تابعت كغيري حكاية راكب الليموزين الذي اعتدى لفظيا ونفسيا على السائق السعودي بسبب اختلافهما المذهبي ثم رصدت ردود الأفعال عبر أكثر من (هاش تاق) تناول ذات الموضوع فحضر السؤال ملحّاً في ذهني: ماهيّة علاقتنا ك(زبائن) بمقدم الخدمة، وإلى أي مدى يمكن أن تمتد أو تقف هذه العلاقة؟ دعونا في البدء نقلْ وبكل صراحة بأننا لم نولِ هذا الجانب السلوكي اهتماما أثناء تربية بناتنا/أولادنا رغم أهميته القصوى، وسأورد بعض الأمثلة من المآزق التي يقع فيها البعض لأنه ببساطة لا يعرف حدود حُرياته الشخصية في العلاقة مع الآخر. موظف الاستقبال في الفنادق خارج الوطن غالباً من النساء ومطلوب منهن حُسن استقبال الضيف (هكذا يسمونه) ومن ذلك الابتسام والبشاشة وقول اللطيف من الكلام وعبارات الترحيب. البعض يظن أن هذا السلوك من الموظفة يعني التقرب والتودد فيرسم في خياله صورا لا واقع لها ويُحدد شكل العلاقة حسب تلك التصورات فيقع في المآزق. ويقاس هذا المثل على أماكن عمل مختلفة يكون الطرف الآخر فيها امرأة. المثل الثاني وهو الشائع يحدث سواء في الداخل أو الخارج مع سائق التاكسي ويتمثل في الانفتاح الكامل معه من قبل الراكب حيث يبدأ في الحديث عن أمور شخصية بحتة، ويبوح له بمعلومات وقد يطلب من السائق طلبات شخصية لا علاقة لها بعمله ربما توقعه في ورطات وقضايا جنائية مع أن المفترض في هذه العلاقة المصلحية العابرة أن يلتزم كل طرف حدوده ويكون الحديث فقط في إطار المنفعة كالعنوان المطلوب والثمن الذي يفترض أن يُحدده عداد الأجرة. في مثل هذه العلاقات المصلحية العابرة المُجرّدة من عمق العلاقة الإنسانية يفترض خلق مسافة بين الأطراف تضمن التمتع بالحريات الشخصية لكل طرف وهذا يتطلب أن يعي الفرد بأن رفض التدخل في شؤونه ومنها اللوم أو توجيه النصيحة بسبب ما يُمارسه من سلوك تسمح به القوانين ولا يتعارض مع الأعراف يفترض ألا يسمح لنفسه ذات الفعل فلا يتدخل في شؤون الآخرين ولا نصحهم. إن الإحساس بالمسؤولية واحترام مشاعر الآخرين نمط سلوكي يفترض غرسه في وجدانات أطفالنا إذا رغبنا في بناء جيل سوي يتمتع بأخلاق فاضلة. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net
مشاركة :