خطيب الحرم المكي: الطلاق «المتعجل» بركان حمم يقضي على كيان الأسرة

  • 10/1/2021
  • 23:53
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د. عبدالرحمن السديس، لقد كثر الطلاق واستخف به أقوام لأيسر الأسباب، مشيرا إلى أن الزَّوجين شريكان كريمان، وأصْلان في الأسرة أمِينان، وجعل بينهما مودة ورحمة لتدوم العلاقة وتُزهر، وتستمرَّ وتُثْمِر، ولِيدوم في رِحَاب البيت الأُنس والوفاق، ويَرْحَل الخُلْف والشِّقاق؛ لذلك سَما الإسلام بِعُقدَة النِّكاح، إذ هي علاقة متينة بين أسرتين وميثاق غليظ بين الزَّوجين.منهاج البيتوبيَّن في خطبة الجمعة، التي ألقاها أمس في الحرم المكي الشريف، أن الإسلام نظام لكل أسرة، ومنهاج لكل بيت، وقد جاء لإخماد أوار الطلاق، ودَحْر شَبَحه العِملاق، كي ترَفرِف على الأسرة رايات الحُبِّ والإشفاق والحنان.وأكد أنَّ السعَادة بحسن المعاملة الصَّادقة المخلصة، والمعاشرة الطيبة الصَّابرة، موضحا أنه على الرُّغم مِمَّا حَدَّه الإسلام من معالم وأسس لإعلاء صرح الأسرة وحمايتها من المحن والمضائِق، فإن البَشر قد جُبلوا على النُبُوِّ والنُّقصان، والخطاء والافتتان، ولكن أمثلهم وأكملهم، التَّوَّابون والوَقَّافون عند حدود الله تبارك وتعالى، ومِمَّا يبعث على الحسرة والأسى، أَنَّ بعض الأزواج في مشكلاتهم وخلافتهم لا يَرَون الحَلَّ إلاَّ في الطلاق، وهذا مُصَادم لأحكام البارئ الخلاق. عواقب سَّقيمةوأفاد بأن الطلاق المُتعجِّل بُرْكان من حِمَم يَقضِي على كيان الأسرة وأنسِها وقرارها، وسكينتِها واستقرارها، والطلاق المتعجِّل لا يُخصُّ الزَّوجين وحسب، بَل يتعدَّى ضَرَرُه للأبناء، ثم الأسرتين، ثم المُجتمع. لذلك كَرِه الإسلام الطلاق، ونَفَّر منه لعواقبه السَّقيمة، وآثاره المُرْدِية الوخيمة. وبيَّن أن من معاقد الإصلاح في أمر الطلاق؛ إسراج أنوار العقول الخبيرة الحكيمة، وذلك بإرسال الحكمين الكريمين من قِبل أهل الزَّوجين، وأن يكونا من الحُصفاء المهرة، الأذكياء البَرَرة، فما أكثر الجمَاهر، وأقَل المَاهر.انتشار الطلاقوقال: إنَّ الباحث في أسباب انتشار قضايا الطلاق، لَيَجِدُ أنَّ من أَهَمِّهَا وأعَمِّها: التقصير في معرفة الأحكام الشرعيَّة وغياب التفاهم والحِوَار، وعَدَم الاستماع والإصغاء للآخر، ونَبْذُ التوقف عن المكابرة والعِناد، والتشبثِّ بالرَّأي الجانف والاستبْدَاد، وإقصاء المُصارحة ونفَاد الاصطبار، عند حدوث الزعازع وظهور التنازع، مع طلب المثالية في الأقوال والأفعال، دون اعتبار للفوارق النَّفسية والفكريَّة، والثقافِيَّة، بين الطرفين، ولا يعجل بالطلاق إلاَّ رجُل اتَّبع عاطفته الجامحة فأطاعها، وألغى سلطة عقله فأضاعها، والله المستعان. وأوصى فضيلته الزوج بقوله: اتق الله في زوجك وكن العاقل الخبير، الذي يلتمس لأهله المعاذير، واحذر أن تكون الذي يلتمس الزَّلات والمَعَاثِير. تلقاها باللَّطافة والبشر، واحذرن أن تكون في بَيْتِك الصَّلِف المَفْتُون، وكن لها مُعينًا أوان الشدَّة والضّيق، والله -سبحانه المسؤول أن يوفق الجميع إلى ما يُحبّه ويرضاه، ويُعيذنا مِمَّا يُسْخطه ويَأبَاه، وأن يُصْلح القلوب، ويُنير الدُّروب، ويحقق كُلَّ مَطلوب، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ومن الإحسان: الإنفاق على الأبناء مِن السَعة، دون بُخل وإقتار، ومن الإحسان نسيان الزَّلات والهفوات، وترك تتبّع ما كان وفات. مبينا أن من المنكرات الدخيلة، بل المحرمات الوبيلة، إقامة الحفلات إثر الطلاق.حُسن الخلقكما أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي في المدينة المنورة الشيخ د. حسين آل الشيخ، أنه من أفضل الأعمال وأزكى القربات إلى الله سبحانه حُسن الخلق.وأضاف د. آل الشيخ: إن حُسن الخلق سبب من أسباب دخول الجنان ورضا الرحمن لقوله عليه الصلاة والسلام: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق»، وإن من تمام حسن الخلق أن يفرح المسلم بلقاء إخوانه متبسماً طلق الوجه بشوشاً مستبشراً مسروراً، مبينا أن طلاقة الوجه والبشاشة عند اللقاء سجية صاحب الخلق العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام.وأوصى إمام وخطيب المسجد النبوي المصلين بقوله: كونوا أهل بشاشة في اللقاء وهشاشة وسماحة وطلاقة في العشرة، مشددا الحرص على توطن النفس بإلزامها بهذا الخلق الكريم لتعظم أجوركم وأن تفشوا المودة بينكم وتسود المحبة ويعم الإخاء بالمجتمع بهذا الخلق وتطمئن القلوب وتسعد النفوس وتنشرح الصدور، وأن تأكيد خلق البشاشة يعظم الأجر وينبل أثره خاصة مع صاحب الحاجة.

مشاركة :