أصبح الفتى الذي يبلغ من العمر 16 عاما أصغر حارس مرمى يلعب أساسيا في مباراة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بالدوري الإيطالي، ونجح في إثبات وجوده والحفاظ على نظافة شباكه خلال مباراة فريقه ميلان ضد كييفو الأربعاء الماضي. وحتى وقت قريب، كان يتحتم على والدة جيانلويغي دوناروما إحضار شهادة ميلاد ابنها في كل مباراة يشارك فيها. فعندما كان يشارك في مسابقات الدوري المحلي في منطقة خليج نابولي القريبة من بيتهم، كان جيانلويغي يبدو أطول من زملائه بالفريق بقدم كاملة، بينما لم تتعد سنه 11 عاما. وأسبوع بعد آخر، كانت أمه مارينيلا تضطر لإخراج شهادة ميلاد ابنها من حقيبة يدها كي تسترضي منافسيه الذين كانوا يتهمونه بأنه أكبر من أن يشارك في مسابقات تناسب فئاتهم العمرية. وبعد مرور خمس سنوات، لا يزال الحارس الصغير يحلق بعيدا فوق زملائه بالفريق، والتشابه الوحيد الآن هو أنهم جميعا بلغوا مرحلة الرجولة. وباختياره ضمن تشكيلة فريقه في مباراة فريقه أمام ساسالو الأحد الماضي، يعتبر دوناروما الذي يبلغ عمره الآن 16 عاما وثمانية شهور أصغر حارس مرمى على الإطلاق يشارك أساسيا في مباراة بالدوري الإيطالي. وبطوله البالغ 6 أقدام و5 بوصات، كان دوناروما أطول لاعب على أرض الملعب. وأثار اختيار المدرب سينيسا ميهايلوفيتش للحارس الصغير للعب أساسيا في المباراة فضول ودهشة الكثيرين من مشجعي النادي. ولقي دوناروما دوما الاستحسان، ووصفه مدربه السابق، برونو تيدينو، مدرب المنتخب الإيطالي تحت 17 سنة، بأنه حارس المستقبل للمنتخب الإيطالي. لكن هل هو مستعد لتحمل هذه المسؤولية؟ حسب سينيسا ميهايلوفيتش، الإجابة نعم بكل تأكيد، فقد رأى المدرب كيف يذود دوناروما عن مرماه خلال التمرين. وأكد المدرب رأيه بقوله «لا تعنيني السن بقدر ما تعنيني الكفاءة»، مضيفا: «الصبي يتدرب جيدا، ومع كل تمرين حتى الآن يعطيني المزيد من الثقة». ومع كفاح الحارس الآخر، الإسباني دييغو لوبيز، بين قائمي المرمى واستقبال شباكه 14 هدفا في ثماني مباريات في الدوري حتى الآن، ربما شعر ميهايلوفيتش بأنه لم يعد لديه ما يخشى خسارته. وبالنسبة لدوناروما، الوضع يشبه حلما تحقق، فقد تمنى اللعب لميلان منذ أن اتجه أخوه الأكبر، أنتونيو، شمالا للانضمام لأكاديمية ميلان عندما كان جيانلويغي في السادسة من عمره. تبدأ القصة عندما وصل كشاف الفريق إلى مدينة نابولي لتوقيع اتفاق انتقال أنتونيو، إلا أن عينيه وقعتا على الشقيق الأصغر جيانلويغي، فقال ضاحكا: «هل أنت حارس مرمى أيضا؟»، وجاءت الإجابة بكل تأكيد «نعم»، حيث كان جيانلويغي قد بدأ التدريب بالفعل مع خاله، أرنيستو، مدرب حراس المرمى، منذ كان في الرابعة من عمره. التحق جيانلويغي بأكاديمية ميلان في سن الرابعة عشرة بعدما اكتشفته أيضا فرق يوفنتوس، وروما، وأودينيزي، وفيورنتينا، وإنتر ميلان. وقضى الحارس فترة اختبار ناجحة مع فريق إنتر ميلان، بيد أنه اختار ميلان بلا تردد، حتى بعد أن بيع أخوه لفريق جنوا في الوقت نفسه. ونجح جيانلويغي الصغير أيضا في لفت أنظار وكيل اللاعبين مينو رايولا الذي ساعد في إتمام توقيع أول عقد له مع ميلان. وعندما طلبت صحيفة «لاغازيتا ديلو سبورت» الإيطالية أن يختار فريقا يدفع فيه 100 مليون يورو في يناير (كانون الثاني) المقبل، اختار وكيل اللاعبين الحارس الصغير أساسيا في الفريق. لا يخجل رايولا من المغالاة في أسعار لاعبيه، ولذا لم يكن من الصعب تقبل هذا التصريح بإضافة قليل من الملح عليه. غير أن المدرب بيبو إنزاغي أجلس دوناروما على مقاعد البدلاء لأول مرة خلال لقاء فريقه مع فريق سيسينا بعد ذلك