الخرطوم - أعلن منشقون عن ائتلاف قوى الحرية والتغيير في السودان، السبت، عن توقيع ميثاق جديد لتوحيد قوى الحرية والتغيير تحت اسم "مجموعة الإصلاح". ودانت عدة فصائل من قوى الحرية والتغيير، من بينها حركات متمردة سابقة في دارفور، دانت السبت موقف الكتلة الرئيسية في ائتلاف الحركات المدنية في السودان الذي يحاول أن يدير بالمشاركة مع الجيش مرحلة انتقالية صعبة. وذكر الميثاق، أنه مفتوح لكل القوى السياسية ما عدا حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم سابقا، للتوقيع عليه خلال أسبوعين. ومن أبرز القوى السياسية والحركات المسلحة الموقعة على الميثاق، "حركة تحرير السودان"، و"حركة العدل والمساواة"، و"الحزب الاتحادي ـ الجبهة الثورية"، و"حزب البعث السوداني". فضلا عن "التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية"، و"الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة"، و"الحركة الشعبية". وكانت صحيفة "سودان تربيون" نقلت قبل أيام قليلة عن الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة سليمان صندل قوله إن "قوى سياسية وحركات مسلحة بدأت العمل على تأسيس ائتلاف جديد". وأشار إلى أن تأسيس هذا التحالف جاء بعد إصرار من وصفهم بـ "القوى الصغيرة المختطفة للحرية والتغيير" على ممارسة الإقصاء وتنفيذ رؤى أحادية، مضيفا "لم يكن أمامنا خيار آخر، خيارنا الآن طرح البديل الوطني الواسع الشامل، ونمضي في طرح خطتنا إلى الشعب السوداني". والميثاق المعلن السبت، يأتي بعد أقل من شهر على "إعلان سياسي" في 8 سبتمبر الماضي، وقعته قوى وحركات مسلحة أخرى بالائتلاف الحاكم لإنشاء هيكل تنظيمي لتوحيده، وهو ما عده مراقبون "بوادر انقسام داخلي" يعد الأول من نوعه منذ التأسيس في 2019. وانتقد الجناح الحاكم بقوى الحرية والتغيير، وهو تحالف المعارضة المدني الرئيسي الذي قاد الاحتجاجات المناهضة للبشير عام 2019، التوقيع على الميثاق الجديد معتبرين أنه "بلا معنى ومحاولة لخلق أزمة دستورية بالبلاد". اتهم العميد الطاهر أبو هاجة، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، السبت، "ضمنيا" أحزابا سياسية بـ"رفض التوافق الوطني والعودة لمنصة تأسيس الثورة". وقال أبو هاجة: "العودة إلى منصة الثورة السودانية إنما هي عودة إلى الحق، وعودة إلى التوافق الوطني الشامل، ومن يرفضون العودة إلى المنصة ستتجاوزهم الأحداث". وأضاف: "لن يستطيعوا (الأحزاب من دون تسميتها) الوقوف في وجه التيار الجماهيري الجارف الذي يعبر عن إرادة الشعب كل الشعب الذي يرفض تغليب المصلحة الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية". ومنذ 21 أغسطس 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر الماضي. ويفترض أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر الانتخابات، ولكن الخلافات تتزايد بين المدنيين ما يضعف أكثر فأكثر الدعم الذي يحظى به رئيس الوزراء عبد الله حمدوك المنبثق من ائتلاف الحرية والتغيير الذي خيب آمال الرأي العام بسبب إصلاحات اقتصادية غير شعبية. ويقول مراقبون إن الانقسامات تهدد بتشظّي التحالف المدني في السودان بما يمنح الطرف الآخر في الحكم، القوى العسكرية، أفضلية السيطرة ومواصلة قيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. ويفترض أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية، ولكن الخلافات تتزايد بين المدنيين ما يضعف أكثر فأكثر الدعم الذي يحظى به رئيس الوزراء عبد