الآلاف يحيون ذكرى مجزرة كفر قاسم

  • 10/30/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شارك الآلاف من أهالي مدينة كفر قاسم أمس، في المسيرة السنوية لإحياء ذكرى المجزرة المروّعة التي تعرضت لها البلدة على يد الجيش الإسرائيلي قبل 59 عاماً، يوم بدء العدوان الثلاثي (الإسرائيلي – الفرنسي – البريطاني) على مصر، والتي أوقعت 49 شهيداً. وتقدّم المسيرة قادة الحركات السياسية العربية المختلفة، ورئيس وأعضاء البلدية، وناشطون يهود يساريون. وحمل المشاركون الأعلام السود وأعلام فلسطين، ولافتات تندّد بمنفذي المجزرة والسياسة العنصرية التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وعند دوار الشهداء، وضعت أكاليل الزهور. وتخلّل المسيرة برنامج فني هادف، واختُتمت بمهرجان خطابي كانت الكلمة المركزية فيه لرئيس لجنة المتابعة العليا النائب سابقاً محمد بركة، أكد فيها أن «رمز انتصارنا هو أننا نجحنا في أن نصنع جيلاً ثائراً بعد جيل، وأن الأجيال الشابة المنتشرة في هذه الذكرى تؤكد أنها قابضة على ذكرى الشهداء وعلى مشروع البقاء والتجذّر بكل قوة، وأن لا نسيان ولا غفران». وأضاف: «إننا اليوم، وفي هذا المقام، ننحني لدم الشهداء وننتصب لمواصلة المسيرة... نقبّل جراح الجرحى ونضمدها للانطلاق الى أمام... ومن اعتقد أننا سننسى، فهو مخطئ لأننا لن ننسى ولن نغفر». وأضاف أن الحركة الصهيونية لا تزال مسكونة بعقلية المجزرة، وفي الأيام الأخيرة تجاوزت كل منطق حين أعطى رئيس الحكومة ووزير أمنه الضوء الأخضر لإطلاق النار على من يظنّونه عربياً و «مخرباً» بقاموسهم، و «هذا إعلان صريح من دولة إسرائيل أنها انتقلت بتفكيرها من عقلية الدولة الى عقلية العصابة. وهذا معناه أن كل عربي وكل فلسطيني في كل زاوية يمشي ودمه مهدور». وقائع المجزرة يُذكر أن المجزرة وقعت بعيْد إعلان الجيش الإسرائيلي حظر التجوّل في القرية وفي عدد من البلدات العربية، خوفاً من ردّ فعلها على العدوان الثلاثي على مصر. ولم يبلُغ أمر الحظر مئات العمال والفلاحين الذين غادروا صباحاً إلى الحقول وأماكن عملهم. وتلقى قائد «حرس الحدود» في البلدة المدعو ملينكي، أوامر بإطلاق النار على كل من يشاهَد في الشارع، وقضى الأمر بكل صراحة أن «يُفرض الحظر من دون اعتقالات، ومحبَّذ أن يسقط بضعة قتلى». ومع بدء ساعة تنفيذ الحظر، أطلق الجيش النار بكثافة على القرية، وبدأت المذبحة، إذ جمع العمال والفلاحين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، العائدين إلى بيوتهم في مدخل القرية الوحيد، وأوقفهم في طابور واحد، وأطلق الرصاص عليهم بدم بارد ووحشية حتى تأكد من قتلهم (49 شخصاً)، ومنع عائلات الشهداء من إلقاء نظرة الوداع عليهم، وأمر سكاناً من القرية العربية المجاورة «جلجولية» بحفر 49 قبراً في مقبرة كفر قاسم. ونجحت إسرائيل في التكتّم عن جريمتها لثلاثة أسابيع، إلى أن نجح النائبان الشيوعيان في الكنيست توفيق طوبي وماير فلنر، في اختراق القرية والكشف عنها من خلال الصحافي اليساري أوري أفنيري، ما اضطر الحكومة الإسرائيلية لاحقاً إلى تشكيل لجنة تحقيق حوّلت عدداً من المسؤولين والجنود (11 شخصاً) على محكمة عسكرية صُوَرية أصدرت أحكاماً بالسجن على عدد منهم، تم تخفيفها لاحقاً، وانتهت بعفو عام من «رئيس الدولة». وبيّنت محاكمة المسؤولين لاحقاً، أن القائد الذي أصدر الأوامر اسحق شيدمي، ردّ على سؤال الضابط ملينكي عن مصير المواطن العائد من عمله بكلمتيْ: «الله يرحمو» (وقالها بالعربية)، بينما رد ملينكي نفسه على سؤال لأحد جنوده عما ينبغي عمله مع المصابين من أبناء البلدة قائلاً: «بلا عواطف». وعُرفت محاكمة شيدمي بـ «محكمة القرش»، إذ كانت العقوبة على إصداره «أمراً غير قانوني في شكل قاطع»، التوبيخَ وفرْضَ عقوبة مالية مقدارها قرش إسرائيلي واحد!. ودلّت تحقيقات في الجريمة على أن منفذيها تصرفوا بناء لتعليمات القيادة العسكرية العليا، وبعلم أركان المستوى السياسي. وأُدرجت المجزرة في إطار المعركة التي شنّتها إسرائيل منذ إقامتها لتطهير فلسطين من أهلها. ووجد أركانها في العدوان الثلاثي على مصر وتمحوُر الاهتمام العالمي فيه، فرصة مواتية لمواصلة نكبة عام 1948 وتهجير الفلسطينيين، خصوصاً المقيمين على مقربة من الحدود الأردنية، من خلال ارتكاب مجزرة رهيبة تروّع سائر الفلسطينيين وتحملهم على الرحيل إلى الجانب الآخر للحدود.

مشاركة :