حاوره - عبدالله الهامي: أكد وزير الخارجية اليمني رياض ياسين في حواره الخاص مع الأيام التدخلات الإيرانية في اليمن مشابهة لأطماعها التوسعية في البحرين بتدريبها العسكري للمواطنين، مضيفاً أن 2000 يمني يتدربون حالياً في قم الإيرنية. ولفت إلى أن المثال الذي قدمه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإرسال ابنيه سمو الشيخ ناصر وسمو الشيخ خالد، محل اعتزاز كبير لدى أبناء اليمن، مشيراً إلى أن أرواح البحرينيين الطاهرة التي امتزجت بدماء اليمنيين تعتبر رصيداً إضافياً للعلاقات الثنائية بين البلدين. وأشار إلى أن عمليات التحالف بالفعل أوشكت على الانتهاء معلناً قرب عودة الرئيس اليمني ومن بعده الحكومة لتعمل بشكل تنفيذي على إعادة بناء المرحلة القادمة. ولفت إلى أن عملية إدماج المقاومة الشعبية في المؤسسات العسكرية تحققت بضم حوالي 5000 فرد منهم، لكن ذلك بحاجة إلى خطة عمل واضحة يستفاد فيها من التجارب المشابهة الناجحة. وفيما يلي النص الكامل للحوار: الأيام: بدايةً معالي الوزير، كيف ينعكس حضوركم اليوم للمشاركة في قمة حوار المنامة على العلاقات الثنائية البحرينية اليمنية؟ ياسين: أولاً نؤكد لمملكة البحرين أن ما فقدوا من أرواح طاهرة امتزجت بدماء شعبنا اليمني، نعتبره رصيداً إضافياً للعلاقات البحرينية اليمنية وليست خسارة. وجُل اليمنيين يكنون خالص التقدير لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وما قدّم من مثال رائع بإرساله لابنيه سمو الشيخ ناصر وسمو الشيخ خالد إلى اليمن دون تردد للوقوف دفاعاً عن الشرعية في اليمن، فإننا نقدر ذلك تقديراً عالياً جداً. ولا شك وجود تقارب كبير بين الجمهورية اليمنية ومملكة البحرين، فأول نهضة في الجزيرة العربية بدأت في عدن والبحرين، سواءً من ناحية النظام البنكي والتعليمي وحتى نظام المرور. والعديد من أبناء عدن تدربوا فيما سبق على الأنظمة البنكية بالبحرين. وكان هناك تبادل تجاري مستمر بين الجانبين، عوضاً عن طبيعة المناخ المتشابهة. وبداخل عدن نعرف البحرين بأنها من أكثر المدن تطوراً في المنطقة. وفوق ذلك كله، فإن مشكلتنا في اليمن شبيهة إلى حد كبير بما يحدث في البحرين من محاولات إيران للتدخل في الشأن الداخلي، وبث الكثير من القلاقل لإرضاء أطماعها التوسعية، فكذلك هي تفعل في اليمن كما فعلت ولا زالت في لبنان وسوريا والعراق ومناطق أخرى. ومحاولات إيران للدخول على هذا الخط أصبح مفضوحاً، فهي لا تقوم بمجرد دعم سياسي أو ثقافي أو إعلامي، وإنما أيضاً لدينا معلومات تشير إلى أن أكثر من 2000 يمني يتدربون في قم الإيرانية بالوقت الحالي. وهناك محاولات كثيرة لإدخال الأسلحة كما جرى في البحرين، وألقي القبض على عدد من السفن الإيرانية التي تحاول إدخال السلاح لداخل اليمن، وذلك بخلاف خط الطيران الذي فتحه الحوثيون من داخل مطار صنعاء مباشرة إلى إيران بعد انقلابهم على السلطة الشرعية، ووصلت إليهم أكثر من طائرة محملة بالسلاح. وكذلك تم القبض على عدد من أفراد الحرس الثوري الإيراني من بينهم خبراء، يقاتلون مع الحوثيين. وبالتأكيد فإن التدخل الإيراني واضح ومرفوض في الوقت نفسه من كل أبناء اليمن. الأيام: بالحديث عن مصير مشاركتكم في جنيف 2 بعد وجودكم هناك في يونيو الماضي في جنيف 1 بدون فائدة، هل تنوون فعلاً الذهاب إلى هناك؟ ياسين: أؤكد أن الشرعية في اليمن ممثلة في فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومنذ اليوم الأول وافقنا على الدخول في مشاورات من أجل تطبيق وتنفيذ قرار الأمم المتحدة 2216، وبدأنا بالفعل هذه المشاورات من خلال الزيارات المتكررة للمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ إلى الرياض وذهابه أيضاً إلى صنعاء لمقابلة مليشيا الحوثي وصالح والذهاب إلى مسقط لنفس الغرض والعودة إلى نيويورك والرياض. وكان لا بد من الجلوس وجهاً لوجه لذلك، ومادام أن المسألة هي تطبيق قرار الأمم المتحدة فليس لدينا مانع، وذهبنا لجنيف 1 على أمل أن تكون هناك جدية حقيقية من قبل هذه المليشيات، ولكن اتضح أنهم يراوغون فقط ولا يريدون الجلوس على طاولة الحوار ولا تنفيذ القرار الأممي ويتوهمون بأنهم قد أصبحوا مسيطرين على كل اليمن وأصبحوا أمر واقع ولا يمكن لهم التنازل عن شيء. وكان هذا الوهم يسكنهم لذلك رفضوا أن يدخلوا في حوار مباشر، وذهبنا نحن وقابلنا الأمين العام بان كي مون واجتمعنا بسفراء الدول الأربعة عشر الراعية للحوار، ومكثنا في مبنى الأمم المتحدة بجنيف لحوالي 9 أيام ولكنهم رفضوا لقاءنا وبقوا في الفندق ولم يحددوا عدد الوفد الخاص بهم ولا حتى سمّوا رئيس الوفد، ولم يأتوا لثانية واحدة إلى الحوار، لذلك يتحملون هم المسئولية الكاملة في فشل جنيف 1. وذهابنا إلى جنيف 2 مشروط بوجود برنامج عمل واضح، وجدية الطرف الآخر في تنفيذ القرار الأممي. وجديتهم تبدأ من خلال إيقافهم لحرب الإبادة التي يقومون بها ضد المدنيين في تعز على سبيل المثال، وأن يفرجوا عن كل المعتقلين لديهم ويسمحوا لمواد الإغاثة الإنسانية بالمرور للمحتاجين لها وألا يقطعوا الطرقات، وهذه ليست شروطا وإنما تلك خطوات ستؤكد جديتهم بالفعل، ونحن نقول ليست لدينا شروط. الأيام: قبل أيام قليلة كان هناك اتصال بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأمريكي أوباما وترحيب من كليهما بإجراء جولة جديدة من المفاوضات.. فهل هناك مؤشرات بترتيب مفاوضات خارج جنيف 2؟ ياسين: نحن متفقون من خلال ما عرفناه من الاتصالات الجارية بأن الجميع يسعى لتنفيذ قرار 2216، وأن هذا هو الأساس وبداية الحل. والمشكلة اليمنية مركبة ومن خلال المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني توصلنا إلى وضع الكثير من الآليات والتصورات لكيفية حلها، لكن انقلاب ميليشيات الحوثيين هدم كل ذلك وأوقفه. وحتى لا نعود إلى مربع الصفر فعلينا أولاً تنفيذ القرار 2216 الواضح في وقف أعمال العنف والانسحاب من كافة المحافظات وتسليم الأسلحة والسماح للحكومة بممارسة عملها والإفراج عن المعتقلين، ثم بعد ذلك تبدأ العملية السياسية الشاملة للجميع، والتي يجب ألا تنحصر في طرف دون الآخر. وأشير إلى أن الحوثيين لا يمثلون سوى أقلية قليلة جداً تكاد لا تتجاوز 2% من إجمالي اليمن، فهل يعقل أن هذه النسبة الضئيلة تستخدم العنف والسلاح لتفرض رأيها على الأغلبية. ونقول دائماً بأنه ليس لدينا أي مانع في وجود أية أقليات مهما كان عددها وأن يكون لها دور في الحياة السياسية، بشرط ألا تستخدم العنف والقوة وألا ترتبط بقوة خارجية تريد الدمار لليمن وإقلاق المنطقة. الأيام: هل أصبح هناك تحجيم للتدخلات الإيرانية اليوم في الشأن اليمني؟ ياسين: الشعب اليمني في مجمله يرفض هذا التدخل السافر، فحتى أولئك اليمنيون المنتمون إلى المذهب الزيدي وتحاول إيران أن تثيرهم بفرض المسألة على أنها طائفية.. هم أبعد ما يكونون من إيران وأقرب إلى السنة. ونحن نتمتع في اليمن بوحدة وتقارب بين المذهبين حتى أن الزيدية يصلون في نفس المساجد السنّية ويحتفلان بالمناسبات والأعياد الدينية في الوقت نفسه وليس هناك فرق بينهما، ولكن محاولة إيران باستمالة هذه الطائفة أصبحت مفضوحة وباتوا الآن يحاولون من خلال الحوثيين تجيير ما يحصل بقدر الإمكان من أجل دخولهم إلى اليمن. إلى جانب أن قوات التحالف من خلال الحصار الجوي والبحري نجحت في وقف سيل الدعم الإيراني المسلّح. وإيران أبداً لم تدعم اليمن بإنشاء بنية تحتية كالمدارس والمستشفيات ولم تقدم حتى مساعدات اقتصادية، مثلما نراه في اليمن من مساعدات يقدمها أشقاؤنا في دول الخليج وبقية دول العالم.. من مدارس ومستشفيات وطرقات إلى آخره. وإنما كل ما تقدمه إيران لليمن لا يتعدى محاولات إثارة الفتن والسيطرة على أهم مضيق في العالم باب المندب للتحكم في التجارة العالمية. ولكننا نقول بأنه إن كان لدى إيران أية مصالح، فعليها أن تأتي للحكومة الشرعية وتدخل من الباب وليس من النافذة لا تأتي وتشجع ميليشيات صغيرة، فنحن لا نريد حزب الله يمني ولا نريدها أن تُؤلب طائفة على الأخرى أو تثير فتنة طائفية كما تحاول أن تعمل في البحرين ولبنان مثلاً. وكنا نأمل أن تبدأ إيران في مراجعة نفسها بعد الاتفاق النووي، ولكن يبدو أنها مستمرة في سياستها، التي تَمثّل آخرها في محاولتها إرسال سفينة محملة بالصواريخ والأسلحة قبل حوالي أسبوعين، ولذلك تم قطع العلاقات مع إيران وسحب القائم بالأعمال وإغلاق السفارة، وطلبنا من السفارة التركية أن تسيّر أعمال الجالية اليمنية هناك. الأيام: من ناحية الإمدادات العسكرية التي تحاول إيران إدخالها للانقلابيين، هل يمكن أن نقول بأنها قطعت تماماً؟ ياسين: للأسف إيران تحاول بطرق مختلفة أن تدخل الأسلحة، وأحياناً تقوم بهذا عن طريق البر وتم رصد أكثر من محاولة لذلك، وقبل يومين كان هناك زورق أو اثنان تحاول تهريبهما إلى السواحل اليمنية. وتحاول إيران للأسف، إرسال أسلحة عبر إحدى الدول المجاورة عن طريق البحر، وذلك ما يشعرنا بأنهم لا يريدون أبداً أن يعمّ الاستقرار والأمن داخل اليمن بمحاولتهم الدائمة لتأجيج ما يحصل داخل اليمن، ففي ظل الإمكانيات الضعيفة جداً بالنسبة للحكومة اليمنية في الوقت الحالي فيصعب عليها أن تسيطر على المناطق الشاسعة اليمنية. الأيام: بالنسبة لسلطنة عمان، ما هو الدور الفعلي الذي تلعبه فيما يخص الشأن اليمني؟ ياسين: سلطنة عمان تقول بأن ليس لديها مبادرة حقيقية ولا تلعب دور الوسيط كما يقول وزير خارجيتها يوسف بن علوي: عمان تقف على الحياد.. ولسنا وسطاء وليست لدينا مبادرة عمانية للحل، وهم ملتزمون كبقية دول العالم بقرار الأمم المتحدة 2216، ولكنها تفتح مجالاً للحوثيين أن يأتوا إليها ومن هناك ينطلقوا إلى العالم. الأيام: هل ترون أن محاولتهم هذه تحولت بالنسبة للحوثيين إلى ما يشبه المتنفس؟ ياسين: هم بالفعل يستغلون ذلك على الرغم من حسن نوايا عمان الكبيرة، لكن في كل يوم يمر سيدركون أن سماحهم لميليشات الحوثي تستغل بشكل سيء، فنحن في اليمن نعرف الحوثيين وكلما حاولنا أن نتفق معهم أو نرضيهم حتى لا يشتعل فتيل حرب أهلية نفشل في ذلك، فلا وعد لهم، وبالتأكيد يستغلون الضيافة العمانية بشكل أو آخر لينطلقون من داخل مسقط باتجاه طهران وموسكو والعراق وعدة دول، كما لو أنهم يستخدمون مسقط كقاعدة للإنطلاق أو سفارة لهم. ونحن نحترم موقف عمان على اعتبار رأيهم الخاص في المسألة اليمنية ولكن نعتقد أنهم ليسوا موفقين في ذلك، فمليشيات الحوثي وصالح يجب حصارهم كما عملت كل دول العالم حتى يدركون بأن ما يقومون به هي جرائم حرب والإنقلاب الذي قاموا به مرفوض بالمطلق. الأيام: مقارنة بالشأن السوري الذي لا زال مشتعلاً حتى اليوم، ما الذي استدعى الإهتمام باليمن بذلك القدر وتشكيل قوات التحالف فوراً لإنقاذه؟ ياسين: اليمن مهمة لعوامل كثيرة أولاً جغرافية وسياسية وكثافة سكانية مقارنة بالمحيط بها، والموقع الجغرافي استراتيجي جداً وذلك ما استدعى التحرك الفوري. ومحاولة التدخل الإيراني كانت ستغير من الجغرافيا السياسية للمنطقة ما سيؤدي لنشوب حرب طائفية أخرى وسيتهدد أيضاً المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج. لذلك، فإن أهمية انقاذ اليمن تأتي في ظل استراتيجية انقاذ المنطقة فمعظم الحروب التي تدور في المنطقة سواءً بسوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو حتى في مصر تأتي بسبب وجود قوة متطرفة ومليشيات وجماعات متطرفة لم تكن في السابق لتستطيع أبداً أن تسيطر حتى على قرية ولكنها اليوم بإمكانها السيطرة على بلد بالكامل، فكما ترى أن داعش تسيطر على نصف العراق ونصف سوريا، وكذلك بوكو حرام التي تسيطر على مناطق كبيرة من نيجيريا، وكذلك الحوثيين سيطروا على اليمن كلها تقريباً. ومن هنا كان التحرك ضروري كي لا تتكرر نفس التجربة، فحينما قامت طالبان كمليشيا وسيطرت على داخل أفغانستان وعاثت فيها فساداً، تشكل التحالف الدولي بعد مرور عشر سنوات وتم إزاحتها. وعقلية المليشيات لا يمكن أن يسمح لها بأن تحكم دولة، فأساسها التدمير وليس مشروع بناء دولة وهذه هي المشكلة، وإن سمحنا اليوم لمليشيا الحوثي أن تسيطر وتبقى، فيعني ذلك أنه غداً ستأتي مليشيا أخرى وتسيطر، ومن هو اليوم قوي بالسلاح سيأتي من هو أقوى منه، لذلك فهذه الوقفة الإستراتيجية الواعية القوية من خادم الحرمين الشريفين ودول الخليج في عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل والسهام الذهبية ومشاركة أبناء البحرين في هذا دليل على أننا نعيش الآن مرحلة إستراتيجية جديدة فيها الكثير من التلاحم. ولن نتردد الآن نحن كيمنيين ولا أشقاؤنا في السعودية أو البحرين والإمارات وقطر وعمان والكويت في أن نقف مع بعضنا لأن المصير أصبح مشتركاً، والدليل أن ما تحقق في فترة وجيزة حوالي 7 أشهر يعتبر الكثير، إذ تم تحرير أكثر من 80% من اليمن. الأيام: هل حقاً تحقق هدف قوات التحالف كما أعلن وزير الخارجية السعودي الجبير.. وأنها على وشك الانتهاء من عملها في اليمن؟ ياسين: معركة الإنقاذ هذه لها أهداف وحينما تتحقق فلا داعي لاستمرار الحرب، فالشرعية عادت إلى اليمن وبات العمل الآن يمضي نحو إعادة تثبيت الأمن والاستقرار في اليمن. ودخول أشقائنا في دول الخليج لإنقاذ اليمن لم يكن مزاجي وإنما كان بطلب من الحكومة الشرعية الممثلة في فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وذلك حتى لا تتدحرج الأمور ونتحول إلى سوريا آخر ما زال يعاني ولم تحل مشكلته حتى اليوم. وما قاله الدكتور عادل الجبير كلام فعلي وصحيح ونحن على قرب الانتهاء من عمليات التحالف، فلا أحد يحارب من أجل الحرب. وهذه بالتأكيد ليست حرب وإنما معركة إنقاذ. الأيام: بعض الدول أرسلت قوات إلى اليمن كالسودان في الوقت الذي عاد فيه جنود البحرين إلى وطنهم.. فهل هناك توزيع في المهام والأدوار؟ ياسين: التفاصيل العسكرية لماذا ذهبت القوات لا أعرفها صراحة، وكل ما أعرفه أن هناك دول التحالف مع دول الخليج الخمس والسودان ومصر والأردن تنسق فيما بينها عسكرياً وترتب من يبقى ومن يغادر وتبقى هذه الأمور طبيعية جداً في ترتيبات يعرفها أكثر العسكريين وقيادة التحالف. الأيام: بالنسبة لمعركة تعز في الوقت الحالي، هل اقترب فك حصارها وتحريرها؟ ياسين: تعز هي أكبر مدينة من حيث الكثافة السكانية على مستوى اليمن، وموقعها الاستراتيجي وسط اليمن يضيف لأهميتها، وأبنائها يقاومون بشراسة، وذلك دليل على الرفض الشعبي العام للحوثيين بالداخل اليمني، واستمرار هذه المقاومة انتصاراً، فرغم كل الضرب الذي ينهال عليهم إلا أنهم لم يستسلموا. وحوالي 80% من تعز تم تحريره، ولكن هناك بعض الجيوب أو المعسكرات في المناطق المطلة عليها يستغلها الحوثيين في ضرب صواريخ الكاتيوشا والمدمرة الأرضية على المناطق السكنية. وهم يتعمدون ذلك لإثارة أكبر قدر من الضجة الإعلامية، فيتعمدون الضغط على تعز من أجل أن تكون هناك عملية ضغط دولية علينا لإيقاف هذه الحرب بأسرع وقت ممكن بسبب وجود ضحايا مدنيين، رغم أن أولئك يقعون بسبب الضربات الحوثية على المناطق السكنية. الأيام: بعد معركة الإنقاذ في اليمن، ماهي أولى الخطوات التي ستتخذها السلطة الشرعية في اليمن؟ ياسين: بدأت بعض الخطوات بالفعل ولو أنها تعثرت بسبب الظروف المختلفة لتثبيت الأمن والاستقرار وملئ الفراغ الذي قد يتسبب، وحتى لا تستغله قوة ارهابية أو مليشيات متطرفة أو ما يسمى بداعش أو القاعدة. وأعتقد أن أحد الأولويات المهمة تكمن في عودة حكومة تنفيذية تستطيع أن تعيد تطبيع الحياة في المناطق المختلفة ثم يأتي بعد ذلك إعادة الإعمار. الأيام: ما السبب في تعثر تلك الخطوات برأيكم؟ ياسين: يعود ذلك لعدة أسباب أهمها التحدياتٍ الكبيرة وما لم يكن متوقعاً من مليشيا الحوثيين وصالح القيام بذلك الكم الهائل من التدمير للبنية التحتية، إذ دمروا خلال أقل من 130 يوماً ما يمكن تدميره في 10 سنوات. والبنية التحتية داخل اليمن أصلاً متواضعة ولم تكن مؤهلة، ولم يطورها علي عبدالله صالح خلال الثلاثين عاماً الماضية لذلك بقيت ضعيفة، وانهارت بأبسط الضربات. وكمية التدمير المهولة تبين مدى الحقد الذي تكنّه مليشيات الحوثي وصالح على عدن وباقي المدن وما يقومون به اليوم في تعز. وإلى جانب ذلك، فإنه للأسف لم تكن لدى الحكومة خطة بديلة، وذلك في ظل تسارع الأحداث الذي شهد انتصارات متسارعة من قبل التحالف والمقاومة الوطنية، فلم تستطع الحكومة نتيجة لمشاكلها الخاصة وعدم وجود معظمها أن تواكب ذلك بوضع خطط متسارعة ولذلك تعثرت العملية. ولكن خلال الأسابيع والأشهر القادمة سيتم وضع خطة لأجل ذلك. الأيام: أين وصلتم في مسألة احتضان المقاومة الوطنية التي تساند السلطة الشرعية اليوم في اليمن؟ ياسين: من المهم الإشارة إلى أن فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي أول ما أصدر من قرارات مهمة شمل كيفية استيعاب الشباب والمقاومة ضمن اطار المؤسسات الأمنية كالشرطة والجيش والمؤسسات العسكرية كمرحلة أولى، ثم يتم فيما بعد إعادة تأهيلهم وتصنيفهم إلى مهن أخرى. الأيام: كم القدر الذي استوعبتموه حتى اليوم؟ ياسين: لا تحضرني الأرقام الدقيقة، ولكنه تم استيعاب حوالي أربعة إلى خمسة آلاف. وأعتقد أنه يفترض بأن تكون هناك خطة واقعية مبنية على أسس واضحة وبإمكان الاستفادة من تجارب بعض الدول التي تعرضت لفترات سابقة إلى ما تعرضنا إليه. وأعتقد أن هناك مشكلة حقيقية في ذلك الجانب فكثير من أفراد المقاومة ينتظرون حل سريع، ولكن في ظل الظروف الصعبة الحالية وعدم توفر الإمكانيات المادية، فإننا نبقى في بداية المشوار، ودائماً البداية صعبة ولكننا متفائلين بالتغلب عليها. الأيام: داعش اليوم أصبح مثار اهتمام العالم بسبب ما يهدده من أمن إقليمي، فأين اليمن من ذلك التهديد، أم أنها بعيدة عن ذلك؟ ياسين: للأسف اليمن كانت تعاني من مشكلة الإرهاب في أيام الرئيس المخلوع علي عبدالله الصالح، والذي كان لديه قاعدته الخاصة الممثلة بعدد كبير من المجموعات والأفراد التي تقوم بعمليات إرهابية تحت مسمى القاعدة أو داعش أو مسميات أخرى، وهو يحركها متى يشاء ويوقفها متى يشاء ويمولها ويبرمجها، وقدمنا للأمم المتحدة ملفاً كاملاً بذلك. الأيام: وأين تقف هذه الجماعات اليوم؟ ياسين: تسيطر بعضها على المكلا في حضرموت، ولكن أؤكد لك أن هذه الجماعات كلما سيطرت على مناطق.. يأتي الجيش ويحررها كما حصل في زنجبار (أبين). وإذا ما عادت الدولة لوضعها فلن يتمكنوا من السيطرة على اليمن، على الرغم من أن هناك بالفعل مخاوف من قيامهم بعمليات إجرامية منفردة كالتفجيرات ولكن لن يستطيعوا السيطرة على كل اليمن. الأيام: ماذا عن تصريح وزير التخطيط اليمني مؤخراً عن رؤيتكم المستقبلية بالانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي؟ ياسين: نعتبر انضمامنا لدول مجلس التعاون الخليجي أمر حتمي بكل المقاييس وخاصة بعد عاصفة الحزم والتحرير والانتصارات التي تحققت، فهناك عوامل كثيرة تستدعي أن تكون الاستراتيجيات القادمة تتمثل في بناء منظومة موحدة لها موقف موحد. وأعتقد أن كثير من الدارسين الاستراتيجيين يروا بأن اليمن قوة إضافية من ناحية عدد السكان الذي سيتضاعف بانضمامها لمجلس التعاون وموقعها الاستراتيجي. والآن صار هناك ملحمة تاريخية تتحقق من خلال ما حصل في اليمن وتجربة جديدة نتعلم منها جميعاً وستسهل لنا عملية مواجهة أي مشكلة قادمة سواء كانت في البحرين أو قطر أو الإمارات أو حتى خارج دول الخليج. والمهم أن نشعر جميعاً بمزيد من الثقة، وذلك أهم ما في الموضوع. الأيام: ومتى تنوون تقديم طلب الانضمام..؟ ياسين: ذلك الموضوع يعود إلى فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وما نعتبره الأهم في الوقت الحالي هو استتباب الأوضاع، بما يؤهلنا لأن نكون جزءاً من هذه المنظومة. الأيام: بالحديث عن موضوع التخطيط، أين وصلت لجنة التخطيط التي تمارس عملها من أجل النهوض باليمن؟ ياسين: نحن في مجال إعداد البرنامج لكيفية إعادة الأمن والاستقرار كأولوية ثم إعادة بناء البنية التحتية؛ لأنه لا يمكن للمواطن أن يعيش دون ذلك، وعندما يتم فرض الإستقرار في أسرع وقت ستكون هناك خطة مبرمجة وعاجلة لإعادة البناء والإعمار وبشكل يحقق لليمن ما تصبو إليه في فترة زمنية قصيرة، وتكون في مستوى مقارب لدول الخليج، حتى يكون ذلك تحت إطار التأهيل للانضمام إلى دول الخليج لمجلس التعاون. الأيام: متى برأيكم ستعود الحكومة إلى اليمن لممارسة أعمالها من هناك؟ ياسين: أعتقد أن فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي سيعود قريباً ثم ستعود الحكومة وتكون هناك حكومة تنفيذية فعّالة، وذلك أيضاً يعتمد على حسب الظروف. الأيام: كممثل للسياسة الخارجية لليمن، ما الرسالة التي تود إرسالها للعالم؟ ياسين: نؤكد للعالم أننا نسعى لحل سلمي لما يدور في اليمن ولا أحد يرغب أو يريد استمرار الحرب مهما كانت مبرراتها، لكن عندما تضطر لأن تقوم بالدفاع عن نفسك وتكون هناك قوة أو مليشيات لا تريد ذلك فأنت مضطر للتعامل معها. وما أريد أن أوجهه إلى بعض الذين يعتقدون أن حرب اليمن هي حرب ما بين يمنيين أو حرب طائفية أو أهلية، فهي ليست كذلك وإنما حرب واضحة بين مجموعة مليشيات أخذت سلاح ثقيل من مؤسسات عسكرية وتحالفت مع إيران من أجل تحقيق أطماعها التوسعية في المنطقة وهذا المثلث هو الذي أقام هذه الحرب ويستمر فيها ويغذيها. وعلى العالم أن يتفهم أننا نسعى ونساعد ونريد أن تتوقف الحرب ولكن ضمن إطار تنفيذ قرار الأمم المتحدة 2216 وليس ضمن إطار ظالم لأي أحد أو تحقيق انتصار على جهة أو طائفة أو إرغام أحد ولكن في إطار إيقاف هذه المليشيات التي جاءت من أقصى الشمال صعدة واجتاحت كل البلاد. ولا أعتقد أن أي مسؤول أو عاقل في العالم سيسمح بأن يحدث ذلك في بلاده، وبالرغم من الضغوطات التي تأتي من بعض الدول في العالم والتي نقدّرها ونحترمها ولكن عليهم أن يروا بأن ما تقوم به مليشيات الحوثيين يومياً من قتل وتدمير بداخل تعز خير دليل على أن هذه المليشيات لا تريد الخير لليمن.
مشاركة :