تعرف مدينة إدنبره بأفقها المثير، ومعمارها الجذاب، وبقلعتها الشامخة على قمة صخور عالية منذ القرون الوسطى. لكن رغم ذلك، تمثل العاصمة الأسكتلندية أكثر من مجرد جمالٍ مشرق. إنها مدينة صغيرة، يقل عدد سكانها عن نصف مليون نسمة. يدعي أهلها أنها أكثر الأماكن ذكاءً في بريطانيا. تبلغ نسبة سكانها الحاصلين على شهادات جامعية 54 في المئة. لذا، فإنها تُصنف باعتبارها أول المدن البريطانية في ذلك الإطار، حسبما يقول جون دونلي، المدير التنفيذي لمؤسسة ماركتنيغ إدنبره. ولندن هي أقرب المنافسين لها، حيث تبلغ نسبة الحاصلين على شهادات جامعية من سكانها 49 في المئة، وتليها بريستُل، بنسبة 44 في المئة. وبحسب دونلي، فإن إدنبره تتنافس فكرياً مع لندن في أكثر النواحي. إنها مركز اسكتلندا في مجالات السلطة والقانون والأمور المالية، ومحور للدراسات العليا أُنشيء منذ زمن طويل. وقد وصل عدد الطلبة المسجلين في جامعاتها الأربع في العام الماضي إلى 56 ألف طالب. وأضاف دونلي: التعلم والثقافة والأدب هي أمور متجذرة في إدنبره. وتدر مهرجاناتها الثقافية، المشهورة عالمياً، موارد تصل إلى 260 مليون جنيه إسترليني (393 مليون دولار أمريكي) سنوياً. جاء ذلك في آخر نشرة لـ دراسة تأثير مهرجانات إدنبره. كما تساعد الأبحاث في جامعاتها على تشجيع إنشاء شركات ومشاريع عقلانية جديدة. كل أولئك الأشخاص من المثقفين أعطوا ثمارهم للمدينة، فهي موطن بنك اسكتلندا الملكي والمكتب الرئيسي لـمجموعة بنك لويدز. أضف إليهما مؤسسات مثل إنشورانس ستاندرد لايف، وسكوتش ويدوز، ومؤسسات لإدارة الاعتمادات والصناديق المالية، مثل بايلي غيفورد، ومارتن كري، وآرتيمس لإدارة الاستثمارات، وهي جميعاً شركات كبرى في سوق المال توظف الكثيرين. قبل إجراء الاستفتاء الاسكتلندي حول الاستقلال في العام الماضي، حذرت العديد من الشركات الكبرى من احتمال انتقالها إلى لندن إذا ما انفصلت اسكتلندا عن المملكة المتحدة. لكن سكان اسكتلندا صوتوا للبقاء ضمن المملكة المتحدة؛ ولا تزال القدرات العقلية تتدفق عبر حدود البلدين، شمالاً وجنوباً. في وقتنا الراهن، لا يعتمد نجاح إدنبره بشكل محض على الإدارة المالية والقانون، ولكن أيضاً على التقنيات والابتكارات في مجال الصناعات الرقمية. فقد أصدرت كلية المعلومات بجامعة إدنبره أبحاثاً ممتازة ورائدة عالمياً في علوم الكمبيوتر والمعلوماتية أكثر من أي جامعة بريطانية أخرى. ذلك ما جاء في نشرة ريسيرتش إيكسيلانس فريمورك لعام 2014. لا يعتمد تقييم هذه النشرة فقط على نتائج الأبحاث المنشورة، بل وأيضاً على تأثيرها على المجتمع والصناعات، والسياسة الحكومية. في نفس الوقت، تشمل المجموعة المتنامية من شركات التكنولوجيا في المدينة المكاتب الرئيسية لشركة سكايسكانر و فري ـ أيجنت، والمكاتب الرئيسية البريطانية لشركة فان ـ دوول، و مركز التطوير لشركة أمازون الذي يُجري الابتكارات العالمية للشركة. أما مركز