بيروت - (وكالات الأنباء): قتل ستة أشخاص وأصيب ثلاثون على الأقل بجروح امس الخميس في اشتباكات مسلحة تخللها تبادل لإطلاق النار والقذائف الصاروخية تزامناً مع تظاهرة لمناصري «حزب الله» وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، في تصعيد يُنذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة. وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، الى ساحة حرب شهدت اطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم وجود وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990). في شوارع مؤدية إلى مستديرة الطيونة، شاهد مصور لوكالة فرانس برس امس الخميس مسلحين، بينهم مقنعون، من حركة أمل وحزب الله وقد وضع بعضهم شارات تؤكد انتماءهم الحزبي، يطلقون النيران باتجاه أبنية يوجد فيها قناصة، فيما لم يكن الطرف الآخر واضحاً للعيان. وتعرض القاضي طارق بيطار خلال الأيام الأخيرة لحملة ضغوط قادها «حزب الله» القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللها مطالبات بتنحيته. وأعلن الجيش اللبناني أنه «خلال توجه محتجين الى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو، وقد سارع الجيش الى تطويق المنطقة والانتشار في احيائها». ولم يحدد الجيش هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص. وحذر الجيش من أن وحداته «سوف تقوم باطلاق النار باتجاه اي مسلح يوجد على الطرقات وباتجاه اي شخص يقدم على اطلاق النار». وناشد المدنيين إخلاء الشوارع. وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي أن «الإشكال بدأ باطلاق النار من خلال القنص» ما أسفر عن «إصابات بالرأس»، متحدثاً عن سقوط ستة قتلى. وأعلن الصليب الأحمر اللبناني بدوره مقتل خمسة أشخاص وإصابة 30 شخصاً آخرين. وقالت مديرة الطوارئ في مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية لبيروت مريم حسن لوكالة فرانس برس أن بين القتلى الذين وصلوا إلى المستشفى امرأة في الرابعة والعشرين من العمر أصيبت جراء طلق ناري في الرأس خلال وجودها في منزلها. وفي باريس، عبرت فرنسا امس الخميس عن قلقها إزاء أعمال العنف الدامية التي جرت في لبنان على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع العام الماضي، ودعت جميع الأطراف إلى التهدئة. وقالت وزارة الخارجية في بيان إن «فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء العرقلة الاخيرة لحسن سير التحقيق... وأعمال العنف التي وقعت في هذا السياق. ان فرنسا تدعو جميع الأطراف إلى التهدئة». وجاء في بيان الخارجية الفرنسية «يجب أن يتمكن القضاء اللبناني من العمل بشكل مستقل وحيادي في إطار هذا التحقيق، من دون عراقيل وبدعم كامل من السلطات اللبنانية». وأضاف «اللبنانيون ينتظرون توضيح ملابسات انفجار المرفأ، بالكامل. لديهم الحق في معرفة الحقيقة». أودى الانفجار الذي وقع في 4 غسطس 2020 بأكثر من 200 شخص وألحق أضرارا بمساحة كبيرة من العاصمة اللبنانية. واتهم حزب الله وحركة أمل «مجموعات من حزب القوات اللبنانية»، أبرز الأحزاب المسيحية التي شاركت في الحرب الأهلية ويعد اليوم معارضاً شرساً لحزب الله، بـ«الاعتداء المسلح» على مناصريهما. واستنكر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع ما حصل في محيط منطقة الطيونة، معتبراً أن «السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلِّت والمنتشر والذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان». وأعاد المشهد إلى الأذهان بالنسبة إلى الكثيرين ذكريات الحرب الأهلية المؤلمة.
مشاركة :