الجزائر – باريس - (وكالات الأنباء): أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الثلاثاء بعلاقاته الطيبة مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، في وقت يمر فيه البلدان بأزمة دبلوماسية عميقة يأمل الرئيس الفرنسي في إيجاد سبيل «للتهدئة». ووصف ماكرون تبون في حواره الإذاعي بأنه «شخص أثق به». قال ماكرون في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية «أتمنى حصول تهدئة لأنني أظن أنه من الأفضل التحاور والمضي قدما»، داعيا إلى «الاعتراف بالذاكرات كلها والسماح لها بالتعايش». أثار ماكرون غضب الجزائر بعد كلام نقلته عنه صحيفة لوموند قال فيه إن الجزائر أنشأت بعد استقلالها عام 1962 «ريعا للذاكرة» كرسه «النظام السياسي-العسكري» فيها. وتحدث ماكرون، بحسب الصحيفة، عن «تاريخ رسمي أعيدت كتابته بالكامل.. ولا يستند إلى حقائق» بل إلى «خطاب يقوم على كراهية فرنسا». وتابع في حواره الإذاعي أمس الثلاثاء «أكن احتراما كبيرا للشعب الجزائري وأقيم علاقات ودية فعلا مع الرئيس تبون». وكان ماكرون قد أشاد بنظيره في مقابلة مطولة مع مجلة «جون أفريك» في نوفمبر 2020. لكنه اعتبر في التصريحات التي أوردتها لوموند أنه يفتقر لحرية التصرف قائلا «لدي حوار جيد مع الرئيس تبون لكني أرى أنه عالق في نظام شديد التصلب». من جانبها دعت «المنظمة الوطنية للمجاهدين»، الهيئة الرسمية الواسعة النفوذ في الجزائر، الاثنين الماضي إلى «مراجعة العلاقات» الجزائرية-الفرنسية بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا وأثارت أزمة بين البلدين. وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، قالت المنظمة التي تجمع قدامى المقاتلين في حرب تحرير الجزائر، إنّه «آن الأوان لمراجعة العلاقات القائمة بين الدولتين الجزائرية والفرنسية». وأضاف البيان أنّ إجراء هذه المراجعة يمثّل «أولوية» و«مسؤولية وطنية»، وأنّه بات ضروريًا «التفكير جدّيًا في إخضاعها (العلاقات الثنائية) لتقييم يطال مختلف جوانبها». وغالبًا ما تطالب «المنظمة الوطنية للمجاهدين» فرنسا بـ«الاعتذار» عن «الجرائم» التي ارتكبتها خلال استعمارها الجزائر على مدى 132 سنة (1930-1962) والتي راح ضحيّتها، وفقًا للرئاسة الجزائرية، أكثر من خمسة ملايين جزائري. بدوره رفض رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن خلال زيارة لولاية وهران (غرب) تصريحات الرئيس الفرنسي، مؤكدا أنّ «بلادنا أكبر من كلّ التصريحات التي تحاول المساس بتاريخها وبجذورها». وأضاف الوزير الأول أنّ تصريحات ماكرون «لا نرضى بها أبدًا، فالجزائر شعب وأمة واقفة وضاربة في التاريخ». وقرّرت الجزائر السبت الماضي استدعاء سفيرها في باريس فورًا للتشاور، وذلك ردًّا على تصريحات لماكرون أوردتها صحيفة لوموند واعتبر فيها الرئيس الفرنسي أنّ الجزائر أنشئت بعد استقلالها عام 1962 على نظام يقوم على «ريع للذاكرة» كرّسه «النظام السياسي-العسكري»، مشكّكًا بوجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي. لكن ماكرون أمس الثلاثاء لم يعد إلى أكثر تصريحاته التي خلفت استياء لدى الرأي العام الجزائري والتي شكك فيها في وجود «أمة جزائرية» قبل الاستعمار الفرنسي. واعتبر أن مسألة العمل على الذاكرة «هي في الأساس مشكلة فرنسية-فرنسية»، مؤكدا «علينا مواصلة هذا العمل بكثير من التواضع وكثير من الاحترام». باشر ماكرون، أول رئيس فرنسي مولود بعد حرب الجزائر (1954-1962)، عملا غير مسبوق على ذاكرة الحرب التي ما زالت أليمة في نفوس ملايين الفرنسيين والجزائريين. وعبدالمجيد تبون المولود عام 1945 هو أيضا أول رئيس جزائري لم يشارك في حرب الاستقلال التي بدأت عام 1954.
مشاركة :