الانقسام السياسي العراقي بين التحالفين «الدولي» و«الرباعي» يهدد مستقبل الحرب ضد «داعش»

  • 10/28/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من التقدم في المعارك الحالية ضد تنظيم داعش في جبهتي الأنبار وصلاح الدين، فإن المخاوف ما زالت قائمة سواء بين شيوخ العشائر في تلك المناطق أو حتى بين القادة العسكريين من إمكانية حصول انتكاسة بسبب عمق الأزمة السياسية التي نتجت عن إعلان الحكومة العراقية دخولها في التحالف الرباعي (روسيا وإيران وسوريا والعراق)، وشبه تخليها عن «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، والذي يضم نحو 60 دولة. ويرى مراقبون أن المشهد مرشح للاحتمالات عدة، في وقت بدت فيه مسألة الانقسام بين المعسكرين في غاية الخطورة في ظل أوضاع ملتبسة تعصف بالعراق في ظل الأزمة المالية التي باتت تهدد رواتب الموظفين، الأمر الذي أدى إلى تشظي الحراك الجماهيري بين دعم الحكومة ضد الفاسدين، وتنفيذها برامجها الإصلاحية، وبين التظاهر ضدها، لا سيما من قبل أساتذة الجامعات وموظفي الدوائر الخاصة والأطباء بسبب تخفيض رواتبهم. ويعيش العراقيون سواء كانوا من كبار الزعماء أو المواطنين البسطاء الهم نفسه على صعيد عدم وجود ضوء في آخر النفق مع دخول العراق نفق تحالفات مظلم، كما يرى السياسي والمفكر العراقي حسن العلوي، وهو عضو سابق في البرلمان قائلا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسألة لا تتعلق بمجرد انقسام سياسي قائم على رؤى مختلفة في البرنامج السياسي لهذا الطرف أو ذاك، وهو أمر ممكن في ظل ظروف طبيعية، بل إن الانقسام، مثلما ينظر إليه اليوم على صعيد الموقف من التحالفين الروسي والأميركي، هو طائفي». وبالتالي فإنه وطبقا لما رأى العلوي «إذا كان الخلاف الأميركي - الروسي بشأن العراق وسوريا قائما على أسس سياسية محكومة بمصالح الطرفين، فإن الخلافات داخل العراق طائفية، ما يعني أن هذا الخلاف لن يكون طارئا، شأن الخلافات السياسية التي يمكن أن تنتهي في حال تم التفاهم على قاعدة المصالح المشتركة بين أي طرفين، إلا أن الخلاف الطائفي قد ينفتح على حروب وصراعات طويلة». وأضاف العلوي أن «تأييد السنة للأميركيين مثلما هو حاصل الآن، وتأييد الشيعة للروس ليس قائما على رؤية كل طرف لمصلحة العراق كوطن، بل لمصلحة الطائفة، وهذا هو الخطر الأكبر على الطرفين معا». وأشار العلوي إلى أنه «في الوقت الذي توجد فيه خطوط حمراء متفق عليها بين التحالفين الأميركي والروسي، فإن الخلافات الطائفية لا توجد أمامها خطوط حمر، وهذا مكمن الخطورة فيها». وهذا ما يتفق معه أحد القائد العسكريين الميدانيين رفيعي المستوى في حديث لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الكشف عن اسمه أو منصبه، بقوله إن «المعارك، وأنا هنا أتحدث عن جبهة الأنبار مع أن الموقف في الجبهات الأخرى خصوصا صلاح الدين لا يختلف كثيرا، تأثرت بالمواقف السياسية، لكنها الآن باتت تتأثر بالخلفيات الطائفية، واعتبار الأميركيين حماة للسنة والروس بوصفهم حماة الشيعة. وهذا ما يريده تنظيم داعش ويتمناه، لأنه يمكنه من فتح ثغرات هنا وهناك على صعيد المعارك». وأضاف أن «المعارك في الأنبار تتقدم بسرعة، لكنها سرعان ما تتوقف، في وقت تكون لدينا القدرة على المواصلة». وبين أن «من بين الأسباب المباشرة إلى ذلك هي توقف الغارات الجوية الأميركية أو قلتها، ما يجعلنا نفتقد للغطاء الجوي، ويسهل من استغلال التنظيم الإرهابي الوضع المنتكس، ويقوم بتنفيذ هجمات معاكسة. أن الواجب يحتم علينا جميعا تحري أسباب الخلافات بين الأميركيين ومركز العمليات المشتركة من جهة، والحكومة من جهة ثانية، وهي مسائل تشكل خطورة على العمليات العسكرية». إلى ذلك، رأى أحد شيوخ محافظة الأنبار الشيخ حميد الكرطاني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمور تغيرت الآن على صعيد العشائر التي أصبحت المتضرر الأكبر بعد احتلال (داعش) للمحافظات الغربية، سواء على صعيد تهجير أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مواطن، فضلا عن تدمير البنى التحتية للمدن. فإن عدم تعاون العشائر مع التنظيم بات ينعكس إيجابا على سير المعارك». وأضاف أن «الموقف العشائري المتماسك ضد (داعش) هو خط الصد الحقيقي الآن بعد التعثر الحكومي ومعه التحالف الدولي، إذ لو كان الموقف مثلما كان عليه قبل سنة وأكثر، لما تغيرت المعادلة لصالح التنظيم تماما». وحذر من «الاستمرار في مثل هذه السياسة التي قد تأتي بنتائج سلبية مستقبلا خصوصا إذا استمرت عمليات الفرز الطائفي حتى على صعيد المواقف السياسية».

مشاركة :