هل تصبح تقنية الحمض النووي المرسال أساس التطعيم ضد الإنفلونزا؟

  • 10/19/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن أثبتت تقنية الحمض النووي الريبي المرسال فعالية في تطوير لقاحات كورونا ستصبح هذه التقنية أساس التطعيمات ضد الإنفلونزا. وبدأت العديد من الشركات العالمية مثل سانوفي وفايزر وموديرنا في تطوير لقاحاتها ضد الإنفلونزا بالاعتماد عليها. باريس – حل موسم الإنفلونزا في بلدان نصف الكرة الأرضية الشمالي، مع أعراضه المختلفة من حرارة وسعال وارتجاف، مترافقا مع حملات التلقيح.. لكن فيما اعتمدت اللقاحات المستخدمة حتى الساعة ضد هذا الفايروس تقنيات معروفة لكن غير فعالة بالكامل، فإن طفرة اللقاحات بتقنية الحمض النووي الريبي المرسال قد تغيّر المعادلة. ولم يكن “آر.أن.إيه” شيئا مذكورا قبل اكتشافه أوائل ستينات القرن العشرين، حين أصبح معروفا أنه ينسخ في نواة الخلايا ويخرج منها ولا يعود أبدا، آخذا معه نسخة من الشفرة الجينية التي يحملها أخوه الأكبر “دي.أن.إيه” (DNA) وغايته نقل الرسالة إلى خلايا الجسم، ومن هنا جاءت تسميته “المرسال”. وبهذه الطريقة تبقى النسخة الأصلية من الشفرة الوراثية مخفية ومحفوظة بالنواة، في حين تخرج النسخة المترجمة إلى لغة تفهمها الأجهزة الخلوية لتجعلها تقوم بوظائفها، وتترجمها مصانع البروتين، الريبوسومات، إلى مكونات أساسية لعمل الخلايا بشكل صحي. ويشرع عدد متزايد من المختبرات في تطوير لقاحات ضد فايروس الإنفلونزا باستخدام هذه التكنولوجيا الجديدة. وبهذا بدأت “سانوفي”، الشركة الرائدة عالميا في مجال الأدوية المضادة للأنفلونزا، تجاربها على لقاح أحادي التكافؤ من الحمض النووي الريبي (يستهدف سلالة واحدة من الفايروس)، وهي ستباشر التجارب على لقاح رباعي التكافؤ العام المقبل. فيما اعتمدت اللقاحات المستخدمة حتى الساعة تقنيات معروفة لكن غير فعالة، فإن طفرة اللقاحات بتقنية الحمض النووي الريبي المرسال قد تغيّر المعادلة كذلك شرعت مختبرات “فايزر” الأميركية في سبتمبر في أولى حقناتها على البشر للقاح مضاد للأنفلونزا يقوم على استخدام تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (أم.آر.أن.إيه)، المستخدمة أيضا في لقاحها ضد كوفيد – 19. كما أطلقت شركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية “موديرنا” تجاربها الخاصة في أوائل يوليو. ما فائدة هذه التقنية التي ثبتت فعاليتها ضد كوفيد – 19 لكن لم يتم استخدامها قبلا ضد فايروسات أخرى؟ لقاحات الإنفلونزا موجودة منذ فترة طويلة، لكن فعاليتها ليست كاملة: فهي تستخدم فايروسات معطلة يجب تحضيرها مسبقا لتحقيق فعالية تتراوح بين 40 في المئة و60 في المئة، أو حتى 70 في المئة. وتوضح اختصاصية المناعة ومديرة الأبحاث في المعهد الوطني للبحث الطبي في فرنسا كلود-أنييس رينو “قبل ستة أشهر من تفشي الوباء، نقوّم السلالات الأكثر انتشارا. أحيانا نرتكب أخطاء، وهذا يؤدي إلى وفيات إضافية كبيرة”. إضافة إلى ذلك “تكمن مشكلة تعطيل الفايروس لتحضير لقاح في أنه يمكن أن يتلف بروتينات سطحية معينة”، تلك التي تحفز الاستجابة المناعية، بحسب رينو. في