زين خليل/الأناضول أثار خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أمام الأمم المتحدة موجة غير مسبوقة من الانتقادات في الإعلام العبري، الذي اعتبره خطابا "غريبا" في توقيت "بائس" كان يمكن أن يدلي به من مكتبه لولا رغبته في الشعور بأنه رئيس وزراء. ولأول مرة منذ توليه مهام منصبه، ألقى بينيت، الإثنين، خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تطرق فيه للملف النووي الإيراني وجائحة كورونا والوضع السياسي الداخلي في إسرائيل وملف التطبيع، دون كلمة واحدة عن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. إرضاء الذات قناة "كان" الرسمية قالت، الثلاثاء، إن بينيت كان يمكن أن يلقي الخطاب من إسرائيل لكنه ربما أراد أن يذهب إلى نيويورك فقط "ليخطب" كي يشعر أنه رئيس وزراء. واختار العديد من رؤساء العالم، إلقاء خطابات مسجلة، أو عبر الفيديو، وعدم الحضور إلى نيويورك، بسبب القيود الصحية المفروضة للوقاية من جائحة فيروس كورونا. وقالت "غيلا كوهين" المعلقة السياسية للقناة في تحليل لها: "ربما تكون هذه هي القصة بأكملها: يركز نفتالي بينيت الآن على الحفاظ على العلامة التجارية (رئيس الوزراء نفتالي بينيت)". وأضافت: "لذلك أجرى مقابلات مع القنوات التلفزيونية الثلاثة (قناة "كان" و"12" و"13" في 14 من الشهر الجاري)، لذلك اختار أن يلقي خطابا في الأمم المتحدة عندما يمكنه أيضا الاكتفاء بخطاب من المنزل، ولذلك أيضا اختار المشاركة في مؤتمرات دولية أخرى في المستقبل على جدول الأعمال". وذّكرت "كوهين" بأن أمام بينيت عامين كحد أقصى كرئيس وزراء، وسيصبح بعدها وزيرا. ووفق الاتفاق الائتلافي، الذي شُكلت على أساسه الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي منحها الكنيست (البرلمان) الثقة في 13 يونيو/حزيران الماضي، سيتناوب وزير الخارجية زعيم حزب "هناك مستقبل"، على منصب رئيس الوزراء مع بينيت الذي بدأ المهمة أولا. توقيت بائس من جانبها، قالت القناة (12) الإسرائيلية (خاصة)، إن خطاب بينيت في الأمم المتحدة كان "غريبا" في توقيت" بائس". وقال المحلل السياسي أفيف بوشينسكي: "كانت جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة خالية تقريبا من الحضور، ربما بسبب قيود كورونا، أو لأنه خطب على هامش الاجتماعات، وربما بسبب وقت الخطاب الذي كان في التاسعة صباحا بتوقيت الولايات المتحدة". وأشار إلى أن شبكات التلفزة الرئيسية مثل "سي إن إن" و"فوكس نيوز"، واصلت برامجها المعتادة، ولم تقطع بثها احتفاء برئيس الوزراء الإسرائيلي. و أضاف: "قبل أن نتحدث عن المحتوى، يجب على نفتالي بينيت أن يسأل نفسه- في هذه الظروف الإشكالية، هل كان عليه حقا عبور المحيط من أجل هذا (الخطاب)". وتابع: "كل هذا لإقناعنا هنا وإقناعهم هناك. من المشكوك فيه أن يكون الجميع مقتنعين، الشك الأكبر في أن يكونوا قد أنصتوا لخطابه أصلا". محنة إستراتيجية صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية (خاصة)، اختارت التركيز على ما أورده بينيت خلال خطابه بشأن الملف النووي الإيراني. وقال المحلل المخضرم بالصحيفة "رون بن يشاي" إن خطاب بينيت فيما يخص إيران أظهر أكثر من أي شيء آخر المحنة الاستراتيجية التي تعيشها إسرائيل حاليا في أعقاب