مرة أخرى تعود "نيوم" إلى تصدُّر واجهة الأحداث، وتحظى بحضور كبير في وسائل الإعلام المحلية والعالمية عطفًا على ما يرد منها من أخبار، وما يجري فيها من حراك على الأصعدة كافة.. فالمدينة التي تعتمد على وسائل التقنية الحديثة ومخرجات الذكاء الاصطناعي تشرفت خلال الفترة الماضية بوجود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله - لفترات طويلة؛ وهو ما جعلها مصدرًا للأخبار لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأخرى. وخلال اليومَين الماضيَين نالت المدينة تغطية متميزة، وورد اسمها في كثير من المحافل العلمية بعد نشر نتائج البعثة المشتركة التي نفّذتها المدينة بالتعاون مع جهات علمية لاستكشاف شمال البحر الأحمر على متن السفينة (أوشن إكسبلورر)، التي تُعد إحدى أكثر سفن الاستكشاف والبحث تقدمًا في العالم. وقدمت البعثة بعد الرحلة التي امتدت ستة أسابيع بحثًا علميًّا خاصًّا بالنظم البيئية البحرية، أعلنت فيه مجموعة من الاكتشافات العلمية غير المسبوقة، تتمثل بوجود مجموعة نادرة من الكائنات البحرية، بعضها مهدد بالانقراض، ومستوطنات جديدة لشعاب مرجانية نادرة، تتميز بمقاومتها التغير المناخي، وثلاث جزر غير مستكشفة، وثلاثة مواقع بحرية، وحطام سفن قديمة. هذه النتائج العلمية المبهرة حتمًا سوف تجعل المدينة قبلة للبعثات العلمية من كبرى المؤسسات البحثية والجامعات المرموقة في العالم، وهذا -من وجهة نظري- الهدف الرئيسي الذي من أجله أُنشئت نيوم، وهو تطوير البيئة البحثية التي تؤدي إلى إحداث نهضة علمية تقود السعودية إلى مصاف الدول الكبرى، وتلحقها بما بات يعرف بالاقتصاد الرقمي؛ لأن نيوم ليست مدينة سياحية فقط؛ فكل شيء فيها يعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي والتقدم العلمي المبهر، في أجواء صديقة للبيئة، وخالية من التلوث. التسارع الكبير في إكمال البنية التحتية للمدينة، الذي وصل حد إقامة خادم الحرمين الشريفين وكبار مسؤولي الدولة، واستضافة الوفود العالمية، يؤكد أن نيوم هي حجر الزاوية في تنفيذ مخرجات رؤية السعودية 2030، وأن العمل قد قطع شوطًا بعيدًا في الانتهاء من المدينة التي ستكون علامة فارقة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط برمتها؛ لأنها استحدثت مفاهيم جديدة في صناعة السياحة، وابتعدت عن التقليدية والروتين باعتمادها على التقنية المتطورة، والمزاوجة بين الاستثمار الاقتصادي والنهضة العلمية. ولأن القيادة تولي أهمية كبرى للمدينة فقد بدأ العمل فيها على الفور بمجرد إعلان الرؤية، ولم يتوقف أو تنخفض وتيرته رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بالعالم، وتأثرت بها السعودية كغيرها من الدول نتيجة لجائحة كورونا التي أثرت بشدة على حركة الاقتصاد العالمي؛ فاستمر كما هو مخطط له؛ والدليل على ذلك هو أن المدينة باتت تستقبل أعلى المسؤولين في الدولة، وتستضيف زوارها، وهو ما لم يكن من الممكن حدوثه لو أن العمل لم يشارف على الانتهاء؛ لأن ذلك يتطلب اكتمال تجهيزات البنية التحتية والمرافق الضرورية والجوانب اللوجستية الأخرى. هذه الجدية الكبيرة في سير العمل مكنت السعودية من تفادي خسائر كبيرة لو كان العمل قد توقف أو تراجعت وتيرته؛ لأنه مرتبط حتمًا بجداول زمنية محددة مع شركات عالمية، تولي أهمية كبرى لعامل الزمن لارتباطها بالبورصات العالمية، وأهمية حركة رؤوس الأموال؛ لذلك تتمسك بتضمين شروط جزائية صارمة في العقود؛ لذلك فإن التزام السعودية بكل ما عليها من التزامات لإنشاء المدينة واستكمال مرافقها لا شك سوف يعزز تصنيفها، ويدعم مكانتها في أسواق المال العالمية. ختامًا، فإن اهتمام وسائل الإعلام العالمية والمؤسسات التعليمية والبحثية بنتائج الكشف العلمي الذي تحقق في نيوم لا شك سوف ينقل للعالم حقيقة ما يجري فعليًّا على الأرض في ذلك المشروع المبتكر، ويقدم صورة حقيقية للجهود التي تُبذل في المدينة، وهو ما يمثل حملة إعلامية ضخمة، كانت تستلزم إنفاق ملايين الدولارات عليها. وحتى لو تم إنفاق ذلك المبلغ على شركات الدعاية والإعلان فإنها ليست قادرة على القيام بذلك كما تحقق الآن؛ لأن عملها سيكون مصطنعًا، ولن يتمتع بالمصداقية التي تحققت الآن.
مشاركة :