الجداريات الفنية تزيّن وجوه المدن المغربية

  • 9/29/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فن الغرافيتي الحديث يزيّن جدران الشوارع ويجدّد وجوه المدن ويزيّنها، فتسرّ الزائر والمتساكنين كما في العديد من المدن المغربية، لكن البعض لا يعطي لهذا الفن اهتماما فيمحو أو يطمس الصور التي أبدعها فنانون. يشبّه رسام الجداريات عمر الهمزي الرسم في الفضاء العمومي بـ”رياضة تعلم الإنصات إلى الناس”، وهو واحد من الفنانين الذين اختاروا جدران المباني للتعبير عن أنفسهم، ما غير وجوه مدن مغربية عدة كالرباط والدار البيضاء في السنوات الأخيرة. وتعاني هذه الجداريات من بعض الإهمال والمحو من قبل البعض من مالكي العمارات والبلديات رغم ما تلاقيه من إعجاب من قبل جل المغاربة. وترافق هذه اللوحات الضخمة المنتصبة على الجدران المارة في عدد من شوارع العاصمة وأزقّتها، وتتنوع مضامينها بين تصوير مشاهد من الحياة اليومية أو مخلوقات عجائبية من وحي الخيال. واحتضنت الرباط أخيراً فنانين مغاربة وأجانب من مبدعي الجداريات شاركوا في الدورة السادسة لمهرجان “جدار” المتخصص في هذا النوع من فنون الشارع. اقرأ أيضا: "جدار".. مهرجان لفن الشارع يحول جدران الرباط إلى مرسم تجريبي ويجهز عمر الملقب بـ”بعبع” عدته من فرش الصباغة ويختار ألوانه بحماسة في الصباح الباكر ليغطي بياض جدار إحدى مباني حي يعقوب المنصور الشعبي بالرباط، ببزّة رياضية وصدرية صفراء. ويقول الفنان الشاب (25 عاما) “لم أكن لأتخيل نفسي أرسم جداريات في الفضاء العمومي عندما تخرجت من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة” بمدينة تطوان في 2018. وكان بدأ رسم أولى الجداريات في مدينة أغادير مسقط رأسه (جنوب) قبل أربعة أعوام. وفي حي آخر بالرباط تواصل الفنانة إيمان دروبي، مغطية رأسها بقبعة، رسم بورتريه واقعي لصانعة تقليدية على جدار مدرسة عمومية. وتقول الشابة البالغة 36 عاما التي دخلت هي الأخرى عالم الجداريات عن طريق المصادفة إن “تحويل حائط أبيض إلى لوحة فنية أمر مثير”. لكنها تنوه إلى أن التعبير في الفضاء العمومي “يظل صعبا خصوصا بالنسبة إلى النساء اللواتي يضطررن إلى بذل مجهود مضاعف لفرض أنفسهن”. وبدأت بوادر هذا الفن الحضري في المغرب مطلع سنوات الألفين بالدار البيضاء، وفي العام 2013 أطلقت جمعية “التربية الفنية والثقافية” مهرجان “صباغة باغة” (الصباغة تريد) المتخصص في فن الغرافيتي. ويقول مديره الفني صلاح ملولي “كان الأمر صعباً جداً في البداية، إذ يتطلب الرسم على الجدران تنظيما خاصا بخلاف الغرافيتي مثلا”. ويضيف ملولي الذي يتولى أيضا الإدارة الفنية لمهرجان “جدار” بالرباط “لم يكن رسم الجداريات في الفضاء العمومي أمرا مريحا في البداية، حيث كان الفنانون يواجهون مخاوف، لكنها تلاشت الآن”. وأثار المشروع اهتمام مؤسسات ثقافية عامة وخاصة عملت على نقل التجربة إلى مدن أخرى كالرباط ومراكش وأغادير، أومناطق نائية. لكن هذا الإقبال تواجهه أحيانا اعتراضات تتمثل في طمس جداريات من طرف مالكي المباني أو السلطات العمومية في بعض الحالات، كما حدث أخيراً في طنجة (شمال) حيث تم مسح بورتريه يخلد ذكرى الفنانة الفوتوغرافية الراحلة ليلي علوي. وأثار الأمر استياء وضجة في وسائل إعلام محلية ومواقع التواصل الاجتماعي انتهت بتراجع السلطات عن القرار، ليعاد رسم بورتريه الفنانة التي كانت لقيت حتفها في هجوم إرهابي العام 2016 ببوركينا فاسو. وفي الدار البيضاء يرتبط طمس الجداريات أساسا برغبة مالكي المباني في تأجير الجدران لشركات إعلانات ما يدر عليهم أرباحا، على ما يقول ملولي متأسفا على “غزو الجداريات الإشهارية للفضاء العمومي ما يعقد عملنا”. وبسبب ذلك طمست لوحتان للرسام الإيطالي الشهير ميلو في 2018 و2020 في العاصمة الاقتصادية للمملكة. لكن هذه العقبة لا تؤثر في عزيمة فناني الشارع، بحسب ملولي الذي يقول “هذه ضريبة التعبير في الفضاء العمومي وعلينا تقبلها”. من جهته يفضل الهمزي النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، معربا عن سعادته “بتعلم التحدث إلى الناس والإنصات إليهم بفضل العمل في الشارع”. وتصور أعماله في الغالب مشاهد سوريالية لشخصيات من ألعاب الفيديو ما يغير رتابة الفضاء العمومي.

مشاركة :