شركة المنتجات الرقمية الناشئة كودبيز، التي تأسست في عام الماضي، فتعلن عن نفسها باعتبارها أكبر حاضنة للتكنولوجيا في المملكة المتحدة. إنها تأوي 62 شركة وتشغل 400 موظفاً. حتى شركة روك ستار نورث، التي تنتج ألعاب الفيديو، تتخذ من المدينة مقرا لها. يوجد أيضاً ما لا يقل عن سبع مجامع علمية مختصة تنتشر في أرجاء المدينة. يعمل في أحد تلك المجامع العلمية، وهي أدنبره بايوكوارتر، 1,200 عالم أبحاث، وتضم عيادة بها 900 سرير، ويقع فيها مركز أكاديمي طبي هو الأسرع نمواً في أوروبا. ويتضمن ذلك المجمع شركات كبرى معروفة من أمثال غلاكسو سميث كلاين و روزلين سيلز. رائعة وهادئة رغم ما ذُكر، فالربح الكثير في إدنبره لا يعني جنون المدن الكبيرة ـ مثلما تراه في منافستها الواقعة إلى الجنوب، لندن. أجد لندن مشابهة تماماً لنيويورك، وخاصة بالنسبة للمساحة. ما يشدك إلى إدنبره على وجه الخصوص هو طبعها الهاديء، ذلك هو رأي دانا كيوراتولو كالين، المحاسبة المشرفة في شركة لورا ديفيدسون للعلاقات العامة، والتي تقوم بزيارات عمل منتظمة إلى اسكتلندا، والمقيمة في نيويورك. وتضيف كالين: أثناء زيارات العمل، تشعر بمستوى من الهدوء ربما لن تجده في أي مكان آخر. ولسكان اسكتلندا القدرة على أن يجعلوك تشعر بالراحة والهدوء في أوقاتٍ قد تكون عصيبة حقاً في مجال التجارة والأعمال. الأمور المالية الأوراق النقدية الاسكتلندية لها نفس قيمة نظيرتها التي يصدرها بنك إنجلترا، وهي عملة قانونية في جميع أرجاء المملكة المتحدة. ومع ذلك، ولأن تصاميمها مختلفة، فقد يرفض البعض التعامل بها خارج اسكتلندا، وعند تصريف العملة خارج البلاد. ومن الأفضل استبدال أوراق النقد الأسكتلندية التي بحوزتك بأخرى إنجليزية قبل أن تغادر البلاد. أي الأماكن أفضل للإقامة؟ يقع فندق والدورف أستوريا داخل صرح هائل شُيد من الحجر الرملي الأحمر. ويقدم الفندق خدمة خمس نجوم، وكان سابقاً يدعى ذا كاليدونيان رغم أن السكان المحليين لا يزالون يسمونه ذا كالي، وهو يتوسط قلب المدينة، ويمكنك أن ترى منه قلعة إدنبره. ونظراً لموقعه، فإنه لا يبعد سوى خمس دقائق سيراً على الأقدام من مركز إدنبره الدولي للمؤتمرات، ودقيقتين فقط من الحانات والمحلات التجارية الأنيقة في شارع جورج ستريت. كما يوجد في المدينة فندق ثيستل هوتيل ذو الثلاثة نجوم، ونفقات المكوث فيه معتدلة بالنسبة لموقعه في وسط المدينة. أما فندق كينغ جيمس فلا يبدو خلاباً من الخارج، ولكنه أنيق ومريح، ولا يبعد سوى أربع دقائق مشياً على الأقدام من ويفرلي، محطة القطار الرئيسية في مركز المدينة. ولمشاهدة مناظر رومانسية لقلعة إدنبره وأسطح البلدة القديمة، عليك الذهاب إلى مطعم البرج الواقع أعلى المتحف الوطني الاسكتلندي. هل لديك متسع من الوقت؟ وقعت أحداث معظم التاريخ الاسكتلندي العاصف في شارع رويال مايل في البلدة القديمة. وبالرغم من المحال التجارية في هذا الشارع، فمن الرائع أن تأخذ جولة فيه، ويجب ألا تفوتكم، فهي تولد إحساساً مميزاً. إبدأوا النزهة من قلعة إدنبره، والتي كانت في يوم ما سكنى لـالملكة ماري من اسكتلندا. ثم سيروا بتمهل نحو الأسفل باتجاه قصر هوليروود هاوس والذي لا يزال يستعمل كمحل إقامة للملكة إليزابيث الثانية. سيكون مسارك ممتعا برؤية معالم سياحية بارزة بما فيها هاي كيرك أوف سانت جايلز، وهي كاتدرائية اسكتلندا الرئيسية. ستجد على سفح التلة، وضمن بناء فخم بأعمدة عديدة، المعرض الوطني الأسكتلندي. توجد بداخله لوحات لرسامين عظام من أمثال بوتتشيلي وفيرمير ورامبرانت. كما إنها موطن لمجموعة من اللوحات الوطنية الأسكتلندية. اعتبارات خاصة يتضمن موسم الاحتفالات في شهري يوليو/تموز، وأغسطس/آب حفلات لموسيقى الجاز والبلوز، ومعارض الكتب والأعمال والإبداعات الفنية. كما يقام خلاله مهرجان الموسيقى الدولي إدنبره ميلا، والعرض الملكي العسكري لإدنبره، ومهرجان إدنبره الدولي الرئيسي. وخلال شهري الصيف، كما هي الحال أثناء أعياد الميلاد ورأس السنة ـ حيث تقام في المدينة إحتفالات هوغماناي الضخمة وعلى مدى عدة أيام ـ يصبح من المستحيل إيجاد مكان للمبيت فيه، كما ترتفع الأسعار بشكل كبير. حاول أن تحجز مقدماً، وقبل فترة طويلة. وللحصول على أماكن تم التحقق من جودتها، عليكم بزيارة الموقع الرسمي على الإنترنت فيزت سكوتلاند. الوصول إلى المدينة يقع مطار إدنبره على مسافة 8 كيلومترات فقط إلى الغرب من المدينة. يوفر المطار رحلات لأكثر من 120 مدينة في كافة أنحاء العالم، بما فيها تلك التي تقع في الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والشرق الأوسط. وهناك ما يقرب من 50 رحلة يومياً إلى لندن. يستغرق الانتقال إلى وسط المدينة ما بين 25 و 35 دقيقة بالحافلات، أو سيارات الأجرة، أو قطارات الترام. تصل خدمة أيرلينك 100، وهي خدمة الحافلات السريعة، إلى مركز المدينة وتغادر كل 10 دقائق من أمام مبنى القادمون المحليون، فيما عدا الفترة ما بين الساعة 12:15 بعد منتصف الليل إلى الرابعة فجراً. في هذه الأوقات، تتواصل الخدمة الليلية عن طريق الحافلة رقم إن 22 والتي تغادر كل نصف ساعة. وتكلف تلك التذاكر 4.5 جنيه إسترليني (6.97 دولار أمريكي). لاستعمال قطارات الترام في إدنبره، اتبع الممر المغطى من المبنى الرئيسي للمطار. تسير قطارات الترام رحلاتها إلى مركز المدينة كل 8 ـ 12 دقيقة، وتكلف التذكرة 5 جنيهات إسترلينية (7.74 دولار أمريكي)، وتضم جميعها تسهيلات لعربات المعوقين. أما إذا أردتم التنقل بسيارات الأجرة، فعليكم اتباع الإشارات الممتدة من المبنى الرئيسي للمطار إلى موقف السيارات المقابل، وهي بناية متعددة الطوابق. ويتناوب سائقو سيارات الأجرة لتشغيل هذا المكان طيلة ساعات اليوم، ويكلف تأجير سيارة إلى المدينة قرابة 20 جنيهاً إسترلينياً (30.96 دولاراً أمريكياً). يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.
مشاركة :