قادت مملكة البحرين وروسيا ودول أخرى في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تصويتا لإنهاء تحقيق المجلس في جرائم حرب باليمن حيث رفض المجلس في تصويت قرارا طرحته هولندا لمنح المحققين المستقلين تفويضا لعامين آخرين. وجاء التصويت بدعوة من مملكة البحرين، في المجلس المكون من 47 دولة عضوا ومقره جنيف، ولأول مرة في تاريخ مجلس حقوق الإنسان منذ إنشائه يجابه مشروع قرار بالرفض. وخلال المناقشات لمشروع القرار قال السفير الدكتور يوسف عبدالكريم بوجيري المندوب الدائم لمملكة البحرين لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بجنيف في كلمته أمام المجلس إن مملكة البحرين كانت ودول التحالف لدعم الشرعية في اليمن بالإضافة إلى البلد المعني بمشروع القرار A/HRC/48/L.11 طرفاً أساسيا في إنشاء فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين حول اليمن استناداً إلى القرار التوافقي الذي صدر عن مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر من عام 2017. وأوضح أنه على ضوء ذلك، قامت دول التحالف بالتعاون التام والشفاف مع فريق الخبراء البارزين، إلّا أنّه للأسف أساء فريق الخبراء استعمال ولايته الممنوحة، كما تجاوز التعاطي مع قرار مجلس الأمن 2216، ووصف قائد مليشيات الانقلاب الحوثي بقائد للثورة، وتارةً أخرى يصف المليشيات بسلطات الأمر الواقع، وهو ما يتنافى كليّاً مع قرارات مجلس الأمن، كما أنّه يؤصل ويشرعن للانقلاب في اليمن، وقد كان لتقارير الفريق أثر كبير في تعميق الفجوة بين المكونات اليمنية، وإعاقة عودة الحكومة الشرعية، وذلك من خلال التشويش على الرأي العام الدولي بشأن الأزمة اليمنية، واعتبار أن الأزمة بدأت مع تدخل التحالف لإنقاذ الحكومة الشرعية. وقال إن وفد مملكة البحرين يـرى أن وجود مشروعين لقرارين منفصلين حول اليمن في هذه الدورة تحت بندين مختلفين في الطبيعة والمواضيع يعد أمراً غير طبيعي، باعتبار أنه يخلق استقطاباً حادّاً يتعارض مع الهدف الأنبل، وهو مساعدة اليمن في الخروج من الأزمة التي يواجهها منذ انقلاب المليشيات الحوثية على الحكومة الشرعية في عام 2014. وأكد الدكتور يوسف عبدالكريم بوجيري أنه بالإضافة إلى هذا المشروع يوجد مشروع قرار آخر تحت البند العاشر يُعنى بتقديم المساعدة التقنية، وبناء القدرات للجنة الوطنية اليمنية من أجل تعزيز قدراتها على تأدية ولايتها في تحقيق المحاسبة والعدالة بالتعاون الوثيق مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة نظراً إلى كونها الآلية الأكثر فاعلية وقدرة على أداء ولايتها من حيث رصد الانتهاكات ومعالجتها على أرض الواقع، فضلاً عن اطلاعها الدقيق ومعرفتها الواسعة بتعقيدات المشهد السياسي اليمني الداخلي، وبالتالي قدرتها على جمع الأدلة ورصد الانتهاكات وتحليلها بطريقة واقعية ومهنية، وهو ما يحتاج إليه اليمن ويقبل به. من جانبه أشاد المهندس محمد السيسي البوعينين رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب بالنتائج الدبلوماسية المبهرة لعضوية مملكة البحرين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي أسفرت عن إنهاء المحاولات المسيسة لتمديد فريق الخبراء الأممي للتحقيق في جرائم حرب بالجمهورية اليمنية. وأشار إلى أن دولا كبرى بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على رأسها روسيا الاتحادية، وضعت يدها في يد مملكة البحرين ووثقت بدبلوماسيتها