بأسابيع قليلة لإراحته حتى لقاء فريقه خارج ملعبه أمام أتلانتا في الأسبوع الأخير من الموسم. وفي تصريح لموقع «فيفو ازورو دوت نت»، قال دوناروما: «إنه لشعور مختلف أن تكون احتياطيا.. يا له من إحساس»، مضيفا: «كل مرة أخرج فيها من الممر المؤدي للملعب وأتوجه لمقاعد البدلاء، استرجع أحلام الطفولة من جديد». تزايدت فرص دوناروما هذا الصيف بعدما أشركه ميهايلوفيتش كبديل قبل نهاية مباراة انتهت بالتعادل السلبي أمام ريال مدريد في بطولة الكأس الدولية للأبطال، ونجح دوناروما في التصدي لضربة ترجيح سددها توني كروس بعد نهاية الوقت الأصلي للمباراة، غير أنه فشل في التسجيل عندما جاء دوره في ضربات الترجيح لتنتهي المباراة بخسارة فريقه الكأس. بيد أن ذلك النوع من الإخفاق يغفر لحارس المرمى، وعلى العكس فقد تعرض ميهايلوفيتش لمشكلات بسبب الأخطاء التي وقع فيها اللاعب نتيجة للثقة الزائدة في النفس التي تولدت في اللاعب في هذه المرحلة السنية الصغيرة. فقد كبد اللاعب فريقه خسارة أمام فريق «بي إس في» في مسابقة فياريجيو بداية هذا العام، عندما اندفع بتهور على خط المرمى إلا أنه خسر السباق نحو الكرة لصالح الخصم على حدود منطقة الجزاء. لم تتكرر مثل تلك اللحظات الحرجة في مباراة ساسولو، فلم يكن دوناروما في مستواه في تلك المباراة التي فشل خلالها في التصدي للضربة الحرة التي سددها دومينيكو بيراردي، ورغم ذلك فاز ميلان بنتيجة 1/2. ويعتبر تمسك ميهايلوفيتش بحارسه الصغير في مباراة فريقه أمام كييفو الأربعاء الماضي تصويتا كبيرا بمنحه الثقة. ويواجه المدرب تهديدا بفقدان موقعه، حيث تهكم رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني على استعدادات الفريق للمباراة للدرجة التي أراد معها وضع اسمه بين الأحد عشر لاعبا الأساسيين على أمل أن تتحسن حظوظ الفريق. ربما لن يحتاج الفريق لذلك في الأيام المقبلة، ففي وجود دوناروما حارسا للمرمى، فاز ميلان على كييفو بهدف دون رد، في ثاني انتصار في أربعة أيام، وكانت تلك هي المباراة الأولى في المسابقة التي حافظ فيها الفريق فيها على نظافة شباكه. لم يكن دوناروما مطالبا بأن يكون عبقريا، وما حدث هو أن فريق كييفو كانت تنقصه الجرأة والتصميم عند المرمى على الرغم من ضغطه على الخصم في نصف ملعبه على فترات. لكن حارس المرمى الصغير أدى مهمته المكلف بها بصد كرات تطلبت رد فعل سريع، وذاد عن مرماه أمام رأسية سيرجيو بيلاريسي في الشوط الأول، وتسديدة ألبرتو بالوتشي في الشوط الثاني. وكان أكثر ما لفت الأنظار اندفاع دوناروما بلا أي داع لمنع هجمة بعد أن أشار حامل الراية باحتساب الكرة تسللا، إلا أن رد الفعل والقوة التي أبداها دوناروما لإيقاف لوكاس كاسترو كانا مدهشين. مرت لحظة عصيبة قبل نهاية المباراة، حيث كان ميلان متقدما بتسديدة لوكا أنتونيلي المباشرة الرائعة في بداية الشوط الثاني، وجاءت الفرصة للفريق المنافس كي يتعادل عندما أسقط دوناروما الكرة ليودعها باول جوز مبوكو المرمى في الوقت الإضافي، لكن لحسن حظ الجماهير في ملعب سان سيرو احتسب الحكم الكرة خطأ نتيجة الالتحام بحارس المرمى. من السابق لأوانه الآن الحكم ما إذا كان دوناروما قادرا على الاحتفاظ بمكانه طوال الموسم أم لا، ناهيك عن تحقيقه لهدفه المنشود بأن يصبح رمزا لناديه ميلان. غير أن حضوره كان سببا في حالة التفاؤل التي سادت ناديه الذي كان أحوج ما يكون إليها. لا يزال بإمكان الحارس الصغير استخدام شهادة الميلاد التي تحتفظ بها مارينيلا في حقيبة يدها كي يعود للعب مع الصغار في مثل سنه إن أراد، لكنه بكل تأكيد لا يبدو غريبا بين الكبار.
مشاركة :