المؤتمر يبحث عن التميز والريادة في خدمة العملاء، والتعرف على البيئة التنظيمية ودورها في رفع مستوى الأداء، والتعريف بالاتجاهات الإدارية والتقنية الحديثة في هذا المجال من خلال عرض التجارب المحلية والدولية المؤتمرات الإدارية تخدم مجموعة من الأهداف منها أهداف تخدم التطوير ومتابعة المستجدات في ميدان معين، وتبادل الآراء والخبرات والاستفادة من التجارب، إلى جانب كونها نشاطاً مهماً في تحديث المعلومات وتطبيق الأساليب الحديثة بالنسبة لجهات حكومية ترتبط بشكل مباشر بمصالح الناس، وبتطوير الأداء مثل وزارة الخدمة المدنية ومعهد الإدارة العامة. في هذا الإطار تنظم وزارة الخدمة المدنية بالتعاون مع معهد الإدارة العامة مؤتمر ثقافة العملاء في القطاع الحكومي في الفترة من 5 إلى 7 صفر 1437 بمقر معهد الإدارة العامة. تشير أدبيات المؤتمر وحيثياته إلى الانتقال من مفهوم (المراجع) إلى مفهوم (العميل) والقضية ليست تغيير مصطلح بمصطلح آخر وإنما الانتقال إلى مفهوم جديد في ميدان القطاع العام، يسلط الضوء على احتياجات ورغبات العملاء كعامل مهم يجب أن يؤخذ في الاعتبار في السعي نحو جودة الخدمة ورضا العملاء في القطاع الحكومي. المؤتمر يبحث عن التميز والريادة في خدمة العملاء، والتعرف على البيئة التنظيمية ودورها في رفع مستوى الأداء، والتعريف بالاتجاهات الإدارية والتقنية الحديثة في هذا المجال من خلال عرض التجارب المحلية والدولية. محاور المؤتمر غطت معظم الجوانب ذات العلاقة، لكن أهمية هذا المؤتمر دفعتني للكتابة عنه قبل أن يبدأ لطرح بعض الخواطر والأفكار حول موضوع تطوير خدمة العملاء في القطاع الحكومي. لن أختصر الموضوع وأطلب مقارنة أداء الموظف العام بأداء موظف القطاع الخاص وبحث الأسباب ثم الوصول الى أفكار عملية. الموضوع لا يختزل بهذه الطريقة. وإذا أردنا تطوير أداء الموظف العام فلابد من تطوير بيئة العمل لتكون بيئة إيجابية تنعكس على سلوك الموظف. من هنا تكون البداية عبر السؤال التالي: ماهي بيئة العمل الإيجابية؟ التعريف المختصر لبيئة العمل الإيجابية هو أنها البيئة التي تتوفر فيها العوامل التي تساهم في تحقيق الرضا الوظيفي، وهذا الرضا يظهر في اتجاهات الموظف وسلوكه وأدائه وإنتاجيته. من هنا ننتقل إلى السؤال الثاني وهو: ما هي تلك العوامل؟ هي عوامل كثيرة وتحتاج إلى تفصيل لكنها تندرج تحت عناوين من أبرزها ما يلي: - ظروف العمل المادية. - وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. - التدريب، وفرص التطوير، والإثراء الوظيفي. - الحوافز. - العلاقات الإنسانية. - النمط القيادي السائد. - الاتصالات. - العمل الجماعي. - الجوانب التنظيمية. - الأمن الوظيفي. - التأمين الصحي. تلك بعض العوامل الجوهرية التي تؤثر على مستوى الرضا الوظيفي ومستوى الأداء. وبما أن الرضا الوظيفي مرتبط بكل تلك العوامل فإن من المنطق أن يكون هذا الموضوع هو المحور الأساس في تحسين الأداء، وتطوير خدمة العملاء، وفي قضية الجودة بشكل عام. وقد أثبتت كثير من الدراسات وجود علاقة طردية بين مستوى الرضا الوظيفي ومستوى الإنتاجية. وزارة الخدمة المدنية سبق لها إعداد استبانة لقياس مستوى الرضا الوظيفي لموظفي الخدمة المدنية في جميع الأجهزة الحكومية. أبرز محاور تلك الاستبانة كانت: الأداء الوظيفي، وبيئة العمل الداخلية، والعلاقة مع الرئيس المباشر، والعلاقة بالمديرين والمشرفين. وقد طلب من الموظفين تعبئتها ثم إرسالها لوزارة الخدمة المدنية لتحليلها واستخراج النتائج وإرسالها للجهات الحكومية. في ذهني هنا عدة أسئلة عن تاريخ هذه الاستبانة، وعن نتائجها، وعن الخطوة التالية التي يتم اتخاذها بعد إرسال النتائج إلى الأجهزة الحكومية. هل هناك متابعة لنتائج الدراسة؟ السؤال الآخر يتعلق بالربط بين نتائج تلك الاستبانة مع الموضوعات التي سيتم طرحها في المؤتمر المعنون به هذا المقال. وأعتقد أن نتائج دراسة استبانة عن الرضا الوظيفي وزعت على جميع الأجهزة الحكومية ستكون إضافة مهمة لمؤتمر يناقش تطوير خدمة العملاء في القطاع الحكومي. ويلاحظ أن وزارة الخدمة المدنية أشارت الى أنه بعد الانتهاء من تحليل الاستبانة يتم إعداد تقرير بأهم مخرجات الدراسة على نطاق الجهات المشمولة بنظام الخدمة المدنية، وتهدف لتطوير العمل المؤسسي للأجهزة الحكومية، وستكون بمنتهى السرية ولغرض الدراسة فقط ولن تستخدم لأي غرض آخر! أما كاتب هذا المقال فيتمنى ألا تكون سرية وأن يطبق عليها مبدأ الشفافية الذي تبرزه رسالة الوزارة، وألا تكون مخرجات الدراسة لغرض الدراسة فقط بل تستخدم فعلياً لتطوير العمل المؤسسي وهو الشيء المتوقع من الوزارة وأعلم أن السرية لا يقصد بها عدم تفعيل نتائج الدراسة، لكن الصياغة في ظني غير دقيقة. وبالتالي يبرز سؤال يقول: ماهي آلية تحويل نتائج تلك الدراسة إلى واقع؟ (لا بد من التنويه هنا أنه إذا كانت نتائج تلك الاستبانة قد أعلنت من قبل وفاتني الاطلاع عليها فهذا تقصير مني أعترف به وأعتذر للوزارة) نأتي إلى محور آخر من محاور المؤتمر وهو محور الاتجاهات الإدارية والتقنية الحديثة في خدمة العملاء. في هذا المحور لا يشك أحد في الآثار الإيجابية لاستخدام التقنية على مستوى الخدمة وسرعة الإنجاز بما يخدم الموظف والعميل. وفي هذا المجال تحقق تقدم ملموس لدى بعض الأجهزة الحكومية في تبسيط الإجراءات وسرعة الإنجاز، وسهولة التواصل. ومن باب الشفافية نقول إن وزارة الداخلية تعتبر رائدة في هذا الميدان. ومن المهم الإشارة إلى أن التقنية مهما بلغت من التطور فلن تكون بديلاً للإنسان، ولكنها وسيلة مساعدة. ولذلك فإن الاهتمام بالاتجاهات السلوكية، والتعامل الإنساني سوف يستمر. وقد يتذكر أحدكم الآن أنه كان ينتظر خدمة من موظف مشغول بهاتفه الجوال! وهذا مجرد مثال بسيط القصد منه التذكير بأهمية التكامل بين عناصر منظومة العمل. قد تتطور الأنظمة واللوائح والهياكل التنظيمية وتستخدم أحدث النظم والتقنيات، وكل تلك الجوانب بالغة الأهمية لكنها تكتمل بأن يصاحبها تركيز على الجوانب السلوكية وعناية بالقيم وأخلاقيات العمل، وتنمية الاتجاهات الإيجابية تجاه الآخرين وتجاه العمل، والاهتمام بالوعي الاجتماعي، والإحساس بالمسؤولية، وتكثيف البرامج التي تعزز الانتماء والرغبة في المشاركة، والتفاعل مع ما يخدم الصالح العام. نتمنى للمؤتمر النجاح في تحقيق أهدافه المتمثلة في رفع مستوى خدمة العملاء في القطاع الحكومي وتقديم خدمات حكومية عالية الجودة من خلال تشخيص الواقع، والتعرف على البيئة التنظيمية، وإبراز الاتجاهات الإدارية والتقنية الحديثة، وعرض التجارب المحلية والدولية. كما نتمنى أن يواكب التطوير المنشود المتغيرات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية.
مشاركة :