في الثلاثين من سبتمبر 2021، تم افتتاح إكسبو 2020، وبهذه المناسبة الجميلة تعم دولة الإمارات العربية المتحدة، هذه الأيام فرحة كبرى وابتهاج يسود في أوساط جميع القاطنين فيها من مواطنين ومقيمين لما لهذا الحدث العظيم من مردودات إيجابية اقتصادية وثقافية تطال الجميع. فبعد تأجيل استمر لعدة أشهر بسبب جائحة «كوفيد- 19»، دقَّ موعد الافتتاح الأبواب من جديد لكي يعيد الانتشاء والفرح إلى قلوب الجميع بهذا الحدث العالمي الضخم الذي استعدت له البلاد طوال السنوات القليلة الماضية وسخرت له قدرا لا يستهان به من الإمكانيات المادية والبشرية لكي تتمكن من إنجازه ويظهر بالصورة المشرفة التي تتوخاها وينتظرها العالم أجمع. هذا الحدث الاقتصادي والثقافي العالمي الذي يحدث على أرض دبي يعد مهرجاناً ثقافياً - اقتصادياً متكاملاً وكامل الأوصاف بالنظر إلى المصالح والأهداف والأغراض العالمية التي تنتظر منه، وهو مكسب ليس لدولة الإمارات وحدها، بل لجميع الدول المشاركة فيه، حيث سيتسنى للجميع عرض وتقديم كل ما لديهم من إبداعات صناعية وتجارية واقتصادية وزراعية وثقافية وفنية، لكن المكاسب الكبرى ستتجسد في العرض العملي والواقعي للإمكانيات الهائلة التي تتواجد لدى دبي كإمارة ولدولة الإمارات كوطن يضم الجميع، وهي إمكانيات متاحة فعلاً لكي يستفيد منها الجميع. إن إكسبو 2020 في واقعه، هو حدث يثبت على أرض الواقع كيفية تعامل دولة الإمارات مع المعطيات التي لديها والإمكانيات التي تحوزها لكي يتم توظيفها بوسائل عقلانية وطرق راشدة لتحقيق أهداف التنمية الشاملة المستدامة من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تناغم متسق عجزت عن تحقيقه العديد من أمم الأرض حتى الآن. معرض إكسبو 2020 مناسبة عملية لإظهار مجموعة من المعطيات التي تفصح عن ضخامة الإمكانيات الفعلية التي تحوزها دولة الإمارات، ففي الوقت الذي حققت فيه الدولة نجاحات وإنجازات كثيرة، وأصبح بإمكانها وقدرتها ممارسة نشاط اقتصادي متكامل الأركان على الصعيد الداخلي، من خلال تجربة فريدة في أوساط العالم النامي، ها هي الآن تشرك العالم أجمع للاستفادة الجماعية من تلك التجربة والخبرة التي اكتسبتها على مدى الخمسين عاماً المنصرمة من عمرها المديد. التجربة الفريدة لدولة الإمارات لم تأتِ من فراغ، بل من كونها قد تمكنت من استثمار فرص مثالية سنحت لها لإرساء أسس اقتصاد متين قائم على التنوع في مصادر الدخل الوطني من خلال ما توفر لديها من سيولة نقدية آتية من عوائد النفط والغاز الطبيعي، ومن زخم تنامي الاحتياطيات النقدية وتوفر مصادر الطاقة، وهي موارد ثمينة استغلت أمثل استغلال لتكوين رأس مال وطني لم يهدر عبثاً، بل استثمر لكي يتم البناء عليه، وذلك بعكس ما حصل في معظم الدول التي شابهت ظروفها ظروف دولة الإمارات، بحيث أن التجربة تتلخص في استغلال الموارد المتاحة للتنمية والتطوير والبناء والإنتاج عوضاً عن الهدر، وهذا هو الأمر الذي صنع الفارق والهوة العميقة بينها وبين مثيلاتها من الدول الأخرى. ودون شك يعتبر إكسبو 2020 مجالاً خصباً لدعم التجارة الخارجية للبلاد من خلال الانفتاح على العالم الخارجي استيراداً وتصديراً للسلع والخدمات بما يمكن أن يجعل من تطوير الاقتصاد الوطني من حيث الإنتاجية عاملاً للتعامل مع العالم الخارجي. إن دولة الإمارات، ومن خلال المعرض تسعى بكل جد إلى تقوية تجارتها الدولية مع كافة دول العالم تيقناً منها بوجود عوامل عدة يتوقف عليها مقدار تجارتها الخارجية، وهي تسعى إلى تطويع تلك العوامل لكي تعمل في صالحها. وهناك مجوعة من العوامل أهمها التفوق النسبي لبعض الدول في بعض فروع الإنتاج؛ وارتفاع الكفاية الإنتاجية لبعض منتجات بعض الدول مقارنة بالأخريات؛ وتنوع الطلب العالمي على السلع والخدمات؛ ودرجة اشتداد طلب دول بعينها على منتجات دول بعينها أيضاً؛ وتكاليف النقل وسهولة المواصلات؛ وعدم وجود عوائق اصطناعية بين الدول؛ وأخيراً ذكاء وكفاءة مواطنين بعض الدول مقارنة بمواطن الدول الأخرى. وبتنظيمها لهذا المعرض العظيم، تسعى دولة الإمارات لتذليل وتطويع وتسهيل التجارة العالمية. * كاتب إماراتي
مشاركة :