أظهرت الطروحات الأولية في السوق السعودية التي تمت في عام 2020 والفترة المنصرمة من العام الحالي أن هنالك إقبالًا كبيرًا من المستثمرين على الاكتتاب في هذه الطروحات فتغطية الاكتتابات وإن كانت ورقية وليست سيولة حقيقية، لكنها سجلت أرقامًا قياسية، طرح solutions by stc جمع ما يقارب الـ500 مليار ريال ثم تبعها طرح شركة أكوا باور الذي جمع أكثر من 1.1 تريليون ريال من شريحة المؤسسات كأعلى تغطية في تاريخ السوق السعودي، أسعار الأسهم بعد الإدراج حققت هي الأخرى أرقامًا ممتازة ومجدية للاستثمار حيث وصلت نسبة الارتفاع لسهم مجموعة الحبيب الطبية إلى أكثر من خمسة أضعاف سعر الطرح وبقية الشركات التي طُرحت خلال العام السابق والعام الحالي كان متوسط ارتفاع أسعار أسهمها في حدود 60% وهذا النسبة نتوقع أن يحققها سهم solutions by stc حيث ارتفع في أول يوم 30% ومتوقع أن يواصل اليوم الارتفاع وكذلك نتوقع الارتفاع لسهم أكوا باور عند الإدراج بنسبة تزيد على 60%، هذا الإقبال الكبير من المستثمرين له عدة أسباب، منها ثقة المستثمرين في السوق السعودية، وهذه الثقة نتاج عمل كبير أنجز خلال سنوات قليلة تمت فيه مراجعة شاملة لكل الأنظمة والقوانين وتغييرها لتتوافق مع أفضل الأنظمة في البورصات العالمية، وكذلك تطبيق الحوكمة على الشركات وملاحقة المتلاعبين في السوق، بالإضافة الى اطلاق العديد من المنتجات الاستثمارية ومنها فتح المجال أمام سوق المشتقات المالية، وتوفير الفرص المتنوعة للاستثمار في السوق المالية السعودية، إذ يعـد تنويـع المنتجـات الاستثمارية والآليات المتاحـة فـي السـوق الماليـة جاذبـًا لـرؤوس الأموال المحليـة والأجنبية، أيضًا آلية تسعير أسهم الطرح والتي تقوم على مبدأ العرض والطلب من قبل المؤسسات والصناديق الاستثمارية أصبحت أكثر عدالة من الطريقة القديمة، وأهم سبب في زيادة الإقبال على الاكتتابات هو الارتفاعات الجيدة للسوق السعودية وانفتاح شهية المستثمرين ووجود سيولة عالية تبحث عن فرص واعدة، ولذلك نعتقد أن هذه فرصة كبيرة للشركات العائلية بأن تتقدم إلى هيئة السوق المالية لطرحها وتحقيق أعلى تسعير ممكن والاستفادة من إقبال المستثمرين، وعلى هيئة السوق المالية تسهيل إجراءات الطرح وتقصير مدة الدراسة والموافقة عليه، لأن السوق متعطشة للمزيد من الطروحات الأولية، معالي رئيس هيئة السوق المالية صرح بأن الطروحات حتى نهاية هذا العام سوف تصل إلى 30 طرحًا وإن تحقق ذلك فسوف يكون انجازًا تاريخيًا لهيئة السوق المالية ونطمع في تضاعف العدد العام المقبل، من أجل تعميق السوق ورفع قيمته وزيادة أرباحه وتوزيعاته. من خلال متابعة للطروحات الأولية خلال السنتين الماضيتين أعتقد أن هنالك عددًا من الملاحظات وهي بالتأكيد لا تخفى على مسؤولي هيئة السوق المالية وربما تكون مطروحة على طاولة النقاش، منها على سبيل المثال ما حدث في الطروحات الأخيرة حيث أصبحت المؤسسات تذهب الى السعر الاسترشادي الأعلى ليس قناعة بعدالة السعر ولكن بسبب الطلب الكبير على الطرح الناتج عن آلية اكتتاب المؤسسات والصناديق الاستثمارية التي تضع طلبات بمبالغ أعلى من سيولتها لأن استلام القيمة بعد التخصيص وليس قبله، ولأجل تحقيق تسعير أكثر دقة وبعيدًا عن تأثير الطلب، أعتقد أن الحل الوحيد هو اشتراط الدفع قبل التخصيص لتكون الطلبات على قدر السيولة المتوفرة، الملاحظة الثانية هي أن تخصيص نسبة 10% فقط للأفراد أضاع عليهم فرص استثمارية جيدة، وتسبب في عزوف الكثير من الأفراد عن الاستثمار في الطروحات الأولية بسبب قلة الأسهم المخصصة لهم، أتفهم جيدًا قرار هيئة السوق المالية تخصيص نسبة 10% للأفراد ومنها الرغبة في تحويل السوق السعودية الى سوق مؤسسية يغلب عليها الاستثمار المؤسسي إلا أن ما نشاهده هو تخارج المؤسسات والصناديق الاستثمارية من أسهم الاكتتاب بعد عدة أيام وتحول ملكيتها إلى المستثمرين الأفراد، رؤية 2030 تهدف إلى رفع نسبة الادخار لدى الأسر السعودية إلى 4 أضعاف النسبة المسجلة عند إقرار الاستراتيجية، وحرمان المكتتبين الأفراد من الاستفادة من الطروحات الحالية قد يتنافى مع هدف تنمية ثقافة الادخار، ولذلك لابد من وجود بدائل جيدة منها صناديق متخصصة للطروحات الأولية ولكن بطريقة تختلف عن الصناديق الحالية، مثلاً يكون لكل طرح صندوق خاص لا يشارك في الطروحات الأخرى، ويتم تخصيص نسبة كبيرة من أسهم الطرح له أو حتى إعطاؤه الأولية في الحصول على كل الأسهم المطلوبة مع وضع ضوابط لهذا الصندوق، منها أن يكون المستثمر فردا، ووضع محفزات تشجعه على البقاء في الصندوق أطول فترة ممكنة، من ذلك استقطاع نسبة أكبر من الأرباح إذا تخارج من الصندوق مبكراً وتنخفض النسبة تبعاً لبقاء المستثمر في الصندوق وفي اعتقادي أن هذه الطريقة سوف تجتذب الكثير من المستثمرين الذين يبحثون عن تنمية مدخراتهم.
مشاركة :