تعد الممثلة السورية هبة نور واحدة من الممثلات اللاتي خضن تجارب فنية مختلفة. وفي عام 2014 اعتقد كثيرون بأنها اعتزلت الفن إثر زواجها. لكنها ما لبثت في عام 2019 أن عادت إلى الساحة بقوة بعد طلاقها. وشاركت في أعمال درامية كـ«الحرملك» و«طبق الأصل» وأخيراً في «زوج تحت الإقامة الجبرية» و«داون تاون». حاليا انتهت هبة نور من تصوير دورها في الفيلم السينمائي اللبناني «كذبة كبيرة» تحت إدارة المخرج نديم مهنا. وتصفه: «بأنه أول تجربة سينمائية لي في لبنان، وكنت سعيدة في تعاوني مع نخبة من الممثلين اللبنانيين والعرب. فهذا الاختلاط بين الممثلين الذي نشهده أخيراً يلاقي إعجاب المشاهد بشكل عام. كما أن فكرة الفيلم جذبتني كون مضمونه يحمل رسالة اجتماعية هامة». ويحكي فيلم «كذبة كبيرة» عن الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي سلباً وإيجاباً في المجتمع، وكيفية تعامل الناس معها. وتتابع هبة نور: «إن الفيلم لا يحارب هذه الوسائل أبداً بل يسلط الضوء على الطريقتين السلبية والإيجابية في كيفية استخدامها. فهذه الوسائل باتت تشكل عنصراً فعالاً في حياتنا اليومية، ونكون من الكاذبين إذا قلنا بأننا لا نحتاجها. ولكن الفيلم في الوقت نفسه يبرز مدى خطورة استخدام هذه الوسائل كقناع لتزييف واقع يعيشه البعض. فيختبئون وراءه غير مدركين الخطر الذي يمكن أن يسببه لهم فيدمر حياتهم». هبة نور التي غابت عن الساحة لنحو خمس سنوات (من عام 2014 حتى عام 2019) تشير إلى أنها بقيت على تواصل مع محبيها كممثلة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. «عندما عدت في عام 2019 اكتشفت أن الناس لا تزال تذكرني وأعمالي، وتنتظر إطلالة جديدة لي بعد طول غياب. فأدركت كم خدمتني وسائل التواصل هذه، فسمحت للناس بمتابعتي ولو بمنشورات قليلة كنت أنزلها على صفحة إلكترونية واحدة». وترى هبة نور أن الأيام تغيرت اليوم وتبدلت معايير كثيرة فنية «لقد أصبح الفنان يقاس نجاحه بأرقام متابعيه على الصفحات الإلكترونية، وأحيانا تكون أرقاما مزيفة. إنه من الجميل أن نبقى على تواصل افتراضي مع الناس، ولكني أفضل التواصل المباشر الذي كان رائجا في الماضي». تعرف هبة نور بابتعادها عن المشاكل. «أنا بشخصيتي أميل أكثر إلى السلام. لا أعداء عندي ولم أتشاجر مع أحد في الوسط الفني. كما أني لا أستعرض حياتي الشخصية وفترات حزني أو فرحي عبر وسائل التواصل لأني أعتبرها خاصة. فالناس لديها ما يكفيها من الهموم، وليست بحاجة إلى زيادتها. وفي المقابل هناك أشخاصاً كثر يستخدمون وسائل التواصل للإعلان عن انفصالاتهم وارتباطاتهم الزوجية وعن حالاتهم الصحية والنفسية». وتصف الفنانة السورية بعض الفنانين المدمنين على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بـ«جوعانين شهرة». «أنا أيضاً أحب الشهرة، ولكن ليس إلى حد النهم. أحزن على هؤلاء الذين يعانون من هذه الحالة النفسية. شخصياً أفصل بين حياتي الطبيعية والشهرة في مهنتي. وغالبا ما أحاول تدريب نفسي على عدم الانزلاق في هذه المتاهات، كي أحمي نفسي ولا أنجر إليها». وعن مشاركتها في مسلسل «زوج تحت الإقامة الجبرية» الذي عرض في موسم رمضان الفائت تقول لـ«الشرق الأوسط»: «العمل للأسف لم يأخذ حقه، لم يكن في استطاعتي التحدث في الموضوع من قبل. وكان من الأفضل برأيي لو لم يعرض في موسم رمضان، حيث تكون الأعمال الدرامية كثيفة. كنا نعلم مسبقا كفريق عمل أننا لسنا بوارد التنافس مع الآخرين. فهو من نوع الدراما الكوميدية، ومادته جميلة يحتاجها الناس اليوم. ولكن مع الأسف لم يرافق المسلسل عملية تسويق جيدة وإلا لكانت النتائج مغايرة. فحتى أغاني العمل