وسام الحردان يمثل رأيه الشخصي ولا يمثل عائلته أو حتى عشيرة الحردان التي لطالما قدمت التضحيات من أجل العراق وحفظ سيادته". وأكد أن عشيرة الحردان تساند القضية الفلسطينية "كونها قضية العرب الرئيسية ولن تقبل أبدا بأن يتم التطبيع مع الكيان الصهيوني". بموازاة ذلك، أعلن محافظ الانبار علي فرحان الدليمي في بيان، أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ومقاضاة من أسماهم بـ "مروجي الفتن". بدورها، أكدت السلطات الكردية في اقليم كردستان العراق، أن اجتماع "السلام والاسترداد" الذي عقد في أربيل أمس، أقيم "دون علم وموافقة" حكومة الاقليم. وقالت وزارة داخلية الإقليم في بيان إن "المؤتمر أقيم دون علم وموافقة حكومة إقليم كردستان، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة انعقاد الاجتماع المذكور". وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد رحب في بيان صادر عن مكتبه أمس بالدعوات العراقية للانضمام إلى "اتفاقيات إبراهام" مع إسرائيل، معتبرا أن "الحدث في العراق يبعث الأمل بأماكن لم نفكر فيها من قبل". وتوصلت إسرائيل في العام الماضي إلى اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع أربع دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
مشاركة :