يمنيات خطفت جوائز عربية ودولية، أثبتن للعالم أن حفيدة الملكة بلقيس وسبأ وأروى، قادرات على استثمار فرص التألق، فقد عرفت نساء أرض الجنتين، بصلابتهن وقوتهن الناعمة في مقاومة الوجع، وكسر أسوار الحصار من أجل إثبات التأثير والحضور في بلاد خانعة تحت رحمة النزاع المسلح. مبدعات وعالمات، طبيبات وأديبات، محاميات ومخرجات، نساء ملهمات من شتى الفئات، انتصرن لمعاناة كل النساء اليمنيات، حققن انجازات عالمية حصدت جوائز ذهبية مرموقة، واستطعن أن يحولن المأساة إلى فعل إبداعي عابر للحدود، فأخرسن صوت المدافع وألجمن أفواه الدبابات، ثم رفعن أسماؤهن راية سلام ترفرف على خطوط النار، واستطعن لعب أدوار دبلوماسية، نقلن عبرها مآسي البلد المنسي على حواف الفقر والقهر والنزوح. منجزات توثق ذاكرة حرب دامية روعت شعب بكامله خلال 7 سنوات، وعبر هذا التقرير الاستقصائي، تلتقط "العربية.نت"، قصص نواعم يمنيات تربعن على منصات التتويج العالمي كمبدعات استثنائيات برتبة سفيرات محبة وسلام، فكانت التكريمات التي حظين بها تمثل بارقة أمل حقيقي تبلسم جروح البلد المنكوب، وكان منجزهن الذي نال شرف الاحتفاء، بمثابة توثيق ميداني لأرشيف حرب دامية روعت أكثر من 30 مليون إنسان يمني، ودفنت أحلامهم وأمالهم تحت الركام. يؤكدن في إفاداتهن لوسائل إعلام مختلفة، أن وقوفهن بشموخ على منصات التتويج، رسالة ضمنية إلى العالم بأن بلداً اسمه اليمن لا يزال شعبه يرزح تحت وطأة الصراعات والعنف، وأن المرأة اليمنية بعنفوانها الذي عرفت به تاريخياً، باتت أيقونة نضال وسفيرة سلام. صورة تجسد المعاناة والكفاح في البدء كانت الصورة، مستهلاً لتتويج المرأة اليمنية كصانعة مجد وحضارة تخرج من ركام الحرب لتصطاد طعاماً لأسرتها من قلب البحر على متن قارب تتقاذف به الرياح والأمواج، صورة تجسد أقسى ألوان المعاناة وأرقى مراتب الكفاح الإنساني التقطتها عدسة الارجنتيني بابلو توسكو، لامرأة يمنية تدعى فاطمة، لتحوز على المركز الأول لجائزة "الصحافة العالمية 2021"، في أمستردام. في العام 2019، ترشح فيلم "ليس للكرامة جدران" للمخرجة اليمنية سارة إسحاق، لجائزة الأوسكار، ويعتبر أول فيلم يمني يصل إلى الترشح إلى جائزة الأوسكار، وقد تأهل الفيلم، وكانت سارة قد صرحت ل"بي بي سي" BBC، أن أحداث "جمعة الكرامة" - التي قتل فيها العشرات وجرح المئات على أيدي مسلحين تشكل تحولاً درامتيكياً في مسار الأزمة اليمنية. بناء جسر ثقافي بين اليمن والنرويج في مطلع عام 2020، نالت الباحثة اليمنية إقبال دعقان لقب أصغر عالم في مجال الكيمياء على مستوى العالم. كما حازت جائزة "باني الجسر الثقافي" لعام 2019 من جامعة "أغدار - كريستيانساند" في النرويج لمهارتها الفريدة في التواصل وبناء الجسور بين ثقافتها وثقافات الآخرين. ووصفتها الجامعة بأنها صاحبة كفاءة ثقافية تستحق الاحتفاء، حيث ساهمت في بناء علاقات التفاهم والتسامح المتبادلين. الدكتورة إقبال هي أستاذ مشارك في مجال الكيمياء الحيوية وعلوم التغذية في جامعة "أغدار" بالنرويج. حاصلة على درجة الدكتوراه في مجال الكيمياء الحيوية عام 2012 من ماليزيا والحاصلة على جائزة Elsevier foundation في مجال الكيمياء للعام 2014 وممثل للإقليم العربي. نوبل لحقوق الإنسان لمحامية شجاعة عرضت حياتها للخطر في جنيف، تسلمت الحقوقية اليمنية هدى الصراري جائزة "مارتن إينالز" للعام 2020، وهي توصف بأنها "جائزة نوبل لحقوق الإنسان"، التي تمنحها عشر من أبرز المنظمات الحقوقية حول العالم للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان الذين برزوا من خلال التزامهم وشجاعتهم، معرّضين حياتهم للخطر. وكانت هدى قد خاطبت العالم، قائلة: "أحلم بعالم تحترم فيه حقوق الشعب اليمني بأكمله، عالم لا تعاني فيه الأم بسبب فقدها طفلها في ظل الحرب". آلام أشخاص فقدوا أطرافهم بسبب ألغام الحوثي نجمة يمنية أردنية، هي نسرين الصبيحي، صنعت فيلماً وثق آلام متضررين فقدوا أطرافهم بسبب الألغام الحوثية، فنالت عنه جائزة أفضل قصة بمهرجان فيوجين - شمال أوروبا للأفلام، بعد منافسة 180 فيلماً لمخرجين من 50 جنسية مختلفة. تناول الفيلم، سيرة ضحايا الألغام والقذائف في تعز، التي زرعتها ميليشيات الحوثي في ساحات المدارس والمستشفيات والأماكن السكنية. وأهدت نسرين الجائزة للسيدة دليلة التي ذهبت قبل عرسها بأيام لتحضر ماء من