محبط؟، مكتئب؟ تحاول الهرب من مشكلات السياسة وأوجاع الاقتصاد؟ إنك مؤهل بالتأكيد لتصبح ضيفًا على مطربي الشارع. إنها ظاهرة شبابية مصرية متجددة يحاول القائمون عليها تخفيف وطأة الهموم، التي تثقل كاهل المواطن البسيط، سيصادفونك حتمًا في أحد الشوارع أو المقاهي يعزفون للمارة.. ويغنون لهم بلا مقابل، الأمر الذي اعتبره كثيرون محاولة من هؤلاء الشباب لبث قوالب موسيقية هادئة، تأخذهم بعيدًا عن صخب المدينة وسرعة وتيرة الأحداث، التي تشهدها مصر على مدى السنوات الأخيرة. إن هذا النوع من الأداء الموسيقي يتطلب قدرًا كبيرًا من الشجاعة من جانب المطرب أو العازف، بهذه العبارة بدأ المطرب الشاب خالد زيادة، مشيراً إلى أن مطرب أو عازف الشارع يغني للمارة في الشوارع العامة، وهو في هذه الحالة معرض لأي شيء سواء السخرية والتهكم، وربما يصل الأمر إلى الاعتداء البدني، أو التوقيف من جانب الشرطة، ومع ذلك لا يبالون بكل هذه المتاعب. تعطّش وأوضح زيادة أنه ومن خلال تجربته الذاتية بالغناء في الشارع، وجد أن المصريين في الشارع متعطشون للغناء الراقي والموسيقى الهادئة الجميلة، بل ومنهم من يبادر بالتعرف عليهو والحرص على أن يتواصل معه لاحقاً. وأشار إلى أن كثيرين عبروا عن عدم رضاهم من مستوى الغناء والموسيقى التي تقدمها صناعة الطرب المصرية في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن هذا كان أحد الأسباب في ظهور مبادرة مطرب الشارع، التي تعد إحدى نتائج انفتاح الشعب المصري على تجارب جديدة بعد ثورة 25 يناير. ويضيف زيادة: اخترنا في بداية الأمر أن تنطلق مبادرة مطرب الشارع من منطقة وسط البلد، التي كانت ومازالت منطقة جذب للمواهب الجديدة والتجارب الفريدة، وسرعات ما انتشرت إلى أحياء أخرى مثل المهندسين وحتى في المناطق الشعبية مثل السيدة زينب.. موضحاً أنه وعلى الرغم من المخاوف التي تنتاب كثيراً من الفنانين المشاركين، إلا أن رد فعل المصريين تكون في أغلب الأحيان مشجعة ومحفزة على الاستمرار، ومن المتوقع أن يكون المستقبل أكثر تشجيعًا. تحفيز ذوق 2بدورها، تقول أستاذة علم الاجتماع د.إنشاد عز الدين، إن مبادرة بعض الفنانين الهواة بالغناء من دون مقابل للمصريين تجربة فريدة من نوعها وليست منتشرة حتى في أكثر البلاد تقدمًا، ففي الولايات المتحدة وأوروبا هناك من يغني في الشارع، لكنه تسول مقنع، أما الشباب المصري، الذي يعمل على نشر البهجة والموسيقى الهادئة وسط المواطنين، فهو يعمل على ذلك من دون مقابل مادي أو حتى فني. وأكدت عز الدين أنّهذه النوعية من المبادرات من الأمور الإيجابية التي حدثت في السنوات الأخيرة، كما أنها تثبت أن هناك من يحرصون على تنمية الذوق والفن الراقي في مواجهة الموجة السائدة من الفن الهابط والذوق المتدني.. مضيفة أن تلك التجارب تترك أثرًا إيجابيًا في نفوس المصريين، الذين يشاهدونها، إذ تعيد لهم إحساس التفاؤل والطمأنينة، بل وإن تم تنظيم فعاليات كبيرة، للاستفادة من طاقة هؤلاء الفنانين، فإنها قادرة على تحفيز المصريين وإعادة الذوق الراقي إليهم، فالفن قادر على تحريك المجتمع بشكل إيجابي.
مشاركة :