دعت الأمم المتحدة مجدداً، أمس، إلى إجراء تحقيق مستقل وحيادي وشفاف في تفجير مرفأ بيروت. وبعد قرار تعليق التحقيق للمرة الثانية، قالت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان: إنه لا بد من تحقيق العدالة، والسماح لعائلات ضحايا التفجير بمعرفة الحقيقة. وكان المحقق العدلي طارق بيطار علق تحقيقه في قضية انفجار مرفأ بيروت، لحين بت القضاء بدعوى تقدّم بها الوزير السابق نهاد المشنوق يطلب فيها نقل القضية إلى قاضٍ آخر. وجاءت الخطوة بعد قيام النخبة السياسية اللبنانية بحملة تشويه ضد القاضي طارق بيطار، الذي عُين لقيادة التحقيق، بعد توجيه اتهامات مماثلة لسلفه من جانب سياسيين أراد استجوابهم بشبهة الإهمال. وأبدى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أمله في أن يستمر بيطار في منصبه قائلاً: «إن لبنان لا يتحمل إقالة قاضٍ ثانٍ بعد أن أدت الدعوى إلى تجميد التحقيق في انتظار صدور حكم قضائي». من جانبه، أعلن سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف، مواصلة دعم لبنان، خصوصاً في قطاعات الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية والتربية. وأكد طراف، عقب لقاء ميقاتي أمس، ضرورة إجراء الحكومة اللبنانية مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي. وقال طراف: «من جهتنا، سنواصل دعمنا للبنان، وبشكل خاص في القضايا المتصلة بقطاعات الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية والتربية»، واصفاً لقاءه الأول مع ميقاتي بـ«الجيد والبنّاء». وأضاف: «ناقشنا جملة مسائل يجب معالجتها، وتشاركنا منحى التوجّه للاهتمام بالأولويات الملحّة المتصلة بالأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان، وما يجب القيام به من أجل إخراجه منها، وقد جرى التوافق على أن العنصر الأكثر أهمية لتحقيق ذلك هو الدخول في مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي لمعالجة هذه المسائل». وتابع: «ناقشنا أيضاً أهمية إجراء الاستحقاقات الانتخابية في موعدها المحدد في العام المقبل، وكذلك ما يمكن القيام به لمعالجة المشكلات المتعلقة بقطاع الكهرباء». وقال: «نعلم أن تطبيق ما تمت مناقشته لن يحصل على الفور، وكان من المشجع جداً أن نرى أن رئيس الوزراء ميقاتي يسعى لإحراز تقدم في المسائل التي ناقشناها». إلى ذلك، أكد ميقاتي، أمس، أن زيارة سوريا والتعامل معها مرهون بعدم تعرض لبنان لأي عقوبات، مشيراً إلى أنه لن يسمح بتعريض بلاده لأي مخاطر. وقال ميقاتي: «لا يمكن أن أعرض لبنان لأي عقوبات من جراء أي علاقة مع أي شخص كان، أنا همي لبنان، وإذا كانت الزيارات لا تنطبق عليها أي عقوبات لا مانع بتاتاً من زيارة سوريا والتعامل معها، أما إذا كانت ستعرض لبنان لأي مخاطر لا يمكن أن أسمح بذلك». وأوضح أن «قانون قيصر لا يفرض حصاراً على لبنان، وهو مخصص لمن يتعامل أو يتعاطى مع الحكومة السورية». ورداً على سؤال حول سفره إلى الخارج، أجاب ميقاتي: «جاءتني دعوات من بعض الدول العربية، ولكن بانتظار أن أنهي بعض الأمور الداخلية، ومن ثم أتوجه إلى الدول العربية». وعن إجراء الانتخابات، قال ميقاتي: «نحن سلطة تنفيذية لدينا واجبات دستورية بإجراء الانتخابات النيابية، وسوف نجريها بحسب القوانين النافذة، وأوكد وجود نية صادقة وأكيدة لإجراء الانتخابات النيابية». وبشأن موضوع الكهرباء، قال ميقاتي: «سوف تكون هناك مناقصة شفافة، وسوف نستدعي الشركات المؤهلة لذلك، ولن نقوم بالخصخصة قبل أن نستعيد عافيتنا». وأعرب ميقاتي عن أسفه إزاء ما يحصل مع قاضي التحقيق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، طارق بيطار، الذي علق أمس تحقيقاته. وقال ميقاتي: «لا يجوز أن يتغير القاضي مرة جديدة، لأن التحقيق سيفقد مصداقيته، وأتمنى على القاضي بيطار أن يكون ملتزماً بالدستور». وفي هذه الأثناء، يعتزم ميقاتي عقد اجتماع مع شركة «لازارد» للاستشارات المالية، قريباً، لبحث كيفية تطوير خطة إنعاش مالي، لتكون أكثر واقعية في سبيل إخراج لبنان من أزمته. وأضاف: إن لبنان سيكون محظوظاً للغاية إذا تمكن من التوصل إلى إطار لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بحلول نهاية العام. وتولى ميقاتي منصبه هذا الشهر، واضعاً نصب عينيه إحياء المحادثات مع الصندوق. وساعدت لازارد الحكومة السابقة في وضع خطة إنقاذ مالي حددت الخسائر في القطاع المالي بواقع 90 مليار دولار. لكن الخطة أُلغيت بسبب اعتراضات البنوك، التي قالت: إنها جعلتها تتحمل الكثير من فاتورة الانهيار، بالإضافة إلى معارضة البنك المركزي والنخبة السياسية الحاكمة التي أدخلت لبنان في أزمته.
مشاركة :