نفي تقرير صادر عن المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، صحة ما جاء في مقالة صحفية أميركية تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت، تحذر من الاحتباس الحراري العالمي الذي قد يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في منطقة الخليج لتصل إلى مستوى لا يتحمله الانسان في الاماكن المفتوحة بنهاية القرن الحالي، إن لم يتم تخفيض انبعاثات الكربون. وتفصيلاً اشاد المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل بالجهود التي تقوم بها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية، مشيراً إلى أهمية ملاحظة أن نتائج التقارير الصادرة تكون عادة مصحوبة بدرجة من عدم التأكيد لاعتمادها على فرضيات مستقبلية ويتوجب قراءتها وتفسيرها بحذر ويدعو المجتمع إلى عدم الأخذ بالتقارير الصحفية المبنية على افتراضات غير مؤكدة والتي تهدف إلى الاثارة دون أن يكون لها سندا علميا راسخا. واوضح المدير التنفيذي للمركز، الدكتور عبدالله المندوس، في قيام باحثان بنشر ورقة علمية في مجلة ((Nature Climate Change تحت عنوان (من المتوقع لدرجات الحرارة المستقبلية في جنوب غرب آسيا أن تتخطى عتبة القدرة البشرة على التأقلم)، استخدم خلالها الباحثان النموذج الرياضي الاقليمي الخاص بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للتوصل لنتائج البحث، مشيراً إلى أن أحد الصحفيين في جريدة نيويورك تايمز الامريكية أعاد نشر البحث تحت عنوان أكثر ميلودرامية وهو (حرارة قاتلة متوقعة في الخليج بحلول 2100). مما اثار شهية كتاب الإثارة وظهرت عناوين صاخبة تتحدث عن اختفاء المدن ودمار الحضارة وغيرها بنهاية القرن الحالي. وقال المندوس نحن في المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل معنيون في هذا المقام بما كتبه الباحثان أكثر مما قدمه الصحفي في مجلة نيويورك تايمز أو غيره من الصحفيين، حيث يتوقع تقرير التقييم الخامس الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية للتغير المناخي لعام 2014 استمرار الارتفاع في معدل درجة الحرارة العالمية بمقدار يتراوح ما بين ( 0.3 إلى 4.8 ) الدرجة سلسيوس بحلول عام 2100 تحت أسواء الظروف والتي تتمثل في زيادة متسارعة لانبعاث الملوثات الجوية وغياب تام للتشريعات والتدابير البيئية. واضاف إن هذه التوقعات يتم حسابها من خلال نماذج عددية مناخية تحاكي العمليات الفيزيائية التي تحكم نظام الغلاف الجوي طبقا لمعطيات تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. كما تأخذ هذه النماذج بعين الاعتبار التغيرات الفعلية التي طرأت على درجات الحرارة فوق سطح الكرة الأرضية وتراجع مساحة المسطحات الجليدية في المناطق القطبية ومقدار ارتفاع مستوى سطح البحار خلال العقود الزمنية القليلة السابقة. وتابع المندوس وحسب التقرير فإن معالم التغيرات المناخية المتوقعة ليست منتظمة فوق سطح الكرة الأرضية بل تتباين بين إقليم وآخر حسب الموقع الجغرافي والنشاط الصناعي وإجراءات التخفيف من معدل انبعاث الملوثات الجوية من خلال التشريعات البيئية وغيرها، مشيراً إلى أن هذا التقرير يشكل المرجعية العالمية المعتمدة لدى الأمم المتحدة في قضايا تغير المناخ، لذلك من المفيد أن نتذكر هنا أن النماذج العددية المناخية التي تختص بعمل دراسات مناخية وعمل محاكاه للتغيرات المناخية تتم على أساس عدة افتراضات وشروط محددة يضعها الباحث في النموذج العددي المناخي وبناءا عليها نحصل على نتائج تتسق مع تلك الفرضيات ولا نستطيع تعميمها خارج تلك الشروط. ولا يمكن تحديد دقة المخرجات لهذه النماذج بشكل كبير وغالبا ما تحتوي هامشا من عدم التأكيدية. وأشار إلى أنه في الظروف الصحية السليمة، تقوم الدورة الدموية بضخ الدم وتوزيعه على أنحاء الجسم من خلال شبكة