الله حمدوك المنبثق من ائتلاف الحرية والتغيير الذي خيب آمال الرأي العام بسبب إصلاحات اقتصادية غير شعبية. وتأتي هذه الخلافات لتزيد تعقيد المشهد السياسي في السودان الذي شهد أخيرا محاولة انقلابية وأول هجوم منسوب لتنظيم الدولة الإسلامية منذ إسقاط البشير فضلا عن اعتصامات تشل جزءا من صادراته ووارداته في منطقة بورتسودان في الشرق. الخرطوم - تظاهر الآلاف في العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها من المدن اليوم الخميس دعما لعملية انتقال للديمقراطية بقيادة مدنية بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد الأسبوع الماضي. وتأتي الاحتجاجات وسط تجاذبات بين الأطراف السياسية والعسكرية المشاركة في قيادة المرحلة الانتقالية والتي تبادلت الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والانفلاتات الأمنية. وكشفت المحاولة التي اتهم المسؤولون جنودا موالين لنظام الرئيس المعزول عمر البشير بالضلوع فيها، عن انقسامات كبيرة بين الجماعات العسكرية والمدنية التي تتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية من المفترض أن تستمر حتى عام 2023 وتفضي إلى انتخابات. وجاء العديد من المتظاهرين من خارج الخرطوم بالحافلات والقطارات من مدينتي عطبرة ومدني مثلما كان الحال خلال الاحتجاجات ضد الحكم العسكري بعد الإطاحة بالبشير مباشرة. وهتف بعض الآلاف أثناء انتظار القطارات قائلين إن الجيش جيش السودان وليس جيش البرهان في إشارة إلى الفريق عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني ومجلسه السيادي الحاكم. وفي الأيام والساعات التي أعقبت محاولة الانقلاب، اتهم مسؤولون مدنيون الجيش بتجاوز نطاق صلاحياته، في حين انتقد كبار الضباط أسلوب الإدارة المدنية في التعامل مع ملفي الاقتصاد والعملية السياسية. وأطاح الجيش بالبشير في أبريل/نيسان 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت بسبب أزمة اقتصادية متفاقمة. ووقع العسكر بعد ذلك اتفاقا لتقاسم السلطة مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المدني الذي أعلن اليوم الخميس تأييده لمظاهرات اليوم. وعلى عاتق المجلس السيادي السوداني المؤلف من خمسة عسكريين وستة سياسيين من المدنيين قيادة مرحلة انتقالية مدتها 39 شهرا وفق اتفاق تقاسم السلطة الذي ولد من رحم أزمة بين العسكر والمدنيين عقب عزل الرئيس السابق عمر البشير في ابريل/نيسان 2019. وكان واضحا من البداية أن صفقة تقاسم السلطة هشة بكل المقاييس حيث كانت نتاج اكراهات تلك اللحظة الفارقة في تاريخ السودان بعد 3 عقود من حكم شمولي هيمن خلالها الإسلاميون بالترهيب وشراء الولاءات والذمم من تاريخ الانقلاب العسكري في العام 1989 بقيادة عمر البشير وبدعم من جبهة الإنقاذ الوطني بزعامة (الراحل) حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية القومية. وبالمنطق السياسي والتاريخي الذي طبع المشهد السوداني منذ حكم جعفر النميري وصولا إلى مجلس السيادي الحالي، تبدو معادلة تقاسم السلطة، معادلة مضطربة ومربكة يصعب تطبيقها بسبب حسابات أطرافها (العسكر والمدنيون). وفي الفترة الأخيرة اتهم رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، السياسيين بالانشغال في صراع على الكراسي وإهمال مطالب التنمية وتطلعات الشعب السودني، فيما جاءت تلك الاتهامات بعد تحذير رئيس الحكومة عبدالله حمدوك من حالة "تشظ" داخل المؤسسات العسكرية، واصفا الوضع بأنه "أمر مقلق جدا".
مشاركة :