صحافتنا.. ووضع لا يحتاج إلى وصافين!!

  • 9/28/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

معانٍ واضحة يمكن أن نستخلصها من هذا الذي أثير مؤخرًا حول وضع الصحافة والصحفيين، وأهمية هذا الذي أثير أنه جاء هذه المرة على لسان معنيين بهذا الوضع ومن من أرباب الصحافة وممن ينطبق عليهم القول «وشهد شاهد من أهلها»، كان بمقدورهم أن يوفروا على أنفسهم عناء هذه الشهادات، او هذه الاعترافات بحقيقة الوضع الصحفي الراهن المعقد والشائك والمؤلم الذي لم يكن بحاجة الى أزمة كورونا حتى تعاني ما تعاني منه اليوم، وهذه حقيقة لا يحتاج تأكيدها إلى براهين فهي كثيرة، متتالية، متراكمة، وواضحة بصورة كاسحة ولا تحتاج الى وصافين، ولأن الوضع بات كذلك والانهيار يقرع الأبواب ويثير الهواجس والمخاوف، فالمطلوب بشدة التوقف ووضع اليد على الجرح..!! نعم الحقيقة واضحة للقريب والبعيد على حد سواء، وقائمة الهموم والمشاكل تنتظر البحث والنظر من جانب أرباب الصحافة والمنخرطين فيها والمعنيين بأمرها والمسؤولين عنها، ومن يحكم ويتحكم في مسارها، وبات هذا الوضع يتطلب من كل تلك الأطراف وقفة جادة وحازمة وصارمة لتجاوز هذا الوضع المعقد الذي لا يحتمل التأويل ولا التأخير، ولا التهوين لعلها تستطيع اذا كانت هناك ثمة جدية من انتشال الصحافة الورقية من الانهيار الذى تعانيه، مع التأكيد بأن ملف وضع صحافتنا طرح مرارًا في وقت سابق، وعليه لابد من القول إنه أصبح لزامًا على المعنيين بأمر هذا الملف من وقفة جادة وحازمة وصارمة..! أمامنا ثلاث شهادات قالها أصحابها خلال لقاءات مع رئيس وأعضاء مجلس الإدارة الجديد لجمعية الصحفيين، الأولى لرئيس تحرير أخبار الخليج أنور عبدالرحمن الذي أقر وبمنتهى الصراحة، وكأنه يدق جرس إنذار بأن الصحافة البحرينية تعيش أسوأ أيامها من كل النواحي، وأن المؤسسات الصحفية تعيش حالة من الصراع التجاري غير المهني وغير العادل فيما بينها، وأن بعض الصحف تعيش اليوم حرب إعلانات صريحة تدمر الوضع المالي للصحف لمواجهة الظروف الاقتصادية التي تمر بها، الرجل يمضي ويلفت الانتباه بتحذيره من أن استمرارية هذا الوضع سيؤدي إلى عدم قدرة هذه المؤسسات على المواصلة واضطرارها إلى الإغلاق إذا لم تكن هناك جهود ملموسة لحلحلة المشاكل التي تواجهها خاصة في ظل إفرازات جائحة كورونا التي ألقت بضلالها على السوق الإعلاني والصحفي، وبشكل عام على أوضاع الصحف والصحفيين الذين باتوا عرضة إلى ما يربكهم ويقلقهم ويهددهم بالانضمام إلى طابور البطالة. أمامنا ايضًا شهادتان عزفتا على الوتر ذاته، عبرتا عن الهاجس نفسه، الهموم نفسها، حالة القلق نفسها، الأولى من رئيس مجلس إدارة صحيفة البلاد عبدالنبي الشعلة، والثانية للرئيس التنفيذي لصحيفة الوطن إبراهيم الحسيني، وما أورداه من إشارات هي الأخرى معبرة عن توجس لما آل اليه وضع الصحافة، وتناولا المعوقات والتحديات ذاتها التي تواجه الصحافة البحرينية، وإن كان التركيز في اللقاءات المذكورة كان على الجانب الإعلاني لأهميته البالغة وانعكاساته على الوضع الصحفي، إلا أن الوضع الصحفي العام لا يتصل فقط بوضع السوق الإعلاني والمنافسة المحتدمة فيه وما أدت إليه من خرق لأسعار الإعلانات، رغم كل محاولات ضبط هذا السوق وإنعاشه، الموضوع له وجه آخر، بل أكثر من وجه، كل له أهميته، كلها معروفة وطرحت