تظاهر المئات الجمعة في بغداد والجنوب إحياء للذكرى الثانية لانطلاقة الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة في العام 2019، في تحرك يأتي قبيل انتخابات برلمانية مبكرة لا يتوقع خبراء أن تحدث تغييراً كبيراً. كان يفترض أن تجري هذه الانتخابات في موعدها الطبيعي في العام 2022، غير أن عقدها مبكراً كان واحداً من أبرز وعود حكومة مصطفى الكاظمي التي تولت السلطة على وقع تظاهرات خريف العام 2019 حين نزل عشرات الآلاف من العراقيين إلى الشارع مطالبين بإسقاط النظام. وسط حضور أمني مكثّف، رفع المتظاهرون الذين بدؤوا المسير نحو ساحة التحرير في العاصمة العراقية، مركز احتجاجات العام 2019، الرايات العراقية وصور شباب قتلوا خلال القمع الدموي الذي تعرضت له التظاهرات حينها، وراح ضحيته نحو 600 شخص فيما جرح أكثر من 30 ألفاً. وتضمنت اللافتات كذلك صور ناشطين قتلوا في ما بعد على غرار إيهاب الوزني، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء، الذي أردي في أيار/مايو برصاص مسلّحين أمام منزله بمسدسات مزوّدة كواتم للصوت. ورفع آخرون لافتات كتب عليها «متى نرى القتلة خلف القضبان» و»نريد وطنًا نريد تغييرًا»، فيما ما زال المتظاهرون يطالبون الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات التي طالت الناشطين. رفع متظاهرون أيضًا لافتات كتب عليها «انتخاب نفس الوجوه مذبحة للوطن» و»كلا كلا للأحزاب الفاسدة، كلا كلا للسياسيين الفاسدين» و»لا تنتخب من قتلني». جنوباً في الناصرية التي قتل فيها 128 متظاهراً في عمليات القمع وتعدّ معقل الاحتجاجات في جنوب العراق، أحيا المئات الذكرى في ساحة الحبوبي ذات الرمزية الكبيرة، مطالبين كذلك في الكشف عن المسؤولين عن قتل وخطف ناشطين. واعتبر المتظاهر علي الشمخاوي من المدينة بأن «هذه لحظات تاريخية نستذكر فيها الاحتجاجات والمواجهات مع قوى الفساد والقتل والسلوك الإجرامي، أمام صمت الحكومة». منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق في تشرين الأول/أكتوبر 2019، تعرّض أكثر من 70 ناشطاً للاغتيال أو لمحاولة اغتيال، في حين اختطف عشرات آخرون لفترات قصيرة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عمليات قتل الناشطين وخطفهم، لكنّ المتظاهرين يتّهمون بذلك فصائل نافذة موالية لإيران. ومن ساحة التحرير في بغداد، قال ابراهيم وهو متظاهر يبلغ من العمر 20 عاماً لفرانس برس «خرجنا اليوم كمتظاهرين سلميين لنعيد إحياء ذكرى 1 تشرين الأول/أكتوبر، ذكرى المجزرة التي ارتكبتها الحكومة ضد الشباب السلميين، وإحياء لذكرى الشهداء ولتثبيت موقفنا وكلمتنا». وأكد ابراهيم «لن نشارك في الانتخابات لأنها ستنتج النظام الفاسد نفسه وستعود الأحزاب الفاسدة نفسها». واختار ناشطون وتيارات منبثقة عن حركة الاحتجاج مقاطعة الانتخابات النيابية المبكرة المقررة في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر. ورغم تقديم مستقلين أنفسهم كمرشحين لهذه الانتخابات التي تجري وفق قانون انتخابي أحادي جديد قلّص عدد الدوائر الانتخابية، إلا أن خبراء يرون أنهم مجرد واجهة لأحزاب تقليدية ستعاود الهيمنة على المشهد السياسي، متوقعين نسبة مقاطعة كبيرة بين الناخبين الـ25 مليوناً. يسود شعور بالإحباط واليأس في أوساط الناشطين بإزاء إمكانية أن تحمل الانتخابات النيابية المبكرة تغييراً، فيما ما زال العراق غارقاً بأزمات عديدة كانقطاع الكهرباء والنقص في الخدمات وتدهور الوضع الاقتصادي والبطالة المرتفعة بين الشباب، نتيجة سنوات من الحروب والفساد المزمن. رغم ذلك، رفع البعض الجمعة شعارات فيها بعض التفاؤل مثل «الثورة ستنتشر في البلاد أسرع من فيروس كورونا، ولا لقاح لها».
مشاركة :