سكان مخيم الركبان السوري.. إما الاعتقال أو «الموت البطيء»

  • 10/2/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وسط منطقة صحراوية قاحلة قرب الحدود مع الأردن، يجد آخر النازحين السوريين في مخيم الركبان أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر: الرحيل إلى مناطق سيطرة النظام والمخاطرة بالتعرض للاعتقال وربما الاختفاء القسري أو "الموت البطيء" وسط ظروف معيشية قاهرة. على مرّ السنوات الماضية، خرج عشرات الآلاف من المخيم هرباً من الوضع المعيشي الصعب، وتوجه غالبيتهم إلى مناطق سيطرة قوات النظام. ووقّع المنشقون أو المقاتلون المعارضون السابقون منهم اتفاقات تسوية يُفترض أنها تحميهم من الملاحقة الأمنية. وبعدما غادر بضع مئات العام 2019 عبر الأمم المتحدة، بدأت الأخيرة الشهر الحالي دعم خطة لمغادرة الراغبين، ما أثار انتقاد منظمات حقوقية عدة أبرزها منظمة العفو الدولية معتبرة أن من شأن ذلك أن يعرّض المغادرين "لانتهاكات" في مناطق سيطرة النظام. ويقول عسكري منشق عن النظام فضّل عدم الكشف عن اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية، "نحن عالقون بين نارين، إذا دخلنا سورية (مناطق سيطرة النظام) سنكون هالكين، وإذا بقينا في المخيم سنعيش كمن يموت ببطء". ويوضح "المخيم معدوم الخدمات... نعيش في صحراء قد نموت فيها من الجوع أو المرض"، فيما لم تدخل الأمم المتحدة أي مساعدات إنسانية إلى الركبان منذ العام 2019، وما من منظمات أخرى عاملة فيه. وتحتاج الأمم المتحدة لموافقة النظام السوري لإدخال المساعدات. ويؤوي المخيم الذي تأسس عام 2014 ويقع في منطقة حدودية فاصلة بين سورية والأردن، نحو عشرة آلاف نازح حالياً، من نحو أربعين ألفاً كانوا يقطنوه قبل سنوات وقد وفدوا إليه تباعاً هاربين من المعارك على جبهات عدة في طريقهم إلى الأردن. لكنهم وجدوا أنفسهم عالقين قرب الحدود. ويقع المخيم ضمن منطقة أمنية بقطر 55 كيلومتراً أقامها التحالف الدولي بقيادة واشنطن وأنشأ فيها قاعدة التنف العسكرية. وينتشر في المنطقة مقاتلون معارضون تدعمهم واشنطن. ويقول رئيس المجلس المحلي للمخيم محّمد درباس الخالدي "منذ العام 2016 ونحن محاصرون في الصحراء". وتقتصر الخدمات الطبية على مستوصف وممرضين يقدمون إسعافات أولية بغياب أطباء أو جراحين على حدّ قوله. أما "خيم التعليم فمهترئة والغرف المبنية من تراب بحاجة إلى ترميم". ويعتمد سكان المخيم بشكل أساسي على طرق التهريب لإحضار بضائع تُباع بأسعار مرتفعة تفوق قدرة معظمهم. واضطر كثر إلى بيع ممتلكاتهم من سيارات أو مزارع أو عقارات لتأمين الأموال، وفق الخالدي، بينما يعتمد بعضهم على أموال يرسلها أقاربهم بين الحين والآخر. وأحصت الأمم المتحدة منذ مارس 2019 مغادرة 20106 أشخاص "طوعاً" إلى مراكز إيواء في حمص (وسط)، ووفّرت مع الهلال الأحمر السوري الدعم لنقل 329 شخصاً منهم، فيما غادر الباقون بطرقهم الخاصة. وأدخلت الأمم المتحدة في 11 سبتمر قافلة مؤلفة من خمس شاحنات "لدعم العائلات التي تسجلت طوعاً لمغادرة الركبان"، لكن بضعة أشخاص تصدوا للقافلة ومنعوها من إتمام مهمتها. وتوضح المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة الخاص بسورية دانييل مويلان "تركز الأمم المتحدة على إيجاد حلول مستدامة وآمنة وكريمة لسكان الركبان". وتلفت إلى أن الهدف من دعم القافلة كان "مساعدة من تسجلوا طوعاً لطلب المساعدة من أجل مغادرة الركبان". وبحسب خطة سلّمتها إلى المجلس المحلي في المخيم، من المفترض أن تدعم الأمم المتحدة على مدى ثلاثة أشهر عمليات نقل الراغبين من الركبان إلى مراكز إيواء في حمص، حيث يمضون 14 يوماً كفترة حجر صحي، ثم يغادرون "بعد الحصول على الموافقة من السلطات". لكن السؤال الذي يطرحه نازحون وحقوقيون هو من يضمن أمن المغادرين وعدم تعرضهم للاعتقال أو ملاحقة أمنية؟ تجيب الأمم المتحدة وفق نص الخطة: "تقع مسؤولية أمن وسلامة الأفراد" على عاتق النظام السوري. ويتهم رئيس المجلس المحلي للمخيم محّمد الخالدي "الأمم المتحدة في دمشق بأنها متواطئة وليست إلا شركة شحن لصالح النظام"، مستغرباً إرسال شاحنات لنقل مواطنين "من دون أي ضمانات" خصوصاً أمنية. ويخشى كثر من سكان المخيم، على غرار العسكري المنشق، من تعرضهم في حال مغادرتهم لملاحقة من النظام أو إجبارهم على العودة إلى الخدمة العسكرية. ويفضلون اجلاءهم إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سورية. ودعت منظمة العفو الدولية الأمم المتحدة إلى وقف خطط نقل النازحين من الركبان، كونها "تعرّض العائدين لخطر الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك العنف الجنسي". ووثقت المنظمة في تقرير الشهر الحالي "انتهاكات مروّعة" ارتكبتها قوات الأمن بحق 66 لاجئاً بينهم 13 طفلاً عادوا إلى سورية منذ العام 2017، من دول عدة كما من مخيم الركبان. وتقول الباحثة حول حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة ماري فوريستيه لفرانس برس إن تحقيقات المنظمة "أظهرت أن النظام السوري يعتبر سكان الركبان إرهابيين كما أنها تستهدفهم بعد عودتهم عبر الاعتقال التعسفي، التعذيب وفي بعض الحالات الاختفاء القسري".

مشاركة :