المقابل، لا تتطلب تقنية الحمض النووي الريبي المرسال إنتاج مستضدات (مادة غريبة عن الجسم تؤدي إلى الاستجابة المناعية) في الملايين من البيض، لأن الخلية البشرية هي التي ستنتج بروتينات الفايروس. Thumbnail ويقول المحلل في “براين، غارنييه أند كو” جان جاك لو فور “إذا ما حذرت منظمة الصحة العالمية (التي تؤشر إلى السلالات الواجب استخدامها) من حصول تغيير في السلالات المهيمنة، سنتمكن من إحداث تغييرات بسرعة أكبر بكثير مع الحمض النووي الريبي المرسال مقارنة مع التكنولوجيا القائمة”. وقد تصل نسبة الفعالية إلى 95 في المئة. لذلك يسلك باحثون كثر هذا المسار. وقد ركّز اختصاصي اللقاحات في جامعة بنسلفانيا نوربير باردي على هذه المشكلة خصوصا من خلال وضع مستضدات عدة في لقاح واحد استخدم فيه الحمض النووي الريبي المرسال وجرّبه على الفئران. وهو توقع أخيراً عبر وكالة فرانس برس أن “هذه اللقاحات متعددة التكافؤ ستسبب على الأرجح استجابة مناعية أكبر بشكل عام” مقارنة مع اللقاحات الحالية ضد الإنفلونزا. مع ذلك، فإن هذه التكنولوجيا لها عيوب، بما يشمل ظروف التخزين التي تتطلب درجات حرارة منخفضة للغاية. وأوضح نائب رئيس فرع “سانوفي” للقاحات توما تريومف في تصريحات أدلى بها أخيرا “سيتعين علينا الوصول إلى لقاحات مقاومة للحرارة يمكن تخزينها في الثلاجة عند درجتين إلى ثماني درجات، على شكل محاقن. هناك أشياء كثيرة يجب القيام بها للنجاح في تسخير الحمض النووي الريبي المرسال للتصدي للأنفلونزا”. كذلك هناك “مسألة المقبولية”، بحسب لو فور الذي يسأل “هل سيطمئن السكان بشأن هذه التكنولوجيا بحلول الوقت الذي تصل فيه هذه اللقاحات، أم ستبقى لديهم تحفظات”؟ لكن ذلك لا يثبط الشهية المفتوحة على هذه التكنولوجيا. ويوضح لو فور “لقد أدركت سانوفي أنها لا تستطيع تجاهل هذه التكنولوجيا؛ فلقاحات الإنفلونزا تمثل 2.5 مليار يورو من إجمالي مبيعاتها كل عام”. وتقول جميلة البوقريني المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية في شركة “إنفست سيكيوريتيز” لدراسات البورصة “إنها سوق جذابة للغاية للمختبرات الكبيرة. وبصرف النظر عن موديرنا، الوافدة حديثا إلى هذا القطاع، فإن المختبرات الأخرى، مثل سانوفي أو أسترازينيكا أو جي.أس كاي، قد رسخت موقعها في مجال مكافحة الإنفلونزا”. وتوضح أن هذه السوق “وفّرت مبيعات بقيمة 5 مليارات دولار عام 2020. وفي عام 2021، من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 6.5 مليار دولار وحتى 7 مليارات دولار” مع نمو سنوي متوقع بنحو 7 في المئة إلى 8 في المئة للفترة 2020 – 2026. ويعد لقاح الإنفلونزا أفضل ما يراهن عليه المرء لتنجنب الإصابة بها. وغالبًا ما يحميك الحصول على لقاح الإنفلونزا من الإصابة بها. وينصح الأطباء بأخذ لقاح الإنفلونزا رغم أنه لا يوفر دائمًا حماية كاملة. وسيوفر لقاح الإنفلونزا السنوي هذا العام حماية ضد أربعة أنواع من فايروسات الإنفلونزا المتوقع انتشارها في هذا الموسم. وستتوفر للبالغين بعمر 65 سنة فأكثر لقاحات أنفلونزا عالية الجرعة، ولكنها قد لا تتوفر في جميع المراكز الطبية. Thumbnail والإنفلونزا، عدوى