بئر، فأصابها لغم كان مزروع على عتبة بئر الماء، فتحولت من عروس إلى ضحية، وخسرت حياتها. "سفيرة أطفال العرب" وخطر الزواج القسري للفتيات من جانب آخر، تعد الناشطة اليمنية ندى الأهدل أول يمنية تحصد جائزة الفتيات في لندن عن دور "مؤسسة ندى"، في "إنهاء زواج الأطفال في الشرق الأوسط" من خلال تبني سلسلة من البرامج والمشاريع التي تركز على احتياجات الفتيات المعرضات لخطر الزواج المبكر والزواج القسري. وأقامت الجائزة ورشة عمل للفتيات في العاصمة لندن، استمرت من 3 مارس إلى 7 مارس لإدارة المشاريع والمؤسسات وتقديم البرامج للمانحين، وصناعة قيادات نسوية مستقبلاً في مختلف المجالات دون استثناء. ندى أصبحت رمزاً للطفولة البرية، فنالت لقب "سفيرة أطفال العرب"، لتحظى بشهرة في وسائل إعلام عالمية أول يمنية تحصل على "الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة" إلى ذلك، تواصل المرأة اليمنية الطالعة من بين ركام الحروب، صناعة مجدها الخاص، وهذه المرة، حصدت التشكيلية اليمنية الشابة شذى التوي، جائزة مسابقة الجون بيرن في إسكتلندا نظير مشاركتها بأربع لوحات من سلسلتها الفنية الخاصة، التي تحمل عنوان "العائلة". وفي السياق ذاته، شابة يمنية شجاعة، عملت مع الجيش اليمني لإنقاذ الأطفال بعد أن فقدت ابن أختها البالغ من العمر 15 عاماً في الحرب؛ وهي مستشارة محافظ مأرب لشؤون المرأة، ورئيسة مؤسسة فتيات مأرب التي أسستها مع أختها عام 2015. وتعد ياسمين القاضي أول يمنية تحصل على "الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة" في 4 مارس 2020، وهي جائزة أميركية تقدم سنوياً من قبل وزارة خارجية الولايات المتحدة لامرأة واحدة في جميع أنحاء العالم ممن يظهرن الشجاعة والاستعداد للتضحية من أجل الآخرين؛ لترويج أفضل لحقوق المرأة. وقد تأسست هذه الجائزة عام 2007 من قبل وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس في اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس. صحفية يمنية تخطف "جائزة بالم" الألمانية لحرية التعبير وعبر رسالة الصحافة، ودورها الناعم في التصدي لكافة أشكال الظلم والعنف والتهديد، برزت الكاتبة الصحفية والناشطة بشرى المقطري، التي تم تتويجها بجائزة "بالم" الألمانية لحرية التعبير وحرية الصحافة، عام 2020، مناصفة مع الكاتب الصيني غوي مينهاي. ويوهان بالم، الذي تحمل الجائزة اسمه؛ لكونه نموذجاً تاريخياً للنضال من أجل حرية الرأي، وحرية الصحافة، هو كاتب وبائع كتب ألماني، قام بتوزيع كتيب مجهول، عام 1806، يهاجم دكتاتورية نابليون، وسلوك القوات الفرنسية للسكان، وعندما فشل نابليون في معرفة المؤلف الفعلي، اعتقله مع تعليمات قطعية بإعدامه. جائزة "أطوار بهجت" لتغطية قضايا المرأة وفي الوسط الحقوقي والصحفي، مُنحت الناشطة والصحفية وداد البدوي جائزة "أطوار بهجت" في الحفل الذي نظمه "منتدى الإعلاميات العراقي" لتكريم عدة إعلاميات عربيات للعام 2021؛ نظير دورها البارز في الارتقاء بالرسالة الإعلامية، وخدمة قضايا المرأة، ولما تحظى به من تقدير. الجائزة تعود لمراسلة قناة "العربية" والأديبة العراقية "أطوار بهجت" التي تم اختطافها من قبل جماعات مجهولة عند ذهابها إلى سامراء لتغطية أحداث تفجير ضريح العسكريين في 22 فبراير 2006، وعثر عليها، في اليوم التالي، مقتولة مع طاقم العمل؛ لتصبح الجائزة تخليداً لها، وتقديراً لكل الصحافيات البارزات في الساحة العربية. صانعة سلام تتصدر غلاف مجلة جامعة "جورج تاون" قوة ناعمة أخرى، استطاعت لعب أدوار في صنع السلام، إنها وميض شاكر، باحثة ومستشارة وطنية بخبرة 15 عاماً، اختيرت من بين أفضل 100 امرأة عربية مؤثرة في المجتمع العربي للعام 2016، وكانت ضمن قائمة النساء السبع الحاضرات في مفاوضات الكويت بشكل جانبي كأول وفد يمني نسوي يحضر المفاوضات؛ من أجل أجندة النساء والسلام. ولأن وميض تقضي معظم وقتها في توثيق حياة ووفيات النساء اليمنيات، وقصص كفاحهن من أجل البقاء، وتطلعاتهن؛ فقد تم اختيارها ايضاً، من قبل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بنيويورك لتكون قصة الموسم على مجلة جامعة "جورج تاون". ولا تزال اليمنيات يسجلن قصص كفاحهن وإبداعاتهن في بلاد أنهكتها الحروب والصراعات، ليلفتن أنظار العالم إلى حجم هذا الخراب والوجع الذي يعيشه جيل كامل من أبناء اليمن الحزين.
مشاركة :