التقدم السريع للبرنامج النووي الإيراني وفي ظل تغيير الحكومة في طهران. وأضاف: "استغل بينيت منصة الأمم المتحدة لتوجيه دعوة شبه يائسة للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في محاولة لدفعهم إلى تشديد موقفهم تجاه إيران بشكل كبير". وقال إن "محنة حكومة بينيت، التي تم التعبير عنها في خطابه تنبع من حقيقة أن إسرائيل - في الوقت الحالي - ليس لديها خيار عسكري تقليدي فعال وموثوق به يمكن أن تستخدمه بمفردها لإحباط نوايا إيران النووية وبثمن معقول". ومضى "بن يشاي": "لا تحتاج إسرائيل فقط إلى إحباط قدرة إيران على حيازة قدرة نووية عسكرية، ولكن أيضا إلى منعها من إعادة بناء تلك القدرة لسنوات". وأضاف مستدركا: "لسوء الحظ، بناء على ما تم نشره (بما في ذلك مقالات لرئيسي الوزراء السابقين إيهود باراك وإيهود أولمرت)، يمكن تقدير أنه إذا تم تفعيل خيارات الهجوم المستقل المتاحة حاليا في الترسانة الإسرائيلية، فقد تكون الفعالية غير كاملة وسندفع ثمنا باهظا بالخسائر والأضرار التي ستلحق بالجيش والجبهة الداخلية الإسرائيلية". وقال بينيت في خطابه، الإثنين، إن البرنامج النووي الإيراني، وصل "لحظة فاصلة"، داعيا المجتمع الدولي إلى "التحرك وعدم الاكتفاء بالكلمات". تجاهل الفلسطينيين من جانبها، ركزت صحيفة "هآرتس" (خاصة) على تجاهل بينيت في خطابه للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. وقال المعلق السياسي "جاكي حوجي": "عكس خطاب بينيت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة القول المعروف أن إسرائيل ليس لديها سياسة خارجية، بل فقط سياسة داخلية". وأضاف: " انتظر قادة العالم الذين جلسوا في القاعة أمس (الاثنين) أو شاهدوا الخطاب على الشاشة في مكاتبهم، الاطلاع على رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد والشاب (يبلغ بينيت 49 عاما)". وتابع: "لكن بينيت امتنع عن تقديم إجابة على أقدم وأبرز سؤال في الشرق الأوسط - إلى أين تتجه الحكومة الإسرائيلية في الصراع مع الفلسطينيين. تجاهل بينيت تماما هذا السؤال الحاسم". وأكد "حوجي" أن "سياسة تجاهل الفلسطينيين تطغى على الخطاب الإسرائيلي، ولا تطرح القضية إلا في ظل أزمة أمنية". وقال: "الاحتلال ونظام الفصل العنصري المتنامي في الضفة الغربية وسحق الحقوق الأساسية لا تزعج راحة معظم الإسرائيليين. تبنى بينيت ذلك، ولم تسمع كلمة "فلسطينيون" ولو مرة واحدة على منصة الأمم المتحدة، ولا حتى في سياق سلبي". وانتقد "حوجي" وصف بينيت في خطابه إسرائيل بأنها "منارة وسط بحر هائج"، وقال: "في نهاية المطاف، سيتعين على بينيت وشريكه يائير لابيد وربما بقية مكونات التحالف (يتكون من 8 أحزاب) الإجابة على بعض الأسئلة الأساسية - أين تمر الحدود الشرقية لإسرائيل، وماذا سيحدث للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المنطقة الحدودية، ولأي نظام حكم سيخضعون، وماذا سيكون وضعهم؟". وتابع: "إذا قدّم (بينيت) إجابات على هذه الأسئلة، فقد يكون بينيت قادرا على الادعاء باستخدام عبارة (منارة في قلب بحر هائج) والمطالبة بلقب شعلة الديمقراطية. وإلا فإنه سيدخل إلى الوعي باعتباره الشخص الذي عمّق الاحتلال والأبرتهايد". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :