إيران أمام سخط شعبي متزايد في العراق رغم نفوذها القوي

  • 10/5/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬تعدّ‭ ‬إيران‭ ‬لاعباً‭ ‬استراتيجياً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المحاور،‭ ‬لكنها‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬اليوم‭ ‬مرغمةً‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬سخط‭ ‬كثيرين‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يشهد‭ ‬انقساماً‭ ‬حاداً،‭ ‬بحسب‭ ‬خبراء‭. ‬ ويتجسد‭ ‬الدور‭ ‬الحساس‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬تحالفاتها‭ ‬مع‭ ‬كيانات‭ ‬سياسية‭ ‬رئيسية‭ ‬ودعمها‭ ‬لقوات‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬التي‭ ‬تضمّ‭ ‬فصائل‭ ‬موالية‭ ‬لها‭ ‬وباتت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬الحكومية‭. ‬ اقتصادياً،‭ ‬يعتمد‭ ‬العراق‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬الخاضعة‭ ‬لضغط‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬أمريكية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ثاني‭ ‬مستورد‭ ‬للبضائع‭ ‬الإيرانية،‭ ‬حيث‭ ‬تملأ‭ ‬السيارات‭ ‬الإيرانية‭ ‬الصنع‭ ‬والزهيدة‭ ‬الثمن‭ ‬شوارع‭ ‬بغداد‭ ‬وغالبية‭ ‬المدن‭ ‬العراقية،‭ ‬فيما‭ ‬تنتشر‭ ‬المنتجات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المراكز‭ ‬التجارية‭. ‬ وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬خبراء‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬المقررة‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬أكتوبر‭ ‬لن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬وسيبقى‭ ‬‮«‬التحدي‭ ‬الأكبر‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬طهران‭ ‬اليوم‭ ‬استعادة‭ ‬الثقة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬ وترى‭ ‬الباحثة‭ ‬العراقية‭ ‬مارسين‭ ‬الشمري‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واحدا‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬قلق‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬حالياً‭ ‬هو‭ ‬الشعور‭ ‬العام‭ ‬بالاستياء‮»‬‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني،‭ ‬مضيفةً‭: ‬‮«‬لم‭ ‬تتوقع‭ ‬إيران‭ ‬ذلك‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬جديد‭ ‬عليها‭ ‬التعامل‭ ‬معه‮»‬‭. ‬ وبدا‭ ‬الاستياء‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬واضحاً‭ ‬خلال‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2019،‭ ‬للمطالبة‭ ‬بإصلاحات‭ ‬سياسية‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفساد‭ ‬وتحسين‭ ‬الخدمات‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬إذ‭ ‬أعرب‭ ‬خلالها‭ ‬المتظاهرون‭ ‬عن‭ ‬غضبهم‭ ‬حيال‭ ‬طهران،‭ ‬متهمين‭ ‬إياها‭ ‬بأنها‭ ‬مهندسة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬ وتصاعدت‭ ‬حدة‭ ‬الغضب‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬وخصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬القمع‭ ‬الدموي‭ ‬لاحتجاجات‭ ‬‮«‬تشرين‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬خلّف‭ ‬قرابة‭ ‬600‭ ‬قتيل‭ ‬وحوالي‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬جريح،‭ ‬واتهم‭ ‬ناشطون‭ ‬‮«‬مجموعات‭ ‬مسلحة‮»‬‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬فصائل‭ ‬شيعية‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬بالوقوف‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬الحملة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تنفيه‭ ‬الفصائل‭. ‬ ويوضح‭ ‬الباحث‭ ‬ريناد‭ ‬منصور‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬تشاتام‭ ‬هاوس‮»‬‭ ‬للأبحاث‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إيران‭ ‬خسرت‭ ‬جزءاً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬قاعدتها‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬وجنوب‭ (‬العراق‭)‬،‭ ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬تعتقد‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬أنها‭ ‬ستحتفظ‭ ‬بقاعدة‭ ‬موالية‭ ‬لها‭ ‬هناك‮»‬‭. ‬ ويضيف‭ ‬الباحث‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أحزاباً‭ ‬كثيرة‭ ‬متحالفة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬تواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬شعبيتها‮»‬‭. ‬ ونجح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مرشحي‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬نسبة‭ ‬مقاطعة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬مدفوعين‭ ‬بالانتصارات‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬الحشد‭ ‬في‭ ‬تحقيقها‭ ‬ضد‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭. ‬ ويسعى‭ ‬هؤلاء‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬حصد‭ ‬مقاعد‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬لكن‭ ‬خبراء‭ ‬يشككون‭ ‬بقدرتهم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭. ‬ وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬في‭ ‬سبتمبر،‭ ‬أعرب‭ ‬أحمد‭ ‬الأسدي‭ ‬أحد‭ ‬الشخصيات‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬الكتلة‭ ‬البرلمانية‭ ‬التابعة‭ ‬للحشد‭ ‬والمرشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬المقبلة‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الفصائل‭ ‬الموالية‭ ‬لها،‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬‮«‬علاقاتنا‭ ‬مع‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬ليست‭ ‬علاقة‭ ‬ناشئة،‭ ‬هي‭ ‬علاقة‭ ‬استراتيجية‮»‬‭. ‬وأضاف‭: ‬‮«‬ليست‭ ‬علاقة‭ ‬تبعية‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬انحياز،‭ ‬هي‭ ‬علاقة‭ ‬استراتيجية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬مصلحة‭ ‬العراق‭ ‬ومصلحة‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‮»‬‭. ‬ وأشار‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أولوية‮»‬‭ ‬مرشحي‭ ‬الحشد‭ ‬في‭ ‬جهودهم‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬‮«‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬وإعادة‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وبناء‭ ‬المنظومة‭ ‬التربوية‭ ‬والصحية‭ ‬وكذلك‭ ‬البنية‭ ‬الأمنية‮»‬‭. ‬ ويرى‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬علي‭ ‬البيدر‭ ‬أن‭ ‬الفصائل‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران‭ ‬‮«‬تحاول‭ ‬بشكل‭ ‬جاد‭ ‬وحقيقي‭ ‬تثبيت‭ ‬نفسها‭ ‬وغرز‭ ‬جذورها‭ ‬عميقا‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬وفي‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الفصائل‭ ‬‮«‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬على‭ ‬الوجود‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬مختلفة‭ ‬كالجوانب‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والثقافية‭ ‬والرياضية‮»‬،‭ ‬لتغيير‭ ‬نظرة‭ ‬الشارع‭ ‬العراقي‭ ‬إليها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الوجود‭ ‬خارج‭ (‬إطار‭) ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‮»‬‭. ‬ لكن‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يأخذ‭ ‬فيه‭ ‬تبلور‭ ‬التحالفات‭ ‬السياسية‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬حيزاً‭ ‬كبيراً‭ ‬بعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬ستكون‭ ‬المشاورات‭ ‬الخاصة‭ ‬بتشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الملف‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭. ‬ وتعتبر‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬لهيب‭ ‬هيجل‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬ستبحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬يمكنها‭ ‬العمل‭ ‬معه‭ ‬ويكون‭ ‬مقبولاً‭ ‬لبرنامجها‮»‬‭. ‬وأضافت‭: ‬‮«‬في‭ ‬العادة،‭ ‬مرشح‭ ‬الحل‭ ‬الوسط‭ ‬ليس‭ ‬بالخيار‭ ‬السيئ»؛‭ ‬لأنه‭ ‬مساوٍ‭ ‬‮«‬لرئيس‭ ‬وزراء‭ ‬ضعيف‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬ترى‭ ‬هيجل‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬يمكنها‭ ‬‮«‬العمل‭ ‬إما‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬مكتبه،‭ ‬وإما‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬مع‭ ‬جهات‭ ‬فاعلة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬حوله‮»‬‭. ‬ وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬يؤكد‭ ‬منصور‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النقطة‭ ‬المحورية‭ ‬ستكون‭ ‬الصفقات‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬خلف‭ ‬الكواليس‭ ‬لتشكيل‭ ‬الحكومة‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬لطالما‭ ‬اضطلعت‭ ‬طهران‭ ‬تاريخياً‭ ‬بدور‭ ‬كبير‭. ‬لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬إيران‭ ‬أنها‭ ‬اللاعب‭ ‬الخارجي‭ ‬الأكثر‭ ‬نفوذاً‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بتشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬في‭ ‬العراق‮»‬‭. ‬

مشاركة :