(كونا) -- اعرب الباحث في معهد الفكر الاستراتيجي التركي جاهد توز اليوم عن اعتقاده بأن حزب العدالة والتنمية قد يحقق الاغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة بمفرده في الانتخابات المبكرة بعد تبدل مواقف الاكراد. وقال توز لوكالة الانباء الكويتية (كونا)ان الاكراد الآن لديهم الشجاعة للتصويت لحزب العدالة والتنمية بعد انهيار عملية السلام الداخلي وتجدد القتال في مناطق شرق وجنوب شرق تركيا. واضاف ان "الناخبين في هذه المناطق شعروا بأن حزب الشعوب الديمقراطي ذا الغالبية الكردية وحزب العمال الكردستاني لا يريدان السلام ما يعني تعطيل المشاريع الاقتصادية". واشار الباحث التركي الى ان الاكراد قبل الانتخابات الاخيرة في يونيو الماضي كانوا ينوون التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي على اساس عرقي وليس لديهم اهتمام بالاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية. واعرب توز عن اعتقاده أن المواطنين والتجار في تلك المناطق يرغبون في استقرار الاوضاع واستمرار المفاوضات بين الحكومة والاكراد والتي تصب في النهاية في مصلحة الشعب الكردي. واتهم "حزب الشعوب الديمقراطي باللجوء الى تحريض المواطنين الاكراد بالكذب والافتراء وتلقي الدعم من عناصر لديها ارتباطات مع حزب العمال الكردستاني". واوضح ان الحكومة التركية دعت مرارا هذا الحزب لتحديد موقفه من حزب العمال الذي "نفذ عمليات ارهابية منذ 40 عاما اسفرت عن قتل نحو 40 الف شخص في داخل تركيا". واعتبر الباحث التركي ان "الشعب الكردي في مناطق شرق وجنوب شرق تركيا يعيش بين سندان فرض حزب الشعوب الديمقراطي للتصويت له ومطرقة تهديد حزب العمال بالسلاح للتصويت للشعوب الديمقراطي". وعزا توز اسباب انجرار وخضوع الشعب الكردي لتلك التهديدات الى مستوى التعليم المتدني في تلك المناطق والصعوبة التي يواجهها حزب العدالة والتنمية في اقناعهم خاصة من ناحية اللغة الكردية وقيام وسائل الاعلام بالتأثير عليهم. واضاف ان حزب العدالة والتنمية والاكراد على حد سواء لم يستغلوا وجود المدارس التقليدية والتي صدر قانون في عام 1928 بإغلاقها ولم ينفذ القانون حتى اللحظة وهي تعمل تحت الارض وتدرس الشريعة الاسلامية وعلوم الفنون ايضا. وتابع الباحث التركي قائلا "العلماء الذين يعملون في هذه المدارس لهم تأثير معنوي كبير جدا على الشعب في هذه المناطق" مؤكدا ان "الحكومة لو استفادت من هؤلاء العلماء في التوعية لم يبق اي وجود للتطرف والارهاب في المنطقة". وفي هذا الصدد دعا توز العلماء وطلاب المدارس وبعض الاكراد المفكرين للتحرك في المنطقة كوجهاء لحل مشاكل المواطنين والعمل على تهدئة الاوضاع فيها. وذكر ان المحافظين الاكراد لم يصوتوا لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الاخيرة مشيرا الى ان نسبة 95 بالمئة من الاكراد هم متدينون والدين حاضر بالدرجة الاولى في كل حياتهم الاجتماعية. وعن احتمال تكرار سيناريو انتخابات يونيو الماضي قال الباحث التركي ان الوضع في تركيا لا يحتمل اقامة حكومة تحالف بين الاحزاب السياسية مبينا ان هناك مشاريع كبيرة تنتظر التنفيذ وقيام حكومة ائتلاف يعني تعطيل هذه المشاريع بالتالي ليس من مصلحة تركيا ولا شعبها الذي يتطلع الى الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي. وأضاف توز انه في حال عدم تحقيق اي حزب للاغلبية المطلوبة فهذا يعني تشكيل حكومة ائتلافية بين حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري أو حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية مستبعدا الحل الاخير