لقطع الطريق أمام المحاولات المكشوفة الرامية إلى استغلال الظروف السياسية والاقتصادية والإقليمية من أجل التدخل تحت مظلة أممية لمراقبة الصراع الجاري باليمن، والذي أصبح جلياً اليوم أنه صراع للتمدد الإيراني بالمنطقة، وأن المملكة العربية السعودية تقود تحالفاً للدفاع عن الشرعية في اليمن. ورأى البوعينين أن مليشيات الحوثي الإرهابية هي المتورطة في جرائم الحرب وسفك دماء الشعب اليمني الشقيق من خلال تبعيتها العمياء للنظام الإيراني وتورطهما في ارتكاب مجازر وعمليات إرهابية بالمنطقة من بينها استهداف مكة المكرمة أطهر البقاع المقدسة بالأرض، مبيناً أن انحياز فريق الخبراء الأمميين بدا واضحا منذ تشكيلهم حيث كانت تصريحاتهم ومواقفهم ضد الحفاظ على استقلال اليمن وعروبته. وقال إنّ تصويت مجلس حقوق الإنسان يعتبر درسا في الدبلوماسية البحرينية الناجحة، ويفتح آفاقاً للحل السياسي في اليمن من دون تدخلات خارجية، متطلعاً أن تقرأ مليشيات الحوثي الإيرانية هذا القرار كخطوة للأمام في سبيل الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة اليمنية ووقف الأزمة الإنسانية والاحتياجات العاجلة للمدنيين اليمنيين الذين ينشدون الحياة بأمن واستقرار. بدوره أكد المستشار عيسى العربي رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان أهمية قرار مجلس حقوق الإنسان الذي اتخذه في دورته الـ48 والخاص بإنهاء ولاية فريق الخبراء الدوليين البارزين في اليمن في تعزيز وحماية المدنيين باليمن، وهو القرار الذي قادته مملكة البحرين بتحالف المجموعة العربية والافريقية والاسيوية. وقال العربي إن المملكة البحرين أثبتت بهذا الانجاز دورها المحوري الدولي الذي تتبوأه في عالم حقوق الانسان، بعد ان سعت عبر جهود حثيثة قامت بها بعثة البحرين في جنيف برئاسة الدكتور يوسف عبدالكريم لإثبات الحاجات الحقيقية للمدنيين في اليمن. وأوضح رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان أن عمل فريق الخبراء الدوليين طوال سنوات عملهم قد صاحبه اختلالات وانشقاقات أسهمت في خروجه عن ولايته الأساسية، وتوجيه دفة الفريق الخبراء لخدمة أجندات وغايات سياسية بعيدة عن القيم والمبادئ السامية والمستقرة بعالم حقوق الإنسان، وهو ما استدعى من المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس حقوق الإنسان للمبادرة بالقيام بمسؤولياته تجاه الشعب المدني، وإنهاء ولاية فريق الخبراء الدوليين التي امتدت سنوات من دون أي أفق إيجابي، وأسهمت في تعميق الانقسامات وإطالة عمر الصراع والمعاناة الإنسانية للمدنيين في اليمن، وبعد أن أدرك المجتمع الدولي أن فريق الخبراء الدوليين بدعم من المجموعة الأوروبية فشل في إنجاز واقع أفضل للمدنيين في اليمن بعد أن رفضت كافة الأطراف المعنية بالصراع في اليمن التعاون معهم في ظل ما شاب عملهم من خروج على المعايير الدولية وتعذر قيامهم بولايتهم وكفالتهم لمهامهم بكفاءة ومهنية لافتقارهم إلى الكفاءات والقدرات والامكانية اللازمة لإنجاز المسؤولية المتعلقة بمهام لجان الحقيقة والتحقيق الدولية، وقد تأكد ذلك من خلال تكاتف المجتمع الدولي بقراره الأخير في التصدي لسيطرة المجموعة الأوروبية على مقررات مجلس حقوق الإنسان لسنوات طويلة ساهمت في تأزيم العلاقة التي تجمع العديد من الدول بالمجلس، وأفقدتها الثقة والمصداقية في آلياته وعنايته وولايته المطلقة على حماية وتعزيز حقوق الانسان بالعالم.
مشاركة :