اعتمدت اللقاحات المستخدمة حتى الساعة ضد فيروس الإنفلونزا الموسمية تقنيات معروفة منذ مدة من الزمن. إلا أن طفرة اللقاحات ضد فيروس «كورونا» المستجد المطورة بتقنية الحمض النووي الريبي المرسال قد تغيّر المعادلة. ويشرع عدد متزايد من المختبرات في تطوير لقاحات ضد فيروس الإنفلونزا باستخدام هذه التكنولوجيا الجديدة. وبهذا، بدأت شركة «سانوفي» الفرنسية، الشركة الرائدة عالمياً في مجال الأدوية المضادة للإنفلونزا، تجاربها على لقاح أحادي التكافؤ من الحمض النووي الريبي (يستهدف سلالة واحدة من الفيروس)، وستباشر التجارب على لقاح رباعي التكافؤ العام المقبل. كذلك شرعت مختبرات «فايزر» الأميركية في سبتمبر الماضي في أولى حقناتها على البشر للقاح مضاد للإنفلونزا يقوم على استخدام تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (ام ار ان ايه)، المستخدمة أيضاً في لقاحها ضد «كوفيد - 19». كما أطلقت شركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية «مودرنا» تجاربها الخاصة في أوائل يوليو. وتوضح اختصاصية المناعة ومديرة الأبحاث في المعهد الوطني للبحث الطبي في فرنسا كلود-أنييس رينو «قبل ستة أشهر من تفشي الوباء، نقوّم السلالات الأكثر انتشاراً. أحياناً نرتكب أخطاء، وهذا يؤدي إلى وفيات». إلى ذلك: «تكمن مشكلة تعطيل الفيروس لتحضير لقاح في أنه يمكن أن يتلف بروتينات سطحية معينة»، تلك التي تحفز الاستجابة المناعية، بحسب «رينو». في المقابل، لا تتطلب تقنية الحمض النووي الريبي المرسال إنتاج مستضدات (مادة غريبة عن الجسم تؤدي إلى الاستجابة المناعية) لأن الخلية البشرية هي التي ستنتج بروتينات الفيروس. ويقول جان جاك لو فور، المحلل في «براين، غارنييه أند كو» إنه «إذا ما حذرت منظمة الصحة العالمية (التي تؤشر إلى السلالات الواجب استخدامها) من حصول تغيير في السلالات المهيمنة، سنتمكن من إحداث تغييرات بسرعة أكبر بكثير مع الحمض النووي الريبي المرسال مقارنة مع التكنولوجيا القائمة». وقد تصل نسبة الفعالية إلى 95 %. لذلك، يسلك باحثون كثر هذا المسار. وقد ركّز نوربير باردي، اختصاصي اللقاحات في جامعة بنسلفانيا على هذه المشكلة خصوصاً من خلال وضع مستضدات عدة في لقاح واحد استخدم فيه الحمض النووي الريبي المرسال وجرّبه على الفئران. وتوقع أخيراً أن «هذه اللقاحات متعددة التكافؤ ستسبب على الأرجح استجابة مناعية أكبر بشكل عام» مقارنة مع اللقاحات الحالية ضد الإنفلونزا. مع ذلك، فإن تقنية الحمض النووي الريبي المرسال لها عيوب، تشمل ظروف التخزين التي تتطلب درجات حرارة منخفضة للغاية. وأوضح نائب رئيس فرع «سانوفي» للقاحات توما تريومف، في تصريحات أدلى بها أخيراً «سيتعين علينا الوصول إلى لقاحات مقاومة للحرارة يمكن تخزينها في الثلاجة عند درجتين إلى ثماني درجات. هناك أشياء كثيرة يجب القيام بها للنجاح في تسخير الحمض النووي الريبي المرسال للتصدي للإنفلونزا».
مشاركة :