كانت جميلة ولكن مشكلة الكسل في التسويق كانت مؤثرة». وترى هبة نور أن دورها في «داون تاون» اختارته لأنه لم يسبق أن قدمت ما يشبهه. «إنه يحكي عن فتاة تعاني من مشكلات نفسية تغيب الضحكة عن وجهها. ولكن عرضه انحصر بمنصة «جوي» غير المتاح مشاهدتها في عدد من البلدان العربية. ورغم تصدره نسبة المشاهدة عليها، إلا أن ذلك أثر أيضاً على انتشاره. فهو يضم مجموعة من النجوم اللبنانيين والعرب والسوريين وأتمنى أن يأخذ حقه في المستقبل القريب». وعن دراما المنصات تقول في سياق حديثها: «بالنسبة لي، أحن إلى المسلسلات التلفزيونية، إذ كانت اللهفة تسكن المشاهد ليتابعها من أسبوع إلى آخر. اليوم ألغت المنصات هذه المشاعر وصار في إمكان المشاهد أن يتابع عملا ما بأكمله وبظرف ساعات قليلة. لا أعلم إذا ما هي خدمت الممثل بشكل عام أو اقتصرت على بعضهم. فالموضوع تجاري بحت برأي، ولكنه من دون شك أسهم في تعريف العالم العربي على ممثلين من مختلف الجنسيات». تتابع هبة نور بعض الأعمال الدرامية المعروضة اليوم على منصة «شاهد». «لقد أصبحنا في عالم مفتوح، ومن الطبيعي أن أتابع أعمال الدراما. كما صرنا اليوم نتوجه نحو الطرق التي تسهل علينا حياتنا». تعتبر هبة أن الدراما السورية تراجعت بسبب المحنة التي مرت بها سوريا لفترة طويلة. «لقد عاشت هذه الدراما عصرها الذهبي منذ سنوات، واليوم نراها غائبة ولا سيما عبر المنصات». وعن رأيها بالمعادلة الدرامية المتبعة اليوم تقول: «هي بدأت بالبطل السوري والبطلة السورية، ثم بدأت تتخذ منحى مغايراً، ودخل عليها العنصر اللبناني بقوة. كنت أقول إن هذا من الطبيعي أن يحصل في شركات إنتاج لبنانية. اليوم هذه الشركات أصبحت عربية، وتتطور إلى حد قد يوصلها العالمية من خلال دراما المنصات. وهي لا تزال تلجأ إلى النجوم من دون إعطاء الفرص لممثلين سوريين وحتى لبنانيين يستأهلونها. وفي نفس الوقت أتمنى على بعض الشركات السورية أن تعود وتعمل بالزخم الذي كانت تتمتع به في الماضي في إطار صناعة النجوم. ألاحظ غياباً تاماً لهذه الفكرة، وصرنا نفتقدها بشكل ملحوظ مع الأسف. فبعض تلك الشركات باتت تفضل الأسماء الجاهزة، لتوفير عملية تسويق لها، وبينها ما يخاف من المخاطرة والكلفة التي تتطلبها هذه العملية». من الأعمال التي تتابعها هبة مؤخراً «صالون زهرة» وكانت قد شاهدت أيضاً أعمال رمضان مثل «2020» و«للموت». «هناك عنصر الإخراج الشبابي الذي يطبع هذه الأعمال، فهذا النبض كانت تحتاجه الدراما. أعجبني كثيراً أسلوب المخرج اللبناني جو بو عيد (صالون زهرة) البعيد عن التكرار. أما فيليب أسمر فقد برع إلى حد كبير في عملين («2020» و«للموت») فحصدا نسبة مشاهدة عالية. ويعود الفضل بتعريفهم للمشاهد إلى شركات الإنتاج اللبنانية المتجددة بشكل دائم». وأنت مع من تتمنين التعاون من مخرجين؟ ترد: «جميعهم أحبهم سعيد الماروق وجو بو عيد وفيليب أسمر، وأتمنى التعاون معهم جميعا. كما أني معجبة بالمخرج السوري الشاب سدير مسعود، وتابعت له «قيد مجهول»، وكان رائعا في إدارته للإخراج». وعما إذا هي تنتظر عرض الجزء الأخير من مسلسل «الهيبة» تكمل: «طبعا متحمسة لعرضه في أكتوبر المقبل، ولكني كمشاهدة اشتقت لتيم حسن في أدوار جديدة، لأن شخصية جبل طغت على شخصيته الفنية لسنوات متتالية». وتختم: «أفتقد اليوم لعودة مخرجين سوريين حققوا نجاحات كبيرة في عالم الدراما، فأتمنى أن أراهم بشكل مكثف من جديد. فأنا ابنة الدراما السورية ولا تهمني الجنسيات، إذ يجب أن نتكاتف كفنانين عرب ونشبك أيادينا. أفرح بنجاح أي ممثل سوري ولبناني ومصري وخليجي، وعلينا أن نتحد كي نطور في الدراما العربية ككل».
مشاركة :