أكد مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، أن المملكة العربية السعودية مستمرة في الشراكة مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 لحاضر جميل ومستقبل مشرق للأجيال المقبلة، يتمتع فيه الجميع بفرص متكافئة، مع عدم ترك أي أحد خلف الركب. جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها السفير المعلمي، خلال جلسة المناقشات العامة للجنة الثالثة بالدورة (76) للجمعية العامة للأمم المتحدة الليلة، بحضور رئيسة اللجنة الثالثة في وفد المملكة سلافة موسى وعضو الوفد منى الغامدي والمسؤولة الإعلامية طفول العقبي. وهنأ “المعلمي” المندوب الدائم لجمهورية جيبوتي لدى الأمم المتحدة، على ترؤسه لأعمال اللجنة الثالثة لهذا العام، متمنيًا له ولفريق عمله التوفيق، ومعربًا عن الثقة في خبرته وحسن إدارته لأعمال اللجنة. وأشار إلى أن ما يواجه المجتمع الدولي اليوم من تحديات يتطلب تعزيز التعاون الدولي متعدد الأطراف، مبينًا أن جائحة كورونا أثبتت أن الطريق للتعافي المستدام يعتمد على تعاون الجميع في إطار جماعي. وقال المعلمي: “قامت المملكة بدور حيوي في قيادة الاستجابة العالمية لهذه الجائحة من خلال رئاستها لمجموعة العشرين للعام الماضي، ودعمت الجهود العالمية لمواجهة هذه الجائحة بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي، إضافة إلى تقديمها 300 مليون دولار أمريكي لمساعدة جهود عددٍ من الدول في التصدي لهذه الجائحة”. وأفاد بأن المملكة تدعم الجهود الدولية المشتركة لتسهيل الوصول للقاحات (كوفيد-19) في ظل حقوق الملكية الفكرية والمعاهدات الدولية ذات العلاقة، مؤكدًا أن المملكة مستمرة في الالتزام بدورها الإنساني والتنموي الكبير في مساعدة الدول الأكثر احتياجًا. ولفت إلى أن المملكة هي أكبر دولة مانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية على المستويين العربي والإسلامي ومن أكبر ثلاث دول على المستوى الدولي، وفق منصة التتبع المالي التابعة للأمم المتحدة، مشيرًا إلى تصدر المملكة قائمة الدول المانحة لليمن بإجمالي مساعدات يتجاوز 18 مليار دولار أمريكي قدمت خلال السنوات الست الماضية. وأضاف: “تؤمن المملكة بأن المرأة عنصر مهم من عناصر قوة المجتمع، وأن تمكينها اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وتوفير مناخ آمن، مع ضمان تمتعها بحقوقها الكاملة، سيُسهم في دفع عجلة التنمية، ولهذا الهدف، تبنت بلادي العديد من الإصلاحات التي تعتمد على مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة تشريعيًا ومهنيًا وأسريًا”. وأبان أن المملكة تصدرت قائمة الدول الأكثر إصلاحًا في مجال تمكين المرأة للعامين الماضيين وفقًا لتقرير مجموعة البنك الدولي (المرأة وأنشطة الأعمال والقانون) لعامي 2020 و 2021م، مفيدًا بأن المملكة تمكنت من تحقيق المساواة بين الجنسين وخصوصًا في مجالي تعليم المرأة وصحة المرأة، ويُعدُّ ذلك نجاحًا سعوديًا يحظى بالإشادة الدولية خصوصًا في موضوع سد الفجوة بين الجنسين. وتابع القول: “وما تزال المرأة السعودية تحصد ثمار هذه الإصلاحات المستمرة، فعلى سبيل المثال، انخفضت نسبة بطالة المرأة بشكل كبير متجاوزة بذلك مستهدف عام 2020م، كما تستمر المرأة السعودية في تَقًلّد المزيد من المناصب العليا والانضمام إلى مجالات عمل جديدة ظلت لعقود طويلة حكرًا على الرجال”. ونوه بأن جهود المملكة في دعم المرأة وحماية حقوقها تتجاوز حدود الوطن، حيث قام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بتنفيذ برنامج لخدمات الحماية للحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، استفاد منه أكثر من 65 ألف امرأة وفتاة في اليمن منذ مطلع العام الحالي 2021م. وجدد التشديد على أن المملكة أولت حقوق الأطفال أهمية كبرى، حيث سنت القوانين النابعة من الشريعة الإسلامية والمتناغمة مع الاتفاقيات الدولية التي تكفل حماية هذه الحقوق، مشيرًا إلى أن المملكة قامت بتفعيل آليات الرصد والرقابة الوطنية لضمان التطبيق الفعّال للتشريعات المعمول بها في مجال حقوق الأطفال، كما صدرت السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة في إبريل 2021م، التي تهدف لتوفير بيئة آمنة تكفل جميع حقوق الأطفال. ومضى السفير المعلمي بالقول: إن اهتمام المملكة ورعايتها وحفظها لحقوق الطفل لم يقتصر فقط على أطفال مواطنيها ومقيميها فحسب، بل إنها أسهمت بفعالية في العديد من المشروعات للأطفال حول العالم ومنهم أطفال سوريا وفلسطين واليمن، حيث تنفذ المملكة عبر مركـز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مشـروع إعـادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين في النزاع المسلح باليمن، ويهدف هذا المشروع الذي انطلق في عام 2017م إلى تأهيـل هؤلاء الأطفال وإعادتهــم إلى حياتهم الطبيعية وتقديم الدعم الاجتماعي لهـم، وقد استفاد منه ما يزيد على 500 طفل بشكل مباشر. وشدد على أن المملكة شهدت إصلاحات كبيرة في مجال حقوق الإنسان منذ اعتماد “رؤية المملكة العربية السعودية 2030″، شملت تعزيز الأطر النظامية والمؤسسية والإجراءات التي تكفل تعزيز حماية حقوق الإنسان، وتطوير سبل الانتصاف وفي مقدمتها القضاء الذي يعد الضامن الرئيس لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها. كما أشار إلى أن المملكة أعلنت هذا العام عن مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات، مفيدًا بأن هذه الأنظمة تمثل موجة جديدة من الإصلاحات، ستُسهم في رفع مستوى نزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية، وتُعبّر تلك الإصلاحات والمدة الوجيزة التي تحققت فيها؛ عن عزم المملكة في المضي قُدمًا لتحقيق كل ما من شأنه تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وأكد المعلمي حرص المملكة على التعاون مع الآليات الدولية في هذا الشأن، حيث عقد خلال العام الحالي أكثر من (50) برنامجًا ونشاطًا لرفع القدرات الوطنية في إطار مذكرة التفاهم المبرمة بين المملكة العربية السعودية ممثلة بهيئة حقوق الإنسان، وبين المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وأعرب عن تأكيد المملكة أن القضية الفلسطينية هي قضيتها الأولى، إلى أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، مؤكدًا حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير واسترجاع أرضه، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وختم السفير عبدالله المعلمي الكلمة بالتشديد على أن قضية الروهينغا تعد من القضايا التي توليها المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا، وتتابع بقلق بالغ معاناة أقلية الروهينغا وغيرهم بسبب الأقليات في أنحاء ميانمار، وتدين انتهاكات حقوق الإنسان هناك واضطهادهم وتهجيرهم.
مشاركة :