في أكثر من مناسبة على بساط البحث والتداول بصورة أو بأخرى. من جملة ما تعانيه صحافتنا أن هناك من يصر على نقل خانة الصحافة إلى خانة الوظيفة، تنشر ما يرد إليها إلى درجة أنها تكاد أن تصبح، بل أصبحت وانتهى الأمر نشرات يومية كما قال أحد الزملاء، ويضاف إلى ذلك ما تعانيه الصحافة فيما يتعلق بالعلاقة مع الجهات الرسمية وبتعامل بعض المسؤولين معها الذين يريدون أن تكون الصحف مطيعة لهم ملبية لرغباتهم ومنفذة لأوامرهم وتنشر ما يريدونه، لا ما تريده الصحافة، بل ويفرضون عليها حالة انغلاق وحصار معلوماتي، هذا إلى جانب أن هناك تأثيرات تتصل بمساحة الحرية، وتأثير المواقع الإلكترونية والتحولات التي أحدثها الإعلام الإلكتروني على مستوى العالم في فضاء مفتوح ومجاني مما جعل من الإقبال على الصحافة الورقية يتضاءل بكل اندفاع..! لا نريد أن نُحمل جمعية الصحفيين ما هو فوق طاقتها ونزعم أنها قادرة على التصدي لهذا الملف والتعاطي معه بكل جوانبه ومع ما يدور في الكواليس وكل ما يشكل ضغطًا على وضع الصحافة الورقية والصحفيين، أو يهدد مصيرها في ظل الأزمات الاقتصادية والأوضاع المالية، حتى وإن كان رئيس مجلس إدارة الجمعية عيسى الشايجي قد وعد «بالتحرك قدر الإمكان لبحث تلك الجوانب التي تمثل قواسم مشتركة بين جميع الصحف وبالتالي تتطلب جهودًا مشتركة»، وبدأ بترتيب عقد لقاء للمسؤولين عن الإعلانات بالصحف المحلية، وأخيرًا لقاء مع وزير الإعلام الذي لحظه أنه خلال اللقاء أكد على «اتساع آفاق الحريات الصحفية والإعلامية المسؤولة». ذلك لا يمنع القول إن ملف الصحافة برمته بالغ الصعوبة والتعقيد، وربما يمكن أن يكون لجمعية الصحفيين دور محوري فى الترتيب لمثل هذه اللقاءات والاجتماعات ومحاولة تقريب وجهات النظر فيما بين كل الأطراف المعنية، سعيًا إلى وضع النقاط على الحروف، وتسمية الأشياء بأسمائها وبشكل يمكن من بلورة رؤية وآليات تدفع إلى بداية ما، أو تحرك يضع حدًا للإشكاليات والمشكلات التي تواجهها الصحافة وصولاً إلى الحلول اللازمة التي تمضي بها في الاتجاه الصحيح قبل أن تطبع وتغرق ولا نجد من ينقذها، إن تمكنت الجمعية من فعل ذلك وجعلت هذا الملف على طاولة البحث الجدي والصريح والمسؤول وحركت مياه راكدة في ملف الصحافة فإنه سيكون إنجازًا مهمًا يحسب لها. لا أظن - رغم أن بعض الظن إثم - أن الطريق مسدودًا، هو مفتوح فقط إذا كانت هناك إرادة حقيقية لتجاوز هذا الوضع، ولن يكون هناك معنى لأي محاولة للنهوض بواقع صحافتنا والتصدي لما يخلخل قاعدتها، ويعيق مسيرتها إذا لم تكن هناك نية مبيتة وعزيمة فعلية للقيام بتلك المهمة من جانب كل المعنيين بأمر الصحافة، وسيكون من المدهش، والمحزن، والمبكي، والمقلق أن يبقى الحال على ما هو عليه إن لم يكن أسوأ، ونظل في حالة هروب غير مجدٍ إلى الأمام، لذا سنظل نكرر أن المطلوب حقًا وفعلاً أن ننتصر لصحافتنا ولكرامة المهنة ولحريتها والانتقال بها اإى وضع ثابت وآمن وراسخ ومطمئن، مع فهم العلاقة بين الصحافة الورقية والإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وبحث ما يقتضيه ذلك. الأولويات والمتطلبات لتحقيق هدف النهوض بواقع صحافتنا لن نجادل فيها فهي معروفة للجميع، المهم، بل بالغ الأهمية ألا يكون هذا الهدف ميؤوس منه أو أضغاث أحلام أو نسير ولكن بلا خطوة إلى الأمام..!!

مشاركة :