سمح البنك المركزي الصيني أمس للمصارف المركزية الأجنبية بفتح حسابات تسوية باليوان في المؤسسات المالية المحلية. وبحسب "رويترز"، فقد ذكر بنك الشعب الصيني (المركزي) في بيان نشر على موقعه الإلكتروني أنه سمح للبنوك المركزية الأجنبية بفتح حسابات إيداع في المصارف المحلية لإجراء صفقات لمبادلة العملة. ولم تُعق التخفيضات المتتالية للعملة الصينية في آب (أغسطس) الماضي خطوات مضي اليوان نحو العالمية، إذ يتواصل ازدياد المصارف والشركات العالمية التي تمارس نشاطاتها التجارية بالعملة الصينية. وأصبح اليوان رسمياً العملة الرابعة الأكثر تداولاً بين العملات الصعبة في العالم بعد الدولار الأمريكي، واليورو، والجنيه الاسترليني، في حين كان حتى نهاية عام 2014، سابع أكبر عملة للدفع، وتاسع أكبر عملة للتبادل التجاري في العالم. والآن، يمثل اليوان، المعروف أيضاً باسم "رنمينبي" 2.79 في المائة من المعاملات الدولية، ليتجاوز للمرة الأولى حجم التجارة في الين الياباني. ويعيد "تدويل" اليوان، وتحويله إلى عملة احتياطي نقدي عالمي ترتيب قواعد اللعبة في عالم العملات، وربما تكون هذه الخطوة في مصلحة الصين التي تسعى جاهدة إلى اختطاف صدارة الاقتصاد العالمي من الدولار. ويعتقد البعض أن الدعم الأوروبي لاعتبار اليوان عملة دولية يشير إلى اتساع الفجوة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، بعد أن انتقدت تقدمهم بطلب عضوية بنك الاستثمار والبنية التحتية، ومع هذا فإن مواقف المحللين تتباين تجاه مدى استفادة واشنطن من إدماج العملة الصينية في احتياطات صندوق النقد الدولي. ويرى البعض أن القبول الدولي باليوان يعود في الأساس إلى التغيرات التي حدثت في نمط التنمية الصينية خلال السنوات الماضية، وقد قلصت تلك التغيرات من التحدي الدولي الذي يمثله الاقتصاد الصيني للاقتصادات الكبرى. وأشار وزير المالية الصيني خلال زيارة إلى لندن أخيرا وفي ندوة له في مدرسة لندن للاقتصاد، إلى أن الصين حتى قبل وقوع الأزمة الاقتصادية في 2008، قررت التحول من التنمية القائمة على التصدير إلى التنمية القائمة على الاستهلاك المحلي. ويقول بيرت أون، المحلل المالي، "إن هناك عملية تحديث صينية مكثفة في الآونة الأخيرة بشأن عدد من القوانين المالية وتطوير قوانين حماية الملكية الخاصة التي كانت إحدى أكبر النقاط الخلافية مع البلدان الأوروبية والولايات المتحدة، وسيتم تطوير وتحديث قوانين الملكية خاصة الملكية العقارية عبر التخلص من الرواسب المتبقية من الإجراءات الإدارية للنظام الشيوعي". وهذا كله يؤهل الصين أن تصبح مركزا ماليا دوليا، "فإذا أخذنا في الاعتبار امتلاك الصين كفاءات عملاقة وتنوعا مجتمعيا، وعلاقات اقتصادية وروابط مالية مع المنطقة الآسيوية التي تعد من المناطق الأسرع نموا في العالم، فإننا أمام تحد واضح للمراكز المالية الأوروبية والأمريكية، ويمثل إقرار صندوق النقد اليوان كعملة دولية تهديداً للدولار الذي ربما يفقد مركزه كإمبراطور للعملات بحلول منتصف القرن الحالي". وأشارت وكالة "شينخوا" الرسمية الصينية في تقرير لها إلى أنّ تدويل اليوان الصيني يتوقع أن يجلب عديدا من الفوائد على المستوى العالمي، حيث تم إطلاق المرحلة الأولى لنظام الدفع باليوان عبر الحدود في المصارف الصينية في شنغهاي، ما سمح للمؤسسات المالية بالتمتع بخدمات المقاصة وتسويات رأس المال لمعاملات يوان عبر الحدود. ووافقت الصين على منح حصة قيمتها 50 مليار يوان (8.1 مليار دولار) للمستثمرين الأجانب الاعتباريين المؤهلين في شيلي، وتولى بنك التعمير الصيني أعمال مقاصة اليوان في البلاد ليصبح الأول من نوعه في أمريكا اللاتينية. وعلى الرغم أن اليوان لا يتمتع بالمكانة التي تحظى بها العملة الأمريكية من حيث التجارة العالمية، إلا أنه من المنطقي أن تستخدمه الدول للتجارة مع الصين أو الشركات الصينية في الوقت الحالي. ويشمل نظام الدفع باليوان عبر الحدود الذي طال انتظاره وتم إطلاقه بواسطة البنك المركزي الصيني 19 مصرفا صينيا وأجنبيا كمشاركة مباشرة، وأشار البنك المركزي إلى أن المشاركة غير المباشرة وصل عددها إلى 38 مصرفا صينيا و138 مصرفا أجنبيا.
مشاركة :