متى يكون صد المهاجرين على حدود الاتحاد الأوروبي غير قانوني؟

  • 10/8/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

رجال ملثمون بزي موحد وبأيديهم عصي وهراوات، يدفعون مجموعة من البشر أمامهم لتجاوز نهر كورانا على الحدود الكرواتية-البوسنية. ما كشفه صحفيون استقصائيون مؤخرا، يغذي النقاش حول عمليات الصد والإرجاع على حدود الاتحاد الأوروبي. باستخدام العنف أجبروهم على العودة: صور بكاميرا خفية من منطقة الحدود الكرواتية-البوسنية في أكتوبر 2018. صحفيون استقصائيون من عدة دول أوروبية تمكنوا من توثيق عمليات "صد وإرجاع" على الحدود الكرواتية-البوسنية، من خلال تصويرها بالكاميرات. وعلى الصور التي تعود للفترة بين مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول 2021، تم توثيق 11 حالة، أعيد فيها مهاجرون دخلو كرواتيا بطريقة غير قانونية، أعيدوا بالإكراه إلى داخل البوسنة. أكثر من 140 شخصا أعيدوا بالقوة إلى البوسنة دون الفحص والتأكد من أحقيتهم في طلب اللجوء. "تشويه لسمعة الاتحاد الأوروبي" ونشرت وسائل إعلام عدة بينها مجلة "دير شبيغل" الألمانية وصحيفة ليبراسيون الفرنسية (الأربعاء السادس من أكتوبر/ تشرين الأول) تحقيقات توثق استراتيجية "الصد" التي تقودها "وحدات خاصة" من الشرطة بدعم جزئي من أموال الاتحاد الأوروبي في كرواتيا واليونان ورومانيا . هذه المعلومات "تشوه سمعتنا كاتحاد أوروبي"، بحسب المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية ييلفا يوهانسون. وقالت السياسية السويدية عشية اجتماع في لوكسمبورغ لوزراء الداخلية في الدول الـ 27 الأعضاء: "بعض هذه المعلومات تشكل صدمة وأنا قلقة جدا". وتابعت (الخميس 7/10/2021) :  "بالتأكيد يجب التحقيق في هذا الأمر"، مضيفة أنها قلقة من احتمال "سوء استخدام الأموال الأوروبية" المخصصة للدول الأعضاء لحماية حدودها، مذكرة بأن الاتحاد يمكن أن يعلق دفع هذه الأموال في حال انتهاك دولة القانون . وبحسب منظمات حقوقية، شهد العام الماضي لوحده تسجيل أكثر من 16 ألف حالة إرجاع وصد. مثل هذه الحالات سُجلت مؤخرا على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا أيضا. كذلك الأمر على حدود اليونان مع تركيا، وفي عرض البحر أيضا. عمليات الإعادة باستحدام العنف ضد المهاجرين القادمين بطريقة غير قانونية، تلقى انتقادات منذ سنوات من سياسيين ومن منظمات حقوقية. "عمليات الإعادة والصد هي بكل بساطة غير قانونية"، كما تقول جيليان تريغز، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ولكن "الصد" هو مصطلح سياسي، غير معرّف بوضوح من الناحية القانونية. لذلك فإن الوضع القانوني على الحدود معقد.   بناء الجدران العازلة، كما هو الحال هنا على حدود اليونان مع تركيا لمنع عبور المهاجرين هل يمكن لدولة ما أن تستخدم القوة لمنع الناس من دخول أراضيها؟ يمكن لأي دولة أن تقرر إن كان يُسمح لمواطني دولة أخرى دخول أراضيها. هذا الأمر ينطبق أيضا على كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي، فهي تحدد الطريقة التي تحمي بها حدودها وبالتالي تدافع بها عن سيادتها الإقليمية. حكومة الدولة المعنية تقرر بنفسها مدى "قوة" نظام الحدود لديها. ولكن يجب أن تلتزم سلطات حماية الحدود بالقانون الدولي. يجب أن تحافظ على مبدأ التناسبية، وألا تنتهك الإجراءات الحكومية حقوق الإنسان. فالأشخاص الذين عبروا حدود دولة بشكل غير قانوني، لا تجوز إعادتهم بشكل جماعي إلى الدولة المجاورة التي قدموا عبرها. فهذا يعارض مبدا حظر الترحيل الجماعي وما يسمى بحظر الإعادة القسرية، المذكور في اتفاقية جنيف للاجئين في عام 1951. وهو مبدأ عالمي راسخ في القانون الدولي. كما يحظر على الحكومات إعادة الأشخاص إلى دول يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. هل هناك حقوق للمهاجرين بطريقة غير قانونية؟ الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي وقعتها 47 دولة، تتضمن مبدأ حظر الطرد الجماعي في البروتوكول الإضافي الرابع. ولكن هذا المبدأ لا يتيح للمهاجرين غير النظاميين التذرع بهذا الحظر لمنع إعادتهم إلى أوطانهم أو لإجبارهم على العودة. في حكم حظي باهتمام كبير، صدر في فبراير/ شباط 2020، أضفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الشرعية بأثر رجعي على عمليات الصد. أصحاب الشكوى وهم من مالي وساحل العاج لا يمكنهم التذرع بحظر الترحيل الجماعي. فهم قد عبروا الحدود إلى منطقة مليلة الإسبانية على الحدود مع المغرب، وتم صدهم وإعادتهم باستخدام العنف. المحكمة رأت أن إعادتهم قانونية، وذلك لوجود معبر حدودي مفتوح يمكن عبوره بشكل قانوني لمن يمتلك تأشيرة دخول. المهاجرون الذين دخلوا بشكل غير قانوني لا يمكنهم التذرع إلا بالحظر المفروض على الترحيل الجماعي، أمّا اللاجئون الذين ينطبق عليهم التعريف الوارد في اتفاقية جنيف للاجئين، فإنهم يتمتعون بحماية قانونية أفضل بكثير حيال إجراءات إعادتهم، وذلك من خلال مبدأ حظر الإعادة القسرية. لاجئون أفغان تقطعت بهم السبل في المنطقة الحدودية بين بيلاروسيا وبولندا وبالتالي، فإن عمليات صد طالبي اللجوء الموجودين بالفعل على أراضي الاتحاد الأوروبي تخالف مبدأ منع الإعادة القسرية، إذا لم يتم التحقق من كل شخص على حدة والنظر إن كان يستحق الحماية أم لا. الخبير في القانون البحري في هامبورغ ألكسندر برويلس يوضح: "في اللحظة التي يصل فيها شخص ما إلى أرض دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، يكون للشخص المعني الحق في التقدم بطلب للحصول على اللجوء، ويجب التحقق من أحقيته بعد ذلك". مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكبار المختصين بالقانون الدولي يرون أن الحظر المفروض على الإعادة القسرية يسري أيضا على الحدود، حتى ولو لم يكن الشخص قد وصل بعد إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. حالة خاصة: عمليات الصد في أعالي البحار بالنسبة لعمليات الصد في البحر، تلعب المسافة إلى الساحل دورا مهما في الحكم عليها. فسيادة الدولة تنتهي عادة بعد اثني عشر ميلا بحريا من ساحلها. فإذا قام خفر السواحل خارج هذه المنطقة، أي في أعالي البحار - وهذا حدث عدة مرات في الماضي - بإجبار قوارب اللاجئين على العودة، فإن هذا لا يشكل انتهاكا للحظر المفروض على الإعادة القسرية. إلا أنه يتوجب على جميع قادة السفن تقديم المساعدة لأي قارب بحاجة للمساعدة. وهنا يمكن قانونا رفض دخول من يطلبون المساعدة إلى الاتحاد الأوروبي، كما يوضح الباحث القانوني برويلس: "لا يوجد التزام بموجب القانون البحري الدولي يجبر الدولة التي اتصلت بها بعد ذلك، على سبيل المثال إيطاليا أو اليونان، بأن تسمح لهم بالوصول إلى أراضيها". سواء كان ذلك في البحر أو في البر: قلة فقط من المتضررين من عمليات الإعادة لديهم القوة والوسائل في نهاية المطاف التي تمكنهم من اتخاذ إجراءات قانونية ضد ما حدث. أندرياس نول/ف.ي/ ص.ش (أ ف ب)

مشاركة :