خاصة بعد انضمام النائب توغرول توركش الى حزب العدالة والتنمية واستقالته من حزبه الحركة القومية الذي اصدر قرارا بفصله من الحزب بعد مشاركته في الحكومة المؤقتة الحالية. واعرب توز عن اعتقاده بأن حصول حزب العدالة والتنمية على اصوات اعضاء حزب الحركة القومية بعد انضمام توركش للحزب سيسهم ايضا في حصوله على الاغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة اضافة الى عودة كبار مسؤولي الحزب للترشح مرة اخرى اثر تعديل المادة التي تحظر ترشح النائب لأكثر من ثلاث دورات انتخابية وكذلك انضمام اربعة اعضاء من احزاب سياسية مختلفة الى الحزب. واشار الى زيادة نسبة تصويت المغتربين الاتراك الى 7ر43 بالمئة بعد ان كانت النسبة 18 بالمئة في الانتخابات الاخيرة ما يعادل زيادة نسبة الى اربعة بالمئة من 5ر2 بالمئة وهذه نقطة مهمة وايجابية لحزب العدالة والتنمية الذي يسعى لتحقيق نسبة 45 بالمئة في الانتخابات القادمة بعد ان حصل على نسبة 87ر40 بالمئة في الاخيرة. وتوقع انه لن تتغير نتائج الانتخابات المبكرة القادمة كثيرا بحيث لن يتجاوز حزب الشعب الجمهوري نسبة ال 26 بالمئة ويبقى حزب الحركة القومية على نسبته التي سجلها في يونيو الماضي بنحو 16 بالمئة فيما سيتجاوز حزب الشعوب الديمقراطي الحاجز الانتخابي ولكن بنسبة قليلة لا تتجاوز 5ر11 بالمئة بعد ان حقق نسبة 12ر13 بالمئة. واشار الباحث التركي الى فشل تجارب حكومات التحالف في السابق ومطالبة الشعب بادارة الدولة من حزب واحد من اجل الامن والاستقرار مضيفا "في حال عدم حصول العدالة والتنمية على الاغلبية ستكثر المشاكل في تركيا". وأوضح توز ان الشعب التركي عانى من مشاكل كثيرة سواء من الاعمال "الارهابية" آخرها تفجيرا انقرة أو من الانقلابات في الداخل اضافة الى المشاكل الخارجية على الحدود مع العراق وسوريا بخاصة بعد التدخل الروسي اخيرا في سوريا. وبين ان الشعب الآن يختار مصير بلد لا حزب خاصة مع زيادة عدد قتلى رجال الامن في الآونة الاخيرة في الاشتباكات مع حزب العمال. واشار الى ان الحكومة لن تتهاون في محاربة "الارهاب" وشنت عمليات عسكرية في داخل تركيا وفي شمال العراق وجمدت عملية السلام لحل القضية الكردية. وعن احتمال تعرض البلاد لأعمال "ارهابية" في هذه الايام لم يستبعد الباحث التركي حدوث ذلك رغم التدابير الامنية المشددة على مراكز الاقتراع في جميع المناطق. واضاف ان هناك اعادة توزيع مراكز اقتراع في بعض المناطق التي تشهد اشتباكات مسلحة معربا عن اعتقاده بأنه امر ايجابي وسيؤثر على اقبال الناخبين على التصويت بحرية. وحقق حزب العدالة والتنمية الذي انفرد بالسلطة منذ عام 2012 المركز الأول في الانتخابات التي اجريت في يونيو الماضي لكنه فشل في تحقيق الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة بمفرده وهي عدد نصف مقاعد البرلمان زائد واحد ما يعادل 276 مقعدا. وحصل الحزب على 258 مقعدا تلاه حزب الشعب الجمهوري ب 132 مقعدا وحزبا الحركة القومية والشعوب الديمقراطي الذي دخل البرلمان لأول مرة كحزب لكل منهما 80 مقعدا ويجب على الاحزاب تجاوز الحاجز الانتخابي والبالغ نسبته عشرة بالمئة لدخول البرلمان كحزب. ودخل الحزب في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية وتعذر نجاح المفاوضات بعد فرض الحزبين شروطا تعجيزية منها تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية واعادة محاكمة الوزراء المتهمين بالفساد وإنهاء عملية السلام ما جعل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يدعو الى انتخابات مبكرة في الأول من نوفمبر المقبل.
مشاركة :