لا تزال قضية العنصرية بالولايات المتحدة ملفاً متجدداً بصورة شبه يومية، أحدث فصولها وقع بين جدران مدرسة في ولاية نورث كارولينا قبل أيام ليعيد الزخم للقضية في دولة توصف بكونها دولة مهاجرين وبأن دستورها يجرم العنصرية والتمييز. معلمة ببشرة بيضاء، وبينما تقوم بتدريس مادة عن أهمية الدستور الأمريكي، لتلاميذ بعضهم من السود في الصف الثامن بمدرسة «سنترفيل تشارتر أكاديمي»، طلبت من هؤلاء التلاميذ السود أن يقوموا من مقاعدهم وأن يرفعوا أيديهم، ثم أردفت قائلة «لولا أن الدستور يمنع ذلك، لكنتم عبيداً في حقلي». هذه العبارة تسببت في استقالة، أو بالأحرى إقالة المعلمة من مدرستها بعد شكاوى من الآباء لإدارة المدرسة التي أحالت المعلمة إلى هيئة تقوم بتدريبها على التعامل بدون عنصرية مع طلابها. هي ليست الحادثة الأولى من نوعها في الولايات المتحدة وربما لن تكون الأخيرة، في حق الأمريكيين السود، ولاسيما من ذوي الأصول الأفريقية، وهم أكثر من 40 مليوناً، يحصلون على حقوقهم كأمريكيين في كافة المؤسسات، لكنهم لا ينسون الإرث الاستبعادي لأجدادهم في أمريكا، منذ أن وطئت قدما المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبس الأراضي الأمريكية عام 1492، وهم يسلطون الضوء على مثل هذه الحوادث وغيرها للتأكيد على استمرار موجات العنصرية في بلادهم رغم أن المعلن غير ذلك. وعلى الجانب الآخر، ورغم هذه الشكاوى من السود من تعرضهم المستمر للتمييز والعنصرية وخصوصاً بعد تكرار حوادث وقعت في حق بعض أفراد منهم من قبل ضباط شرطة بيض أو مدنيين أو موظفين، لكن اللافت أن بعض الأمريكيين البيض يرون هم أيضاً أن السود يتمتعون بمميزات تجعلهم في درجة أفضل من ذوي البشرة البيضاء، فمثلاً من حق السود تكوين جمعيات خاصة بهم ولا يشارك فيها سواهم، لكن البيض إن فعلوا ذلك اتهموا بالعنصرية. وتقوم الولايات المتحدة على مبدأ التعددية، ومعظم إعلانات الوظائف بالمؤسسات تضع إقراراً بأنها لا تميز بين المتقدمين لشغل تلك الوظائف بناء على اللون أو الدين أو العنصر أو أي شيء آخر غير الكفاءة والوفاء بالمعايير المهنية المطلوبة وحسب. وبالطبع كان مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد على يد ضابط أبيض البشرة في العام الماضي وغيرها من الحوادث المماثلة مما أثار عاصفة من التظاهرات والجدل حول مستقبل التعايش بين مختلف الأعراق في هذه الدولة. وكان ينظر إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على أنه عنصري بسبب تصريحاته الحادة ضد بعض السود والمهاجرين. ثم تولى الرئيس الحالي جو بايدن رافعاً شعار الوحدة بين الأمريكيين، وهو الذي كان من قبل نائباً لأول رئيس أمريكي أسود، باراك أوباما الذي تولى في 2009. ومنذ اغتيال مارتن لوثر كينج ومالكوم إكس في ستينيات القرن الماضي، وهما اللذان كانا يحاربان التمييز ويدافعان عن المساواة في المجتمع الأمريكي، مروراً بدخول أوباما للبيت الأبيض، يظل ملف العنصرية والتمييز مفتوحاً باستمرار للإضافة والزيادة مع تعاقب أجيال المهاجرين في الولايات المتحدة. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :