بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر- 2021، تنضم الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي إلى المجتمع الدولي في الاحتفاء بهذه المناسبة، مشددة على أهمية اعتبار الفقر المدقع انتهاكا لحقوق الإنسان والاضطلاع بالسؤولية المشتركة في تعبئة الجهود الضرورية الرامية إلى القضاء على الفقر في جميع أنحاء المعمورة. وفي هذا الصدد، أضافت الهيئة أنه في عالم يتميز بمستوى غير مسبوق من التنمية الاقتصادية والتقدم التكنولوجي والموارد المالية، لا يزال ما يقرب من 689 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع و بدخل أقل من 1.90 دولار في اليوم، مما يشكل فضيحة أخلاقية. وإذ تشير الهيئة إلى الآثار المدمرة لجائحة كوفيد-19، التي أدت إلى فقدان ثمرة التقدم المحرز خلال السنوات العديدة الماضية فيما يتعلق بمكافحة الفقر ( حيث وقع ما بين – ( 88 ) – و – ( 115 ) – مليون شخصا في الفقر، أغلبهم في بلدان جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي نفس المناطق التي كانت تعاني من ارتفاع شديد لمعدلات الفقر قبل الجائحة ) ، فقد شددت على أهمية معالجة إشكالية الفقر المدقع على سبيل الأولوية المطلقة. وعلى الرغم من تركيز المجتمع الدولي على تعزيز التنمية والقضاء على الفقر، فقد أثبتت الجائحة بكل وضوح أن العالم يحتاج إلى تغييرات هيكلية للقضاء على الفقر بشكل فعال وبأسلوب يتجاوز الشعارات السياسية الطموحة، والتي أخفقت في استلهام الحلول الحقيقية للمسألة . وعليه، فقد دعت الهيئة المجتمع الدولي إلى ترجمة التركيز العالمي على حماية حقوق الإنسان وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تعتبر قضية مركزية في أجندة التعاون الدولي، إلى تدابير ملموسة يمكن قياسها، مما يساعد على معالجة إشكالية الفقر بشكل فعال. وأضافت الهيئة أن المبدأ الشامل المتمثل في «عدم إغفال أحد»، بوصفه أحد أهم العناصر التحويلية فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة، يجب أن يكون كذلك مصدر توجيه للجهود الرامية إلى القضاء على الفقر على الصعيدين الوطني والدولي . كما شددت الهيئة على أن مرحلة ما بعد كوفيد-19 لا ينبغي أن تركز فقط على معالجة الأضرار الناجمة عن الجائحة، بل وعلى ضرورة تغيير جميع الهياكل التي أخفقت في حماية الفقراء خلال هذه الأزمة. وكما يلاحظ في كثير من الحالات، فإن التدابير المفروضة لوقف تفشي الجائحة غالبا ما أدت إلى تفاقم وضعية الفقراء وازدياد فقرهم، وذلك بسبب الإغلاق العام الذي تعرض له القطاع الاقتصادي غير الرسمي الذي يشكل مصدر عيش أساسي للفقراء. ولذلك، فقد حثت الهيئة كافة الحكومات على تعزيز إطارها القانوني المعني بحقوق الإنسان بما يمكنها من وضع ضرورة احترام الكرامة الإنسانية في صميم السياسات، بما في ذلك الإجراءات المتخذة لمعالجة الأضرار وأوجه عدم المساواة الهيكلية القائمة. وفي هذا الصدد، يجب إشراك الأشخاص الذين يعانون من الفقر بشكل جاد في عمليات صنع القرار بشأن المسائل التي تؤثر على حياتهم . وإذ تشيد الهيئة بالمسؤولية التي تضطلع بها الدول الأعضاء للمنظمة من أجل القضاء على الفقر، وتحديدا في إطار إعمال الحق في التنمية، فإن الهيئة تحث جميع الدول أيضا على ضرورة تكثيف جهودها بما يضمن وضع سياسات تنموية في المجال الاجتماعي والاقتصادي تتخذ من الإنسان محورا لها وتقوم على احترام حقوق الإنسان. كما نوهت الهيئة بأن القضاء على الفقر يشكل ضرورة أخلاقية وروحية في الإسلام، بالإضافة إلى أهميته الإستراتيجية بالنسبة للتقدم السياسي والإقتصادي والإجتماعي لجميع الدول الأعضاء . وفي هذا السياق، شددت الهيئة على المسؤولية الجماعية التي يجب أن يضطلع بها المجتمع الدولي بخصوص تهيئة بيئة إجتماعية وإقتصادية مواتية لتمكين الجميع من التمتع بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم . كما أكدت الهيئة من جديد على أن حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة يعزز بعضها بعضا؛ وبالتالي، فإن تحقيق المقاصد المشتركة من أهداف التنمية المستدامة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية ، فيما يتعلق بالقضاء على الفقر على سبيل المثال، سيشكل إنجازا مهما في المسيرة نحو تحقيق الكرامة الإنسانية لكل شخص، كما ينص على ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
مشاركة :