تدهور نتائج شركات النفط يجبرها على خفض التكاليف والاستثمارات

  • 10/31/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أدى تراجع أسعار النفط إلى تدهور نتائج شركات النفط الكبرى في الفصل الثالث، بحيث أصبحت تطبق الوصفة ذاتها لامتصاص الصدمة، من خفض للتكاليف والاستثمارات مع الحفاظ على الأرباح بأي ثمن. وقال كريستوفر ديمبك المحلل الاقتصادي في بنك ساكسو، "إنه مع الأسعار التي هوت والمتوقع أن ترتفع بشكل طفيف في عام 2016، لم تكن هناك مفاجآت في هذا الصدد". صحيح أنه لا مفاجآت لكن الأرقام تتحدث عن نفسها، فـ "توتال" الفرنسية العملاقة شهدت انخفاضاً في صافي أرباحها بنسبة 69 في المائة إلى 1.08 مليار دولار بين تموز(يوليو) وأيلول (سبتمبر) بسبب تدهور قيمة الموجودات، رغم أن صافي دخلها المعدل الذي يستثني المواد المتقلبة والاستثنائية يعتبر أفضل حالا. من جهتها، تراجع صافي مداخيل بريتش بتروليوم "بي بي" البريطانية إلى لا شيء كما انتهت "إيني" الايطالية و"شتات أويل" النرويجية إلى الرقم الأحمر، لكن الخسارة الكبرى كانت من نصيب "شل" البريطانية الهولندية التي تعاني خسارة هائلة بحجم 7.4 مليار دولار. بدورهما، كشفت شركتا النفط الأمريكيتان أكسون موبيل، وشيفرون عن تراجع عوائدهما في الربع الثالث، فقد انخفضت عائدات "أكسون موبيل" في الفصل الثالث بشكل كبير بسبب تأثير انخفاض أسعار النفط والغاز في عمليات التنقيب والإنتاج. وانخفضت العائدات بنسبة 47.5 في المائة لتصل إلى 4.2 مليار دولار، مع تراجع أرباح عمليات التنقيب والإنتاج إلى 1.4 مليار دولار مقارنة بـ 5.1 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، كما تقلصت عائدات الشركة الأمريكية بنسبة 37.1 في المائة لتصل إلى 67.3 مليار دولار. وقالت الشركة "إن خسائرها في قطاع التنقيب والإنتاج عوضتها المكاسب التي حققتها في قطاع المشتقات النفطية الذي يقوم بشراء النفط لتحويله إلى بنزين وغيره، فيما تضاعفت العائدات من عمليات تكرير ومعالجة النفط لتصل إلى ملياري دولار، وبقيت عائدات المنتجات الكيميائية عند 1.2 مليار دولار". وأشار ريكس تيلرسون الرئيس التنفيذي لشركة أكسون موبيل، إلى أن النتائج الفصلية تعكس استمرار قوة قطاع المشتقات النفطية والمنتجات الكيميائية في الشركة وتؤكد مزايا نموذجنا للأعمال الذي يعتمد على التكامل، وارتفع سهم الشركة بنسبة 0.5 في المائة ليصل إلى 82.65 دولار. أما منافستها "شيفرون"- ثاني أكبر شركة منتجة للنفط في الولايات المتحدة- فقد خفضت هي الأخرى ميزانيتها الرأسمالية لعام 2016 بنسبة 25 في المائة وتعتزم تسريح نحو 10 في المائة من موظفيها في أحد أكبر تداعيات هبوط أسعار النفط حتى الآن. ودفع هبوط أسعار النفط "شيفرون" وعشرات من نظيراتها إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن تحديد المشاريع التي سيمولونها والتي لن تمول من أجل تعويض التراجع الطبيعي في إنتاج حقولها الحالية. وتخطط "شيفرون" لإنفاق ما بين 25 و28 مليار دولار العام المقبل وتتوقع خفض إنفاقها بدرجة أكبر في عامي 2017 و2018 ما يمثل إقرارا بأن من غير المتوقع أن ترتفع أسعار النفط في المستقبل القريب. وأضافت الشركة التي تتخذ من مدينة سان رامون في ولاية كاليفورنيا مقرا لها "إنها ستسرح ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف موظف في إطار خفض التكاليف". وسجلت "شيفرون" هبوطا حادا في الأرباح الفصلية رغم أنها لا تزال أفضل من توقعات وول ستريت بسبب خفض التكاليف وقوة هوامش التكرير، وحققت الشركة صافي ربح بلغ 2.04 مليار دولار بما يعادل 1.09 دولار للسهم مقابل 5.59 مليار دولار تعادل 2.95 دولار للسهم قبل عام، وخفضت "شيفرون" نفقات التشغيل والإدارة بنسبة 7 في المائة خلال هذا الربع لكن هذا الخفض لم يكن كافيا لتعويض الهبوط في الأسعار بشكل كامل. وتراجع سعر البرميل من 90 دولارا إلى أقل من 50 بين نهاية حزيران (يونيو) 2014 وأيلول (سبتمبر) 2015، بعد أن بلغ أكثر من 110 دولارات في بداية حزيران (يونيو) العام الماضي. وأوضح ألكسندر آندلاور، المختص النفطي في "ألفا فاليو"، أن هناك مزيدا من خيبة الأمل بسب حجم التدهور الناجم عن التعديلات في أسعار النفط على المدى الطويل أو المعاملات. فشركة شل على سبيل المثال، انخفضت قيمة أصولها بقيمة 3.7 مليار دولار ضمنها 2.3 مليار للغاز الصخري في الخارج فقط، كما أوقفت المجموعة الحفر المثير للجدل قبالة آلاسكا وفي الرمال النفطية في كندا، ومن المفارقات، أن أعمال التكرير كانت تلقي بثقلها على نتائج شركات النفط في السنوات الأخيرة، لكنها أصبحت الآن تحقق بعض الأموال لها. ونظرا لغياب تحسن حقيقي في الطلب بسبب إغراق الأسواق ببراميل النفط، فإن كل الشركات تطبق الوصفة ذاتها، لأنها جميعها لديها نفس القيود، أي إرضاء مساهمين متطلبين على المدى القصير بشكل خاص. وقررت الشركات خفض استثماراتها بشكل كبير بإجمالي عشرات المليارات من الدولارات، إضافة إلى إلغاء آلاف الوظائف، وقال جاسبر لاولر، المحلل المالي "إن شركات النفط الكبرى تقلل بشكل كبير من استثماراتها من أجل تعزيز فعالية عملياتها مع سعر 60 دولارا للبرميل". وأضاف لاولر، أنه "مع انخفاض متوقع في الولايات المتحدة للإنتاج فالفكرة هي أن أسعار النفط ستبلغ 60 دولارا للبرميل في المدى المتوسط. وهذا يتيح لهذه الشركات الاستمرار في توزيع أرباح من خلال زيادة حجم الديون على المدى القصير بسبب تدني معدلات الفائدة. ومع وصول سعر البرميل إلى هذا المستوى، قررت "توتال" استخدام احتياطها النقدي لتقديم أرباح للمساهمين اعتبارا من العام 2017"، وأوضح آندلاور أن خطاب الشركات ينص على أنها ستبذل قصارى جهدها لتجنب خفض توزيع الأرباح، فهي تفضل خفض الإنفاق الرأسمالي "الاستثمارات" مليارين أو ثلاثة مليارات بدلا من المس بالأرباح، مضيفاً أن "الشركات الكبرى ترغب في تلبية توقعات الأسواق المالية، خصوصا صناديق الاستثمار، فإذا انقطعت الأرباح، فسينتهي التدفق من هذه الجهات الفاعلة، وفي أوروبا، وجدنا شركة إيني وحدها هي التي اجتازت هذه الخطوة. لكن لدى هذا النهج جانب سلبي، فهو يعاقب الأرباح المستقبلية للشركات النفطية عن طريق الحد من إنتاجها"، واعتبر دمبيك في هذا السياق أنها مرحلة "نحاول فيها التقنين وتوفير بعض الأمور خصوصا إرضاء المساهمين، لكن لم يعد لدينا خطة تنمية استراتيجية"، مشيراً إلى أنه بدلا من خفض الأرباح، "فإننا نوقف الاستثمارات، وبالتالي نحصل على نتائج مالية وربحية في عام 2020، لكن من وجهة نظر صناعية، فإن ما يحدث هو أمر معيب".

مشاركة :