تصيب الجهاز التنفسي ويمكن أن تسبب في مضاعفات خطيرة، وخاصة لدى الأطفال الصغار وكبار السن والأشخاص المصابين بحالات طبية معينة. ورغم أنها غير فعَّالة بنسبة 100 في المئة إلا أن لقاحات الإنفلونزا أفضل طريقة لمنع المعاناة الناجمة عن الإنفلونزا ومضاعفاتها. وتُوصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بلقاح الإنفلونزا السنوي لكل من يبلغ من العمر 6 أشهر أو أكثر. يُصنع لقاح الإنفلونزا من قِبَل شركات خاصة ويستغرق إنتاجه حوالي ستة أشهر. ويعتمد توفر لقاح الإنفلونزا على وقت اكتمال إنتاجه. ولكن بشكل عام، يبدأ شحن اللقاحات داخل الولايات المتحدة في شهر أغسطس. وقد يبدأ الأطباء والممرضون بإعطاء لقاح الإنفلونزا للناس فور توفره في مناطقهم. ويستغرق تكوين المناعة ما يصل إلى أسبوعين بعد أخذ اللقاح، ولكن يمكن للجسم الاستفادة من اللقاح حتى إذا أخذه الشخص بعد بدء موسم الإنفلونزا. ومن الأفضل عادة لسكان الولايات المتحدة أن يأخذوا لقاح الإنفلونزا في سبتمبر وفي أكتوبر، وأن يحرصوا على أخذه قبل نهاية شهر أكتوبر. ونظرًا لأن فايروسات الإنفلونزا تتطور بسرعة كبيرة، قد لا يحمي اللقاح الذي تلقاه الشخص العام الماضي من الإصابة بفايروسات هذا العام. ويتم إصدار لقاحات جديدة للأنفلونزا كل عام لمواكبة فايروسات الإنفلونزا سريعة التكيُّف. مع ذلك، فإن هذه التكنولوجيا لها عيوب، بما يشمل ظروف التخزين التي تتطلب درجات حرارة منخفضة للغاية وعندما يتلقى الشخص اللقاح، يُنتج جهازه المناعي أجسامًا مضادة لحمايته من الفايروسات التي فيه. لكن قد تنخفض مستويات الأجسام المضادة مع مرور الوقت وهذا سبب آخر يستدعي تلقي لقاح الإنفلونزا كل عام. وتوصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بلقاحات الإنفلونزا السنوية لكل شخص يبلغ من العمر 6 أشهر أو أكثر. يعد التطعيم مهمًا خصوصًا للأشخاص الأكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا، ومن بينهم: الحوامل وكبار السن والأطفال الصغار والأشخاص الذين يعانون من ضعف أجهزة المناعة. وعند أخذهم لقاح الإنفلونزا لأول مرة، قد يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وثماني سنوات إلى جرعتين من لقاح الإنفلونزا تفصل بينهما أربعة أسابيع. بعد ذلك، يمكن إعطاؤهم جرعة واحدة كل سنة من لقاح الإنفلونزا. وأظهرت دراسة أجريت عام 2017 أن تلقي اللقاح يقلل بشكل كبير من خطر وفاة الأطفال الناتجة عن الإصابة بالإنفلونزا. وهناك أمور قد تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات الإنفلونزا، مثل الحالات الطبية المزمنة. ومن الأمثلة على ذلك: الربو ومرض السرطان وعلاجه وداء الانسداد الرئوي المزمن ومرض القلب والتليف الكيسي ومرض السكري والحالات الصحية المتعلقة بالدماغ والجهاز العصبي وفايروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز وأمراض الكلى أو الكبد والسُمنة. يجب على أي شخص لديه حالة صحية مزمنة أن يأخذ لقاح الإنفلونزا. كما ينبغي على الأشخاص الذين يعيشون في دور رعاية المسنين أو غيرها من مرافق الرعاية الطويلة الأجل الحصول على لقاح الإنفلونزا.

مشاركة :