يبدو أن التوتر بين المغرب والجزائر لن يعرف الهدوء قريبا بسبب قضية الصحراء الغربية. فقد عاد وزير الخارجية الجزائري للمطالبة وأمام الأمم المتحدة هذه المرة بحق "الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، الأمر الذي ترفضه الرباط. لطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، خصوصا على خلفية ملف الصحراء الغربية طالب وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الإثنين (27 سبتمبر/أيلول 2021) أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنح الشعب الصحراوي "حق تقرير مصيره"، منددا بما وصفه "تعنّت" المغرب في تسوية النزاع في الصحراء الغربية. وقال لعمامرة إن "تنظيم استفتاء حر ونزيه لتمكين هذا الشعب الأبي من تقرير مصيره وتحديد مستقبله السياسي، لا يمكن أن يظل إلى الأبد رهينة لتعنت دولة محتلة أخفقت مرارا وتكرارا في الوفاء بالتزاماتها الدولية ". وبعدما جدد وزير الخارجية الجزائري التركيز على أهمية ما سبق أن أصدره مجلس الأمن الدولي من قرارات وكذلك محكمة العدل الدولية، اعتبر أن النزاع في الصحراء الغربية هو "قضية تصفية استعمار لا يمكن أن تجد طريقها للحل إلا عبر تفعيل مبدأ تقرير المصير". وشدّد لعمامرة على أن "حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره حتمي وثابت وغير قابل للتقادم"، وقال إن بلاده "تسعى دوما بصفتها بلدا جارا ومراقبا للعملية السياسية، لتكون على الدوام مصدرا للسلم والأمن والاستقرار في جوارها". بالمقابل، كان دبلوماسي مغربي كبير قد أيد في وقت سابق الدعوات المطالبة بتقرير المصير لمنطقة القبائل الجزائرية، وهو ما وصفته الجزائر بأنه تدخل غير مقبول في شؤونها الداخلية. وتتهم الجزائر الرباط بدعم "حركة تقرير مصير منطقة القبائل" التي يُطلق عليها "الماك" ، وهي جماعة انفصالية تصنفها الحكومة منظمة إرهابية، كما تتهمها هي وجماعة إسلامية تدعى تنظيم "رشاد" بإشعال حرائق الغابات المدمرة التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى. قطع العلاقات وفي نهاية آب/أغسطس قطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضدها، في قرار اعتبرت الرباط أنه "غير مبرر". وفي 22 أيلول/سبتمبر قرّرت الجزائر أن تغلق "فورا" مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية. ولطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، خصوصا على خلفية ملف الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "بوليساريو" التي تطالب باستقلال الإقليم. وتطالب "بوليساريو" التي أعلنت عام 1976 قيام "الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية"، بتنظيم استفتاء لتقرير المصير أقرته الأمم المتحدة تزامنا مع إبرام وقف لإطلاق النار بين طرفي النزاع عام 1991. وباءت كل محاولات حلّ النزاع بالفشل حتى الآن. ومنذ استقالة هورست كوهلر، آخر مبعوث للأمم المتحدة، في العام 2019 توقفت المفاوضات الرباعية التي تضم المغرب وبوليساريو والجزائر وموريتانيا. وفي منتصف أيلول/سبتمبر الحالي أعلن سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال أن المملكة وافقت على تعيين الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستافان دي ميستورا مبعوثا خاصا جديدا للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية. إلا أن أي قرار رسمي بتعيينه في المنصب لم يصدر بعد. وكان العاهل المغربي محمد السادس قد عبر مرارا في خطاباتها عن الرغبة في فتح الحدود مع الجارة الجزائر وعرض عليها المساعدة في إخماد النيران التي ضربت مناطق عديدة في الجزائر مؤخرا غير أن الجزائر لم تستجب وأقدمت على إجراءات أكثر تصعيدا مثل قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المغربي. هـ.د/ خ.س (أ ف ب، رويترز)
مشاركة :