منصات التواصل الاجتماعي.. والتحكم في المعلومات

  • 10/9/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يجب أن تكون الإفصاحات التي كشفت عنها المُبلّغة فرانسيس هوجن عن شركة فيسبوك –أولا لصحيفة «وول ستريت جورنال» ثم لبرنامج «60 دقيقة» –بمثابة كوابيس للمساهمين: عندما تركت «هوجن» شركة فيسبوك، أخذت معها وثائق تُظهر، على سبيل المثال، أن الشركة كانت تعلم أن انستجرام منح فتيات مراهقات صورة أكثر سلبية عن جسدهن، وأن المحققين الداخليين كانوا يعلمون أن كارتل المخدرات المكسيكي الذي يستخدم المنصة لتجنيد القتلة وأن الشركة ضللت مجلس الرقابة الخاص بها بشأن إجراء طعون منفصلة بشأن المحتوى لعدد كبير من المستخدمين ذوي النفوذ. ومع ذلك، قد تكون شركة فيسبوك أكبر من أن تؤثر هذه الإفصاحات على مكانتها في السوق –في إشارة إلى أنه قد يكون الوقت قد فات منذ فترة طويلة لكي تتدخل الحكومة وتنظم شركة وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن لكي يتمكن صانعو السياسات من تنظيم شركة «فيسبوك» بشكل فعال – وكذلك جوجل وتويتر وتيك توك وغيرها من شركات الإنترنت – فهم بحاجة إلى فهم ما يحدث بالفعل على المنصات. سواء كانت المشكلة تتمثل في نشر معلومات مضللة أو الحض على الكراهية أو اكتئاب المراهقين أو المحتوى الذي يشجع على التمرد العنيف، لا يمكن للحكومات وضع سياسات سليمة إذا كانت لا تعرف طبيعة وحجم هذه المشاكل. وللأسف، فإن المنصات فقط لديها حق الوصول إلى البيانات ذات الصلة، وكما تشير أحدث الإفشاءات، فإن هذه المنصات لديها دوافع قوية لعدم إتاحة أبحاثها الداخلية للجمهور. ومن الواضح أنه من الضروري إجراء بحث مستقل حول كيفية استخدام الأشخاص لمنصات التواصل الاجتماعي. بعد سنوات من الإحباط – الذي شعر به أيضاً العديد من موظفي «فيسبوك»، الذين يحاولون القيام بالشيء الصحيح –استقلتُ العام الماضي كرئيس مشارك لجهد خارجي لمحاولة إقناع الشركة بمشاركة المزيد من البيانات مع الباحثين. وقد أعاقت مزاعم فيسبوك بشأن مخاطر الخصوصية والمخاوف بشأن فضيحة أخرى مثل فضيحة كامبريدج أناليتيكا جهودنا بشكل كبير. (قام باحث في شركة البيانات كامبريدج أناليتيكا بانتهاك خصوصية المستخدمين، مما دفع الحكومة الفيدرالية إلى إجراء تحقيق في ممارسات حماية البيانات على فيسبوك والتي أدت إلى غرامة قدرها 5 مليارات دولار). وعندما أتاح فيسبوك أخيراً للباحثين الوصول إلى البيانات، انتهى الأمر بوقوع أخطاء كبيرة –وهي مشكلة لم يتم اكتشافها إلى بعد أن أمضى الباحثون مئات الساعات في تحليلها، وفي بعض الحالات نشر النتائج التي توصلوا إليها (حول، على سبيل المثال، كيفية انتشار المعلومات المضللة). لذلك نحن الآن في طريق مسدود، حيث لا يثق الجمهور في الأبحاث والبيانات التي يصدرها «فيسبوك»، بينما يقول «فيسبوك» إن القانون الحالي يمنعه من مشاركة البيانات المفيدة مع الباحثين الخارجيين. يمكن للكونجرس حل هذه المشكلة من خلال إصدار قانون يمنح العلماء من خارج شركات التواصل الاجتماعي إمكانية الوصول إلى المعلومات التي يحتفظون بها –مع حماية خصوصية المستخدم. وهناك نماذج لأبحاث مماثلة حول قواعد البيانات الحكومية الحساسة، مثل تلك التي يشرف عليها مكتب الإحصاء أو دائرة الإيرادات الداخلية أو وزارة الدفاع، وهناك أيضاً بروتوكولات لدراسة البيانات الطبية الحيوية وغيرها من البيانات الشخصية. لكن الوصول إلى بيانات فيسبوك وجوجل يمثل تحدياً يختلف من حيث النوع والدرجة. وليس من المبالغة أن نقول إن كل التجارب البشرية تقريبا تحدث الآن على هذه المنصات، التي تتحكم في الاتصالات بين الأفراد وتمتلك معلومات ضخمة حول ما يقرأه المستخدمون، ويعجبون به، ويشترونه. أولا، يجب منح وكالة حكومية –غالباً لجنة التجارة الفيدرالية –التي تحقق بالفعل في قضايا الاحتيال وانتهاكات الخصوصية –سلطة كافية لمراقبة سلوك الباحثين، فضلاً عن ضمان تعاون المنصات مع المشاريع التي توافق عليها الوكالة. ثانيا، لا ينبغي للحكومة نفسها الوصول إلى البيانات. يجب أن تظل البيانات تحت سيطرة الشركة، لكن يجب أن تحدد لجنة التجارة الفيدرالية بالتفصيل إجراءات الوصول إلى البيانات، ومتطلبات المرافق في الشركات حيث سيقوم الباحثون الخارجيون بتحليلها. ثالثاً، يجب ألا يكون للشركة سلطة تحديد الباحثين الذين سيقومون بتحليل البيانات، ولكن يجب أن توافق عليهم لجنة التجارة الفيدرالية. ولتحقيق هذه الغاية يجب أن تعمل الوكالة مع مؤسسة العلوم الوطنية لوضع القواعد والإجراءات والتطبيقات التي تحكم اختيار الباحثين. وينبغي اختيار هؤلاء أولاً من أساتذة الجامعات، لأن الجامعات لديها مجالس مراجعة مؤسسية لمنع انتهاكات الأخلاق. وإذا ثبت أنه من الممكن قانوناً تحديد من يُعتبر صحفياً «مشروعاً» أو باحثاً في مركز أبحاث، فربما يمكن توسيع نطاق الوصول إلى ما هو أبعد من الأساتذة. الوضع الحالي –وهو أن المنصات هي التي تتحكم في جميع البيانات وتقرر المعلومات التي يستحق الجمهور أن يطلع عليها –هو وضع غير مستدام. لذا، سيكون من الخطأ أن ينظم الكونجرس الإنترنت بناء على النظريات الشعبية أو الحكمة السائدة المضللة فيما يتعلق بالأضرار التي تسببها هذه التقنيات الجديدة. نظراً لانقسام «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» حول كيفية تنظيم هذه الشركات، يجب أن يجتمع أعضاء الحزبين لوضع حد لتحكم هذه الشركات في المعلومات اللازمة لسياسة تكنولوجية سليمة.

مشاركة :