أكدت الولايات المتحدة أنها لا ترغب أن ترى في العراق «دولة هزيلة» لا يمكنها تحمل مسؤولياتها ومسؤوليات شعبها، ولا يمكنها السيطرة على السلاح المنفلت في أيدي «الجماعات المسلحة»، وذلك في الوقت الذي يتهيأ العراق لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة الأحد. وشدد متحدث في وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» على موقف الإدارة الأميركية في الوقوف مع الشعب العراقي، الذي يعاني من سوء الخدمات، ويطالب بمستحقاته من العيش في ظل دولة يحكمها القانون، مشيراً إلى ضرورة ضبط السلاح المتفلت في البلاد، وتقوية دور الدولة. وأكد المتحدث على أن العراقيين لا يريدون أن يروا دولة تسيطر عليها الميليشيات، مضيفاً: «نحن نقف مع الشعب العراقي... نريد رؤية دولة عراقية قوية وموحدة ومرنة وذات سيادة». وأشار إلى أن الولايات المتحدة تضم صوتها إلى صوت الشعب العراقي في رؤية أهداف تحققها الانتخابات العراقية المبكرة، وتتمثل تلك الأهداف في توفير الأمن، والوظائف، والكهرباء والمياه، والرعاية الصحية لجميع مواطني العراق. وتواصلت «الشرق الأوسط» مع عدد من المسؤولين السياسيين الأميركيين الذين عبروا عن قلقهم من الوضع العراقي الحالي، ووجود قناعة بأن الانتخابات القادمة «لن تغير شيئاً»، بعد أن انخفضت حماسة الشعب العراقي عن السابق، لافتين إلى أن الجماعات المسلحة ستحظى بفوز الأغلبية في الانتخابات، فيما سيعاني المستقلون في الحصول على اختراق كبير في الانتخابات. وأفاد مسؤولون (فضلوا عدم الإفصاح عن هويتهم) بأن المشهد في العراق بدا واضحاً بعدم وجود أي بوادر تغيير في المشهد السياسي، لأن الجماعات المسلحة «تسيطر على كل مفاصل الدولة»، ولأنهم أيضاً سيدخلون الانتخابات عبر بوابة الأحزاب السياسية بأسماء مختلفة، معبرين عن وجود «قلق كبير» من هذا السيناريو في العراق، وأن «الدولة في العراق شبه مختطفة من الحشد الشعبي». وأضافوا: «إيران لا تزال لديها اليد الكبرى في العراق، ولن تقدم أي تنازل سياسي حتى يتم عليها ضغط دولي منسق من الدول الكبرى، وهذه الطريقة الوحيدة لدفعها إلى تقديم تنازلات، ولكن للأسف لا توجد رغبة دولية في اتخاذ هذا الأمر، والسبب أن الجو الحالي هو مقاربة وصبر من الإدارة الأميركية الحالية والأوروبيين، وكل هذه المعطيات دفعت الدول الإقليمية إلى إيجاد طرق تعايش مع إيران». ولفتوا إلى عدم وجود «لهجة شديدة» مع الجماعات المسلحة وإيران الداعمة لها من الإدارة الأميركية الحالية، والسبب أن إيران لم تذهب إلى «مفاوضات فيينا» إلا بعد التأكد من أن دورها في الإقليم لن يكون على طاولة المفاوضات، وأميركا لا ترغب في «إفشال المفاوضات»، فقبلت بذلك. وفي سياق آخر، استطاع معهد الولايات المتحدة للسلام تحقيق اختراق «شعبي ديمقراطي»، وذلك بإبرام اتفاقية دعم سلطة القانون في العراق، واحترام حقوق الإنسان والذي يهدف إلى تعديل فقرات القانون العشائري التي لا تتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان، وكذلك الاتفاق على احترام سيادة الدولة، بألا يغلب دور القبيلة على دور الدولة. وأوضح الدكتور إيلي أبو عون مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد الولايات المتحدة للسلام، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتفاق العشائري القبلي ضم حضوراً قوياً من السنة والشيعة، وكان الهدف منه هو تعديل بعض فقرات القانون العشائري التي لا تتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان، وخاصةً ما يتعلق بحقوق المرأة. وقال أبو عون لـ«الشرق الأوسط»: «الوصول إلى الاتفاق خطوة كبرى ومهمة، ومرحلة التنفيذ ما بعد الاتفاق هي الأهم، وسوف نعمل على حث شيوخ العموم بالدفع لتنفيذ الاتفاق. وأساس الفكرة نبعت من الشركاء المحليين العراقيين العاملين مع معهد السلام الأميركي، وتم التأكد من وجود مباركة لها من السلطات العراقية وكذلك المرجعيات الدينية. وبعد ذلك تم التنفيذ بتمويل من وزارة الخارجية الأميركية - مكتب حقوق الإنسان، واستراتيجيتنا في العراق مستمرة وليست متوقفة وتحتاج إلى مرونة وعمل مستمر».
مشاركة :