الحراك الذي تشهده المدن السعودية بقطاعاتها المختلفة نحو تحسين المشهد البصري أمر إيجابي، ويبرهن على ان هذه المدن قد دخلت في مرحلة الانتقال من مرحلة النمو إلى مرحلة التنمية، ومن شأنه إحداث عمل نوعي في جمالية عمران المدن على نطاق أوسع، إذ إن هذا الحقل بالذات كان مُنحصراً لفترة من الزمن في تهيئة عناصر محددة داخل الفضاءات المكانية المفتوحة دون مراعاة لمحيط البيئة العمرانية ووظائفها بشكل متكامل. نحن هنا نتحدث عن الجاذبية البصرية العمرانية التي يفترض التعامل معها «كمُنتَج» لمجموعة أعمال إدارة المدن على مستوى العمارة والتخطيط والإنشاء والتشغيل والصيانة والمراقبة، بشكل يتجاوز النظر اليها كمشروع أو مبادرة أو برنامج بحد ذاتها، كونها عملية ديناميكية تفاعلية مستمرة تعتمد وبشكل رئيس على الموائمة مع كل فعل داخل المدينة مهما كان نوعه. يمكننا القول إن مصطلح «التنسيق الحضري» يمثّل العنوان الأشمل لتحقيق القيم الجمالية في الفراغ العمراني وتحسين الصورة البصرية للمدن، وهو على المستوى النظري مزيج بين مساري «التصميم العمراني» و»تنسيق المواقع» بهدف تشكيل البيئة العمرانية والرفع من مستوى جودتها، ومن خلاله يتم النظر إلى الجاذبية البصرية على أنها مجموعة من الوظائف التي تؤدي إلى جمالية المكان ولا تقتصر على عناصر الجمال فقط، هذا أحد معايير تنافسية المدن. المدن السعودية بحاجة إلى أن تتبنى مبادئ «التنسيق الحضري» بشكل عملي كأداة مستدامة لتساعدها بتحقيق أهدافها في تحسين المشهد الحضري وتعزيز الجاذبية البصرية، وأن تعمل على إدراج هذا العنصر في كافة أعمالها كـ»ثقافة جودة» لأي مشروع أو برنامج يتناول إجراء تغييراً في تركيبة البنية التحتية داخل المدينة، ولضمان تحويله كحصيلة لكافة ما تقوم به إدارة المدينة، باعتبار أنه ليس أمراً طارئاً على أجندة أعمالها بل جزء أصيل من مكوّنات إدارتها العمرانية. الأمر الآخر يكمن في أهمية تفعيل مبدأ «الوقاية» من التشوه البصري وذلك من خلال تمكين أعمال الرقابة وفرض القوانين وتطبيق العقوبات كمساراً مسانداً بهدف تأسيس انضباطية متقدمة ومستدامة من جانب الأفراد والمؤسسات التجارية والمقاولين تجاه مدينتهم، وللحد من تدهور تنسيقها الحضري، كما أنه سيُقلّل وبشكل رئيس ومباشر من التكاليف والاعمال التشغيلية التي عادة ما توّجه لاحقاً لمعالجة الوضع الراهن.
مشاركة :