الخوف والركود يسودان القدس القديمة بعد تشديد الاحتلال إجراءاته الأمنية

  • 10/30/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القدس رويترز منذ شهر؛ لم يكن ممكناً العثور على مائدةٍ خاليةٍ في مطعم «أبو شكري» للفلافل الواقع في شارعٍ خلفي في القدس القديمة يتفرَّع من طريق الآلام. وعلى بعد أمتارٍ من الباب الأمامي للمطعم؛ وقعت مصادماتٌ بين شابٍ فلسطينيّ وإسرائيليين اثنين في الـ 2 من أكتوبر الجاري. وكان ذلك الحادث جزءاً من موجة غضبٍ أخيرةٍ ضد الاحتلال أسفرت عن استشهاد 61 فلسطينياً ومقتل 11 إسرائيلياً. ورغم أن سياحاً يعتريهم القلق مازالوا يتجوَّلون في الشوارع الضيقة للقدس القديمة؛ فإن أعدادهم قلَّت. كما تراجعت بشكلٍ ملحوظ أعداد الذين تجمَّعوا هذا الأسبوع في كنيسة القيامة. ويتمركز جنود الاحتلال في نقاطٍ نُصِبَت في المدينة على مسافاتٍ منتظمةٍ وظهورهم للحوائط، بينما لا يفتح التجار العرب متاجرهم خوفاً من الوضع الأمني ولاختفاء الزبائن. وأمام مطعم «أبو شكري»؛ توجد الآن نقطة تفتيش إسرائيلية. وداخل المطعم؛ تبدو الموائد خالية. ويصف مراد فلتس (32 عاماً)، وهو عامل بناء عربي مسيحي، الوضع بـ «السيئ كما نرى». ويعتقد فلتس أن على العربي السير في الشوارع ويداه مكشوفتان «حتى يرى الجنود الإسرائيليون أنك لا تحمل سكيناً». و«بعد الغروب؛ عليك ألا تتأخر في العودة إلى البيت لأن هذا المكان يتحول إلى مدينة أشباح»، بحسب تعبيره. ويشكو أصحاب المتاجر في المدينة القديمة، المُقسَّمة إلى 4 أحياء بين المسلمين والمسيحيين والأرمن واليهود، من تأثر نشاطهم التجاري بالأحداث. وتسبَّب تفجُّر المصادمات لفتراتٍ طويلة في تعطيل أنشطتهم بما في ذلك خلال الانتفاضتين الأولى والثانية في الفترة بين عامي 1987 و1993 وعامي 2000 و2005. ويعتقد تجار وسكان أن «الوضع الآن ليس بالسوء الذي كان عليه في الماضي، لكنه يسير في ذات الاتجاه». ومن أسباب اختفاء المتسوِّقين إجراءات الاحتلال الجديدة التي تشمل منع الانتقال من الأحياء العربية الواقعة في الشطر الشرقي للمدينة إلى بقية الأحياء. ويعيش في القدس أكثر من 300 ألف فلسطيني من أصل 800 ألف ساكن، ويتوجه كثيرٌ منهم إلى الأحياء القديمة خلال الأسبوع. ويربط حبيب حروب، وهو صاحب متجر في الحي الإسلامي القريب من المسجد الأقصى، بين الوضع الأمني وتعطُّل النشاط السياحي. وأقرَّ حروب بأنه لم يتمكن من بيع شيء هذا الأسبوع، متهماً الشرطة بالتحرش بأصحاب المتاجر العربية بما في ذلك إبلاغهم بتغيير اللافتات بأخرى عبرية. ورغم تأثره سلباً بالأوضاع؛ فإنه يتمنَّى استمرار الانتفاضة ضد الاحتلال، قائلاً «بغير ذلك لن تتحسن أحوالنا». وتؤدي كل الأزقَّة الملتوية في الحي الإسلامي إلى الأقصى الذي يعد الدفاع عنه أحد أسباب المصادمات الأخيرة. وانزعج المسلمون من زيادة زيارات اليهود إلى المسجد تحت حماية أمنية مشددة. ويُسمَح لغير المسلمين والسياح بزيارة الحرم القدسي، لكن لا يُسمَح لهم بأداء الصلوات. ووصف عصام الصغير، وهو صاحب متجر للعطارة، زيارة الحرم بـ «لُبّ المشكلة». ولاحظ أن «صبر الناس له حدود ثم ينفجرون»، متوقعاً أن لا «تهدأ الأمور هنا قط». ولأن العرب واليهود يغدون ويروحون يومياً في شوارع المدينة القديمة؛ فإن التوتر على أشده بين الجانبين. ويخشى اليهود هجماتٍ عشوائية، بينما يخشى العرب استهداف الشرطة الإسرائيلية لهم؛ إذ أطلقت النار على كثيرين منهم بدعوى أنهم مهاجمون. وفي الشوارع الضيقة؛ فإن المساجد والكنائس والمعابد اليهودية تكاد أن تكون على مرمى حجرٍ من بعضها بعضاً. ويوضِّح سكان محليون أنهم يُبقون أطفالهم في البيوت. ويضطر عامل البناء فلتس لاصطحاب أخته إلى المدرسة والعودة بها كل يوم، ويذكِّره الوضع المتوتر بفترات الاضطرابات السابقة. وينقل فلتس عن والده المتوفَّى أنه قال له منذ 20 عاماً إن شيئاً لا يتغير هنا «ولم يتغير شيء».

مشاركة :