من الشرايين والأوعية الدموية الدقيقة لذلك تبقى درجة حرارة جسم الانسان ثابتة ومنتظمة بغض النظر عن درجة الهواء المحيط به، لافتاً إلى أن درجة حرارة الجوف للإنسان السليم هي 37 درجة سلسيوس ودرجة حرارة الجلد الطرف الخارجي لجسم الانسان هي 33 درجة، وإذا برد الجسم تقوم الدورة الدموية بضخ كمية أكبر من الدم إلى الجلد والأطراف لاستعادة التوازن الحراري، وإذا سخن الجسم يفقد جزأ من حرارته للمحيط عن طريق الإشعاع ويتصبب العرق منه وتابع المندوس في تطبيقات أبحاث التأقلم البشري مع حرارة المحيط يمكن أعتبار درجة حرارة الهواء عند 33 سلسيوس درجة حرارة الفاصلة أو (العتبة) بالنسبة لراحة الجسم البشري وقدرته على التأقلم لانها قريبة من درجة حرارة جسم الانسان الخارجية. عند هذه (العتبة) يصبح الجسم بحالة اتزان حراري مع محيطه وتتوقف عملية التبريد بالإشعاع ويصاب الإنسان بالإجهاد. وتزداد حدة الإجهاد إذا كانت الرطوبة عالية جدا وقد يتعرض المرء إلى ارتفاع خطير في درجة حرارة جسمه (هايبرثيرميا) إذا زاد تعرضه لمثل هذه الظروف لفترات طويلة. وتختلف درجة حرارة (العتبة) بين الشعوب بحسب المناخ السائد لديها، ففي الدول الباردة تعتبر درجة 33 مرتفعة بالنسبة لهم، على عكس سكان المناطق الحارة التي تستطيع أن تتكيف مع هذه الدرجة أو ما هو أعلى منها بيسر وسهولة. أ وأوضح المندوس بأن الباحثان ركزا في بحثهما على درجة الحرارة القصوى في الدول المطلة على الخليج العربي حيث ذكرا أنه يمكن أن تصل درجة حرارة الهواء في بعض الاحيان حدودا متطرفة قد تبلغ 50 درجة سلسيوس أو أكثر، وعند هذه الدرجة أو أقل منها بكثير يمكن أن يصاب المرء بصدمه حراريةإذا لم يتناول كمية كبيرة من السوائل وإذا تعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة، مشيراً إلى أن السجل المناخي لدرجات الحرارة القصوى في العديد من دول الخليج صد درجات حرارة أقل أو أكثر قليلا من 50 درجة سلسيوس بين الحين والآخر، ومثل هذه الظروف الجوية تحدث لفترة قصيرة من الزمن وتتكرر بين حين وآخر في معظم دول الخليج. وقال في الأمارات العربية المتحدة تم رصد درجة حرارة 52 درجة سلسيوس في محطة (الياسات) سنة (2010)، وقد استمرت هذه الحالة لفترة تقل عن ساعة واحدة ولا يمكن اعتبارها مقياسا لمعدل درجة الحرارة السائدة في تلك المحطة. وليس مستبعدا أن تتكرر مثل هذه الحالة مرة أخرى سوأ حدث تغيرا مناخيا أو لم يحدث، مشيراً إلى انه لم يغب عن بال الباحثان التذكير بالمخاطر المصاحبة لدرجات الحرارة المتطرفة وخاصة في المناطق المزدحمة وتجمع الحجاج وغيرها ونحن لا نختلف معهم في ذلك. واكد المندوس على أن دولة الإمارات تعد شريكا فاعلاً ومتعاوناً بشكل وثيق مع المؤسسات العالمية ذات العلاقة في مواجهة آثار التغيرات المناخية. حيث قامت الدولة بإنشاء وتقديم الدعم المالي والمؤسسي للمؤسسات والهيئات الوطنية المعنية مثل المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل ووزارة البيئة والمياه وهيئة البيئة أبو طبي ومصدر والبلديات وغيرها. كما قامت بإقرار العديد من التشريعات البيئية الخاصة بالصحة والعمل وحماية البيئة والنقل وفي مختلف المجالات التي تهم المواطن وتحافظ على صحته وسلامته. كما قامت الدولة بتنفيذ العديد من المبادرات الوطنية منها وضع هدف وطني لتوليد 24% من الطاقة الكهربائية من خلال مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2021، واتباع سياسة عدم حرق الغاز ومشروع التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، واعتماد سياسات شاملة للحد من وخفض الاستهلاك في كلّ من قطاعي الطاقة والمياه، والاستثمار في أنظمة النقل المتقدمة والمستدامة لتهيئة الفرص للنمو المستقبلي، والتوسع الحضري والعمراني المستدام مع التركيز على خفض الانبعاثات.
مشاركة :