«إكسبو».. منصة ملهمة للفن والثقافة

  • 10/3/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

معرض «إكسبو 2020 دبي»، والهدف الذي سطرته الإمارات من خلال تنظيمها لـ«إكسبو 2020 دبي» يتلخص في توجيه رسالة إلى كل العالم مفادها أن قيم التعاون والفن والابتكار تغْني التاريخ الإنساني وتنشر التنوير وتهزم التحديات وتصنع مستقبلاً مستداماً وتحقق التقدم والازدهار، وخاصة أننا نعيش أزمتين عالميتين مهددتان للحياة على الأرض، وتستدعيان حلاً عاجلاً، هما المشاكل البيئية وجائحة «كورونا»، وبما أن مقالنا حول ما هو ثقافي وفني في «إكسبو»، فلعل أول ما يمكن تأكيده، في هذا المقام، أن المعرض نفسه عمل فني متكامل، تم إنجازه من قبل عقول يحركها ويلهمها الإبداع والابتكار. الإمارات تصنع المستقبل اختارت الإمارات شعار «تواصل العقول.. وصنع المستقبل» عنواناً لحملة استضافة «معرض إكسبو 2020 دبي»، وهذا الشعار يبدو متماشياً مع سياسة الإمارات في جميع المجالات، فهي تعد بحق بلد التواصل والضيافة، وأيضاً تصنع المستقبل باقتصادها ومدنها الذكية، واهتمامها بالابتكار والفنون والثقافة. والفنانون والمثقفون جزء من هذا المستقبل، وقد أكد ذلك الكاتب سعيد البادي، حين أشار إلى أن «الحضارة تقوم على المثقفين والمفكرين، والإمارات دولة تبني حضارة وتبني المستقبل، وعلى المثقف مواكبة الإنجازات، ودوره مهم جداً ولا يقل عن دور المبتكرين والعارضين وبقية المشاركين، فعليه العمل على التعريف بثقافة الإمارات من خلال فعاليات إكسبو 2020». والحال أن صناعة الثقافة والفن أصبحا متداخلين مع ما هو اقتصادي وتجاري، فبالإضافة إلى الجانب الإبداعي للأعمال الفنية، فهي أيضاً تعد منتجاً يخضع للعرض والطلب، ودولة الإمارات تشجع المعارض الفنية حيث أصبحت تنافس الدول الكبرى في هذا المجال، وأصبحت تمتلك متاحف عالمية كمتحف اللوفر أبوظبي، وهذا يؤكد خبرتها في مجال تنظيم المعارض والفعاليات الثقافية والفنية الكبرى. برامج ثقافية وفنية سيكون معرض «إكسبو 2020 دبي» غنياً بالبرامج الثقافية والفنية، ومنها برنامج الفنون البصرية المصاحب للمعرض، الذي قام بإعداده المنسق الفني المصري طارق أبو الفتوح، حيث ابتكر نظاماً فنياً يقوم على عرض أعمال فنية معاصرة في الأماكن العامة، من أجل الترحيب بالزوار، وأيضاً سيكون له امتداد عمراني مستقبلي، وما قاله حول الموضوع يؤكد ذلك: «مشروعنا يقدم نموذجاً فريداً للمزج بين تنمية عمرانية ومشهد فني ممتد قوامه أعمال فنية محببة ليكون للفن المعاصر حضوره الباهر والمؤثر في الفضاء العام في موقع (إكسبو 2020)، على مدى أشهر (إكسبو) الاستثنائية الستة، ولترك إرث بصري وجمالي دائم ومتناغم ومتداخل مع النسيج الحضري لهذا الجزء المستقبلي من المدينة». وبذلك يمكن اعتبار معرض «إكسبو» منصة عالمية للفن والثقافة، الأمر الذي سيحقق العبور الثقافي الذي سينتج عن تبادل الخبرات بين المثقفين والفنانين المشاركين في المعرض، وأيضاً فرصة ثمينة لنشر وتوسيع نطاق الثقافة الفنية في دبي والإمارات وفي المنطقة كلها، وقد أكد ذلك الفنان التشكيلي إياد موسوي بقوله: «بتقديري أن المعرض سينجح في توظيف الفن في خدمة المجتمع... كما أعتقد أنه يمكن الاستفادة من كل زاوية في المعرض، لعرض أعمال فنية مختلفة لفنانين مواطنين ومقيمين، وهذا بلاشك يعطي جمالية أكبر للموقع، ويعبر عن الانفتاح الكامل على الثقافة والفن، فضلاً عن كونه يمثل إضافة إلى المشهد الثقافي والفني المحلي والعربي على حد سواء». أما بالنسبة للعمارة التي تعد من الأعمال الفنية الرفيعة، فسيزخر المعرض بروائع معمارية لا حصر لها، وستعرض على أكبر شاشة عرض في العالم بزاوية 360 درجة، وصولاً إلى أكثر من مائة جناح دولي متميز. ومن التصميمات المذهلة بمعرض «إكسبو»، تصميم مستوحى من شكل الصقر هو الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، وصُمم هذا الجناح ليجسد صقراً يستعد للتحليق، وقد صممه المهندس المعماري والنحات الإسباني المستقبلي المعروف سانتياغو كالاترافا، وجاء التصميم مستجيباً ومعبّراً عن البيئة الإماراتية، حيث تكتسي الصقارة أهمية ودلالة ثقافية وتراثية متميزة في الإمارات. إن معرض «إكسبو 2020 دبي»، بالإضافة إلى احتضانه لثقافات العالم، يطلع العالم أيضاً على ثقافة الإمارات وعلى حضارتها، حيث الإبداع والفن والثقافة والتراث والاقتصاد يقدم الوجه المشرق للإمارات ويظهر بجهودها في الإسهام محلياً وعالمياً في دعم التطور وتثمين الابتكارات وتقدير الحياة والإسهام في خلق بيئة مستدامة في المستقبل، وإبراز دور الثقافة والفن في الرقي بالدولة وتطورها، وخدمة الإنسانية جمعاء. وما يمكن تأكيده أن «إكسبو 2020 دبي»، سيسهم في تمتين العلاقات بين الشعوب ويعزز تواصلها، ويساعد على فتح آفاق جديدة من أجل التعاون بين الدول، وأيضاً سيفتح المجال لتبادل الأفكار وللتنوع الثقافي والتراثي المادي واللامادي والتطور العمراني وكذلك الانفتاح على التجارب الفنية والثقافية للمبدعين والفنانين من مختلف بقاع العالم حيث سيحفزهم على الابتكار وتطوير قدراتهم الفنية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ما هو ثقافي وفني في المعرض، يشمل العروض الثقافية والموسيقية والمسرح والعروض الراقصة والسينما وغيرها، حيث سيعرض مختلف المبدعين والمثقفين والفنانين من كل دول العالم منتجاتهم الثقافية وإبداعاتهم الفنية في أجنحتهم التي تمثل 91 دولة، وهذه العروض الفنية تخلق نوعاً من التفاعل بين الفنانين بحيث يتبادلون الخبرات فيما بينهم، فيتعزز بالنتيجة حوار الثقافات والتسامح، ويتأكد دور الفن في خدمة القضايا المحلية والعالمية، وأيضاً يمكنهم المعرض من تقديم فنهم الذي يتضمن أفكارهم ورؤاهم لأكبر عدد من المتلقين الذين هم زوار المعرض، والذين سيكونون من مختلف بقاع العالم. جمهور الفن والثقافة ومن المتوقع أن يصل عدد زوار «إكسبو دبي» إلى أكثر من 25 مليون شخص تقريباً، يتوافد 70% منهم من خارج الدولة، وهذا العدد الكبير من الزوار ستحتضنهم دبي بعدما أعدت لهم كل سبل الراحة. وبما أن الثقافة والإبداع والفن من ركائز «إكسبو دبي»، فإن هؤلاء الزوار مدعوون للاستمتاع بوليمة ثقافية وفنية باذخة، وأيضاً الاطلاع على الابتكارات التي تعرضها أجنحة الدول المشاركة، وهذه الابتكارات هي التي تحدد معالم عالمنا الذي نعيش فيه اليوم، وتمكننا من التفاعل مع تطلعاته وشعاراته، واكتساب الوعي بالتحديات المستقبلية، وكذلك فالمعرض يفتح باب التعارف والتواصل بين الزوار الوافدين من مختلف دول العالم وبين المواطنين والمقيمين، وهذا الأمر من ثوابت الإمارات التي تعد نموذجاً للترحيب بالآخر والتواصل ونشر قيم التعايش والتسامح والانفتاح. كما أن «إكسبو 2020 دبي» من خلال عروضه الفنية والثقافية سيتيح أيضاً أمام كل زوار المعرض فرصة للتعرف على الثقافات الأخرى التي تساهم بذلك في نشر الوعي ببناء المستقبل ولن يتم هذا البناء إلا إذا توفرت شروط ذلك كرعاية الفن والثقافة والابتكار والاستدامة. والمعرض أيضاً سيكون فرصة لعودة التجمعات والحركة بعدما تعطلت لأكثر من سنة بسبب جائحة «كوفيدـ 19». واستعداداً لانطلاق فعاليات المعرض، بدأت الدول المشاركة تكشف عن أجنحتها التي تشتمل على أبرز تصاميمها في مختلف المجالات العلمية والهندسية والثقافية والفنية وغيرها، وكل هذه الدول سيطلع الزوار على نماذج من ثقافتها وفنونها وابتكاراتها واقتراحاتها لعالم مستدام. والزائر يطلع بالإضافة إلى الثقافة العالمية على الثقافة الإماراتية من خلال تنظيم فعاليات عبارة عن لوحات غنائية ورقص شعبي وفنون تشكيلية ومسرحية وغيرها من الأشكال الإبداعية والفنية.

مشاركة :